لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

العمالة المصرية ...ورقة ضغط والعكس !!

إبراهيم علي

العمالة المصرية ...ورقة ضغط والعكس !!

إبراهيم علي
07:11 م الجمعة 09 ديسمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كثيراً ما لعبت بعض الأنظمة العربية بورقة العمالة المصرية الموجودة على أراضيها ...النظام الليبى فى عهد الراحل العقيد مُعمر القذافى ، وخلال العشر سنوات الأولى من القرن الجارى، كثيراً ما استخدم تلك الورقة محاولاً تحقيق الاستفادة الممكنة من وجود أكثر من 3 مليون عامل مصرى لديه ...التلويح بالترحيل الجماعى للعمالة القائمة، ووقف استقدام آخرين، بدعوى وجود مخالفات لقواعد الإقامة، وشروط العمل ، كانت أبرز "الحجج" المعلنة ..على الجانب الآخر كان النظام المصرى وقتها فى عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك ، يتعامل مع كل تحرك على قَدَره ، ويرى الصورة جيداً من منظُور أشمل ...كان كل تلويح ليبى، يَعَقُبه إتصالات وتحركات مصرية واعية، دون تضخيم أو تقذيم ، وكانت كلها تنتهى بإجتماعات وزارية ، وتشكيل لجان مشتركة لتوفيق الأوضاع ، وصولا لاستحداث آليات جديدة لتنظيم تدفق المزيد من العمالة المصرية لسوق العمل الليبى ، ويتم فى النهاية امتصاص "الزوبعة" التى لم تكن لتخرج من "الفنجان"!!

وأنا هنا أؤكد هذا الأمر ، ليس من مَوَقِع المُتابع عن بُعد للأحداث – وقتها- ولكن من مَوَقِع من شاهد وعايش بل ومن شارك فيها.

مساء يوم الأربعاء الماضى ، نشرت صحيفة "القبس" الكويتية تصريحات ، قالت إنها منسوبة لمسؤولين بالحكومة الكويتية، كشفت فيها عن أنه تقرر تعليق ربط القوى العاملة مع مصر ، ووقف أذونات العمل للمصريين حتى إشعار آخر!!

تلك التصريحات أثارت حالة من "البلبلة" ، وتناقلتها وسائل إعلام محلية وعالمية ، مصحوبة بشائعات وتحليلات ذهبت جميعها بعيداً!!

قمت قبل ساعات بإجراء إتصال بصديق وهو مسئولا رفيعاً بوزارة القوى العاملة ، لاستيضاح الموقف.

جاء رده حاسماً ، مؤكداً أن ما حدث لا يعدو عن كونه تصريحات صحفية ، وأن الوزارة لم تتلق أية مكاتبات أو إخطارات من نظيرتها الكويتية بخصوص هذا الأمر، وأن التعاون بين الجانبين يسير بشكل طبيعى، وأنه قبل ساعات تلقت الوزارة طلباً كويتياً باستقدام عدد 200 طبيباً مصرياً للعمل هناك.

بعيداً عن مدى صحة تلك التصريحات مِن عَدَمه، ومع التأكيد على قوة ومتانة العلاقات بين مصر وكافة الدول العربية شعوباً وحكاماً ، ، ولاسيما العلاقات مع دول الكويت الشقيقة التى يعمل بها أكثر من 460 ألف مواطن مصرى ، يُمثلون الجالية الأولى على الأراضى الكويتية من حيث أعداد العمالة الوافدة ، تليها العمالة الهندية.

فإننا نَوَد هنا التأكيد على عدد من الحقائق المُهِمة ، ونَرُد على أسئلة البعض ، وخاصة أولئك اللذين سيطرت عليهم حالة من القلق والتوتر عقب تلك التصريحات غير المُوَثقة.

أولا: ان استقدام الدول العربية لعمالة مصرية للعمل لديها ، أمر لا يَعرف حُباً أو كُرهاً ، ولا يعرف قوة طرف وضَعَفَ طرف آخر، إنما هو أمر يخضع وفقط لقوانين العرض والطلب، وقاعدة الإحتياج المُتَباَدل، فلو أى من أصحاب العمل هناك وجد عاملا اسيوياً سيتقاضى أجراً أقل من العامل المصرى ، وتساوى الإثنين فى الكفاءة والقدرات الإنتاجية ، سيذهب ودون تفكير لإختيار العامل الأسيوى.

ثانياً: إن العمالة المصرية التى ساهمت فى حركة البناء والنهضة والتعمير والتنمية ، وقدمت الخدمات التعليمية والصحية فى تلك البلدان ، تتقاضى أجَرها بعد "كَد وعَرَقَ" وجهد وكفاح وغربة ...وليس لأى سببٍ آخر!!

ثالثاً: إن ما تحاول أن تفعله بعض الدول العربية من تَوطين للوظائف ، واستبدال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة ( السَعَودة – التكويت - ..الخ) لن يفلح فى الاستغناء عن العمالة الوافدة سواء كانت مصرية أو غير ذلك .. ومثال على ذلك أن الأشِقاء السوريين وجدوا فى مصر وظائف، فى الوقت الذى يعانى فيه شَبَابنا من البطالة ويبحثون عن فرص عمل بالخارج ...الأمر له أبعاد آخرى كثيرة وعميقة ترتبط بثقافة ومفاهيم العمل ومستوى الدخل وحجم الطموحات وقَدر الخبرات والمهارات وغير ذلك.

رابعاً: ستظل العمالة المصرية تتمتع بمُمَيزات نسبية مقارنة بالعمالة الآخرى المنافسة لها بدول الخليج ، أهمها المرجعيات الدينية المتطابقة ، ووحدة اللغة ، والتشابه فى العادات والتقاليد ، هذا كله بالإضافة إلى ان العامل المصرى أقصى طموح له هو إدخار مبلغ محدد ثم العودة للوطن ، بخلاف العمالة الأسيوية التى تخطط للإقامة الدائمة والتَجَنُس وتطالب بالحقوق السياسية ..وهناك دول عربية كثيرة تعانى من هذا الأمر حالياً!!

لكل ما سبق ولكثير غيره ، نؤكد أن العمالة المصرية ، ووفقاً للمعايير الموضوعية ، وقوانين العرض والطلب ، وأسس الإحتياج المتبادل ، لم ولن تكون ورقة ضغط يتم التلويح بها فى وجه مصر ، لكن يبقى على الحكومة أن تولى إهتماماً أكبر بها ،فهى أصبحت تُمثل المصدر الأكبر للعُملة الصعبة وتجاوزت تحويلاتها السنوية 32 مليار دولار ، يجب أن تعمل على تأهيلها وتدريبها لتزيد من قدرتها التنافسية، وأن تكون هناك جهة واحدة تتابع شئونها وترعى مصالحها ، بدلا من ان تتشتت بين ثلاث وزارات (الخارجية – الهجرة – القوى العاملة).

إعلان