إعلان

تشيئة الإنسان والأوطان

د. أحمد عبد العال عمر

تشيئة الإنسان والأوطان

د. أحمد عبدالعال عمر
07:01 م الأحد 06 نوفمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

أظن أن الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة محليًا وإقليميًا ودوليًا، لن تجعل الناس وبلادنا والعالم أكثر إنسانية، ولن تزيد من النزوع الإنساني التراحمي بين البشر والدول، بل ستجعل العالم أكثر مادية وقسوة وأنانية، وسوف تُعيدنا إذا تعمقت واتسعت أثارها إلى الحالة الإنسانية الطبيعية التي تكلم عنها الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، وهي حالة الحرب الدائمة بين الإنسان وأخيه الإنسان من أجل الحفاظ على البقاء.

كما سوف تؤدي إلى تسليع وتشيئة الإنسان والأوطان والحياة الإنسانية، والتشيؤ فلسفيًا يعني كما قال الدكتور عدنان عويد: "تحويل الظاهرة الإنسانية (الإنسان) إلى شيء ليس له أي دور في تأكيد ذاته الإنسانية بعد أن استلبت منه قدراته العقلية وإرادته وأصبح في حالة صنمية أو سلعية، أو تحوله إلى ذرة اجتماعية ليس لها لون أو طعم أو رائحة".

وفي هذه الحياة الجديدة، سوف يتحول العالم ومعه الأوطان بشكل كامل إلى "سوبر ماركت" كبير، وتنهار الكثير من القيم الإنسانية، ويضعف الانتماء إلى الأرض والوطن، ويصبح الإنسان الكامل أو "السوبر مان" هو الإنسان الاقتصادي الذي لا ينتمي إلى مكان ولا وطن، والذي يُتاجر في كل شيء، ويسعى فقط إلى الربح المادي وحفظ وجوده الشخصي.

ربما تكون هذه الصورة سوداوية، لكنها في الواقع تعطينا ملامح العالم الذي يجب أن نكافح بكل ما نستطيع من أجل ألا نصل إليه، حتى نحافظ على قدسية وسيادة وإنسانية الوطن والمكان الحميم، وحتى نُحافظ على البعد الإنساني التراحمي للمجتمع والوطن والوجود البشري، وحتى نُحافظ على كرامة الإنسان الذي خلقه الله على صورته، وكرمته جميع الأديان، ونجعل منه قيمة وغاية وليس شيئًا وسلعة ووسيلة تحقيق أهداف غير إنسانية.

إعلان