إعلان

القضية السكانية

د. إيمان رجب

القضية السكانية

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

07:01 م الثلاثاء 25 أكتوبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي في مناسبات متعددة عن أن استمرار الزيادة السكانية بمعدلاتها الحالية في مصر يمثل عائقا حقيقيًا لأي مشاريع تنموية يجري تنفيذها، ومنذ عام تقريبا أوضح خلال افتتاحه المدينة الصناعية الغذائية "سايلو فودز" أن المستهدف هو خفض معدل النمو السكاني إلى 400 ألف نسمة سنويًا، في حين أن هذا المعدل يتخطى المليون ونصف المليون نسمة سنويا وفق بيانات 2021.

هذا التصور في جوهره يمثل انعكاسا لتصور سائد منذ فترة على المستوى الدولي ويدور حول أن القضية السكانية على قائمة القضايا العشر الأكثر تهديدًا لمستقبل الأمم خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والتي يتعين على رؤساء الحكومات وقادة الدول وضع استراتيجيات فعالة للتعامل معها ومع ما ينتج عنها من مشكلات وتهديدات لأمنهم القومي.

ووفق بيانات إدارة السكان في منظمة الأمم المتحدة، سيبلغ عدد سكان العالم في عام 2050 حوالي ٩.٧ مليار نسمة يتركز ٤.٩ مليار منهم في آسيا و٢.٨ مليار في أفريقيا والشرق الأوسط، وبالنظر لنصيب دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من مجمل هذا العدد نجد أن مصر تحصل على النصيب الأكبر بإجمالي ١٥١ مليون نسمة بحلول ٢٠٥٠.

والقضية السكانية كإحدى القضايا التي تهدد الأمن القومي للدول لها أبعاد متعددة، أحدها هو معدل الولادات والوفيات والذي قد يساهم في زيادة سكانية مضطردة ينتج عنها تضخم حجم الشباب والأطفال في الهرم السكاني للدولة مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، أو قد ينتج عنه تضخم حجم كبار السن على حساب فئة الشباب والأطفال، وفي هذا البعد تهتم الدول والحكومات بكيفية تحقيق التوازن النسبي بين الفئات العمرية المختلفة في المجتمع.

هناك بُعد ثان لهذه القضية مرتبط بمدى تأثر الدولة بالتحركات السكانية وما إذا كانت جهة جذب للمهاجرين واللاجئين أو جهة مصدرة لها، وفي هذا البعد تهتم الدول بسياسات التعامل مع الهجرة واللجوء وهل يتم السماح للمهاجرين بالاندماج في المجتمع أم يتم تخصيص مخيمات لهم للإقامة فيها؟ وكيف يمكن الاستفادة من المهاجرين في معالجة الخلل في الهرم السكاني للدولة؟

أما البُعد الثالث لهذه القضية فهو ذو صلة بمستوى التوازن بين الجنسين في الدولة من حيث العدد ومن حيث مجمل الفرص المتاحة للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة للدولة، حيث تعاني بعض الدول من خلل في التوازن إما نتيجة انخفاض معدل ولادة الإناث أو بسبب تعرض الفتيات والسيدات للخطف والتهريب من قبل شبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وفي هذه الحالة تهتم الدول بالسياسات التي تعالج عدم التوازن بين الجنسين بتوفير الحماية وفرص تمكين حقيقية للمرأة.

وبصفة عامة، تعد كيفية تعامل الدول مع هذه القضية بأبعادها الثلاثة انعكاس لمستوى الحوكمة السائد فيها، والذي قد يسهم في التعامل الإيجابي مع القضية السكانية بحيث يتم توظيفها كمورد يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار، أو قد يؤدى ضعف نظم الحوكمة في الدولة إلى توجيه مختلف البرامج والسياسات للتركيز على الجوانب السلبية للقضية السكانية على نحو يؤدي إلى سوء توظيف المورد السكاني.

إعلان