لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وكأنه سياسي بمائة روح !

سليمان جودة

وكأنه سياسي بمائة روح !

سليمان جودة
07:02 م الأحد 06 نوفمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

رغم الهدف الواضح من وراء اتفاق ترسيم الحدود البحرية، بين لبنان واسرائيل، في السابع والعشرين من أكتوبر، إلا أن تل أبيب حاولت ولا تزال تحاول تحقيق هدف آخر تماماً !

فالمفاوضات غير المباشرة بين الطرفين تجري من عشر سنوات، وطوال السنوات العشر كان الطرفان عاجزين عن التوصل إلى اتفاق، ولكن دخول الولايات المتحدة الأمريكية بثقلها على الخط خلال الفترة الأخيرة، جعل الاتفاق يتم في أسابيع، وجعل الطرفين يوقعان عليه بشكل نهائي !

ورغم التفاوض بينهما طول هذه المدة، فإن الطرف اللبناني بالذات كان حريصاً على ألا يلتقي مع الطرف الإسرائيلي بشكل مباشر .. وعندما كان عليهما أن يلتقيا في منطقة رأس الناقورة جنوب لبنان، حيث مقر قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، كان اللبنانيون حريصين على عدم حضور الإعلام، حتى إذا تصافح الطرفان على سبيل المجاملة لا أكثر ، لم ينتقل ذلك إلى الناس عبر التغطيات الإعلامية !

كان الهدف الوحيد من التفاوض، ثم من توقيع الاتفاق ، هو أن يكون كل طرف قادراً على التنقيب بحرية في مياهه الاقليمية عن الطاقة !

وهذا ما قالت إسرائيل إنها بدأته بالفعل بمجرد توقيع الاتفاق، وكذلك فعلته لبنان أو ستسارع إلى فعله، لأن العائد المتوقع لها من وراء حقولها البحرية هو في حدود خمسة مليارات دولار في السنة، ولا بد أن بيروت أحوج ما تكون إلى هذا الرقم وسط أزمتها الاقتصادية الحالية غير المسبوقة !

وكان الرئيس اللبناني المنتهية ولايته ميشيل عون، حريصاً كل الحرص على أن يتحدث عن حدود بحرية جنوبية لبلاده في الترسيم، لا عن حدود لها مع الدولة العبرية، وكان حريصاً بالدرجة نفسها على أن يتحدث عن أن الاتفاق هو اتفاق فني في الأول وفي الآخر، وأنه اتفاق بغير أي أبعاد سياسية، وأنه لا يرتب أي شيء مختلف عما قبله في علاقة لبنان مع إسرائيل ! .. وهذا طبيعي لأن بيروت لا علاقات دبلوماسية بينها وبين تل أبيب، ولأن اطلاق مثل هذه العلاقات موضوع آخر، ويحتاج إلى سياق سياسي آخر مختلف !

ولكن يائير لبيد، رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتهية ولايته هو الآخر، كان له رأي آخر عجيب .. فما كادت حكومته توقع على الاتفاق حتى كان قد سارع يقول أن الاتفاق هو إنجاز دبلوماسي، وهو اعتراف من جانب لبنان بإسرائيل !!.. ولا تعرف كيف يفكر الرجل بهذه الطريقة ، وكيف يُحمّل الاتفاق أكثر مما يحتمل هكذا ؟! .. إن اعتراف لبنان وغير لبنان من الدول العربية التي لم توقع اتفاقات سلام مع تل أبيب ، أمر مرهون بموافقتها على إقامة دولة فلسطينية إلى جوار الدولة العبرية عاصمتها القدس الشرقية .. وما عدا ذلك تمنيات !

ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تدخلت لتسريع توقيع الاتفاق ، ورغم أنها فعلت ذلك لدعم لابيد في معركته الانتخابية التي جرت أول نوفمبر ، إلا أنه سقط أمام نتنياهو ، الذي عاد بأفكاره المتطرفة الى رئاسة الحكومة ، وبدا من فوزه هذه المرة وكأنه سياسي بمائة روح !

ولا تعرف ما إذا كان رئيس الوزراء العائد سيلتزم بما جرى توقيعه، أم أن لبنان يمكن أن يجد نفسه في المربع الأول؟! .. لا تعرف .. ولكن إذا كان هناك اختلاف بين نتنياهو ولابيد من ناحية شكل السياسات في الملفات المختلفة، فلا اختلاف غالباً في المضمون !

إعلان