لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تنفيسة| «حوار الاجيال».. صورة للإعلام الهادف

محمد جادالله

تنفيسة| «حوار الاجيال».. صورة للإعلام الهادف

محمد جادالله
07:18 م الإثنين 09 ديسمبر 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تلقيت دعوة يوم الاثنين الماضي الموافق الثاني من هذا الشهر، من قِبَلَ رئيس تحرير برامج قناة DMC، لكي أُحل ضيفًا ومحاورًا للشيخ خالد الجندي من علماء الازهر الشريف وعضو المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية، ببرنامج «لعلهم يفقهون» وذلك ضمن الحلقات التي تُعرض كل أربعاء تحت عنوان «حوار الاجيال».

وجاء الحوار حول "التشدد بين التكفير والانحراف" وما هي أسباب التشدد، هل هي الأسرة أم السوشيال ميديا، أم جماعات التطرف، أم الجهل وعدم العلم والمعرفة، أم الأصدقاء؟ وهل الفتاوى المنحرفة سبب رئيس في الانحراف الفكري؟ ولم يقتصر الحوار على هذه التساؤلات، بل امتد حول التجارب الشخصية والمواقف الحياتية التي تعرضنا لها.

وجاء الحوار، حوارًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فلم يكن الشيخ الخالد هو المنفرد بالحديث طوال الوقت، أو الضيفين الآخرين، بل كان الحوار يدور علينا جميعًا، وكان الهدف الأول والأخير الوصول لفهم واضح وصريح لموضوع الحلقة دون فرض رأي على الرأي الآخر.

أما عن التساؤلات التي قدمتها اثناء الحلقة، أذكر منها؛ هل يفلح الخطاب الديني وحده في الصمود أمام دعاوي أصحاب الفكر المتشدد (المتطرف)؟ هل من تصور من قبل سيادتكم يسمح بتطوير وتجديد الخطاب الديني لجعله أكثر فاعلية لمحاربة ذلك الفكر السرطاني البغيض؟

عزيزي القارئ علينا أن نعي جميعًا أنه لا يبقى الانحراف الفكري حبيسًا في عقل صاحبه؛ بل لابد أن ينعكس على سلوكه؛ فتطهر آثار تُعطي دلالات على مدى إيغال صاحب الفكر المتشدد في البعد عن المنهج الذي خطه الحق تبارك وتعالى، وهذه المظاهر تأتي على نقيضين: إما الإفراط في التشدد، أو التفريط بأصول الدين وتعاليمه؛ فالانحراف الفكري هو ميل عن الطريق المستقيل، سواء كان نحو الإفراط أو التفريط، وهذه الآثار تهدد أخلاق المجتمع ووحدته، وتعطي صورة سلبية عن الإسلام، مبنية على الغلو، والتعصب، والقتل، والإرهاب.

والذي يُساعد على ترسيخ هذه الصورة هي أفعال بعض المتشددين من أبناء المسلمين، التي أصبحنا نراها كل يوم من قتل لكل مُخالف دون النظر إلى كونه مُحاربًا، أو مُستأمنًا، أو ذمَّيًّا، أو مُعاهدًا، أضف إلى ذلك استغلال أعداء الدين لوسائل التواصل الحديثة في نشر صورة القتل والعنف على أنها صورة الإسلام الحقيقية. ولهذا نستطيع القول إن الإشكالية الأساسية تكمن هنا فيما يُعرف بالإفراط، وهو المؤدي للإلحاد والتشدد، والتفريط وهو المؤدي للانحراف وبالتالي للتسيب والانحلال.

وتناولنا بالحديث ايضًا أن التطرف الفكري المنتشر هو انحراف خطير ومدمر، وسببه الرئيس هو البعد عن وسطية الإسلام الواردة في قول الحق تبارك وتعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا» (البقرة: 143). ووصلنا ايضًا إلى سمات الشخص المنحرف، لِمَا له من قدرة فكريًا على تضليل وخداع الناس، وبخاصة التغرير بالشباب واستغلالهم مع تشويه الحقائق وطمسها، وفي كلمة واحدة "غسيل العقول"، وهنا نستطيع القول إن مظاهر العنف والعدوان والإرهاب تعتبر نتاج الفكر المتطرف. إلا أن التساؤل الذي كان له وقفة طويلة منا هو ما هي أسباب التشدد؟

وقدمت الإجابة على هذا التساؤل بثلاث كلمات لا رابع لهما، وهم: أسباب دينية، وتربوية، ونفسية. أما عن الدينية فنجد أن الجهل بأحكام الشريعة وعدم الفقه في الدين، ببساطة شديدة وفي جملة واحدة ضعف البصيرة بحقيقة الدين، وعدم التعمق في فقهة، وعدم الإحاطة بأسراره ومقاصده. وايضًا التعصب الأعمى للموروثات وللأشخاص. أي أن الشخص المتشدد يتعصب لمورثاته ولمرجعياته الخاصة. 

أما الأسباب التربوية، فتتلخص جملةً وتفصيلًا في "التقصير في التربية والانشغال"؛ إن انشغال الآباء والامهات عن تربية أبنائهم وتقصيرهم في ذلك، أدى إلى أن يقع هؤلاء الأبناء فريسة سهلة للانحراف الفكري باتجاهيه: الإفراط والتفريط، ويخرج جيلًا ذا شخصية فكرية غير مستقلة، ومن السهل التأثير عليها. وايضًا أصدقاء السوء من أهم أسباب الانحراف الفكري؛ حيث طول المرافقة، والتقارب في العمر الذي يؤدي إلى تقارب في التفكير، وبالتالي، سهولة التأثير، لذا وجب على أولياء الأمور التنبه لهذه النقطة، واختيار الأصدقاء الصالحين لأبنائهم. أما النفيسة، فتتلخص في تقديم الهوى على الشرع، بمعنى ميل النفس واتباع الشهوات، والإعجاب والاغترار بالغرب، وبتعبيرنا الدارج "التقليد الأعمى".

وفي ختام الحلقة تقدمت بالشكر والتقدير لوزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني، ووزارة التعليم العالي، لِمَا بذلوه من تطوير في المناهج الدراسية من خلال استحداث مقررين وهما «احترام الآخر»، و«التفكير الناقد». من أجل تكثيف الجرعة التثقيفية والتوعوية للطلاب والدارسين، بهدف تكوين مناعة فكرية تحميهم من ذلك الفكر العدواني البغيض الهدام.

إعلان

إعلان

إعلان