إعلان

خطاب الرئيس بين البساطة والعمق

د. سامي عبدالعزيز

خطاب الرئيس بين البساطة والعمق

د.سامي عبد العزيز
11:47 ص الجمعة 28 أكتوبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

المستمع والمشاهد والقارئ لخطابات وتصريحات الرئيس السيسي يجد نفسه أمام سيل متدفق من الدلالات الصريحة والضمنية وهذه الدلالات يمكن استنباطها من خلال الكلمات التي تحمل في طياتها خبرات رئيس وطني يعشق تراب وطنه، يعرف تاريخه وحضارته، يبني حاضره ومستقبله، بل لا يدخر جهدا وسعيا لأن تكون مصر في مصاف دول العالم المتقدم.

ولا أخفيكم سرا أنني واحد من ضمن هؤلاء الذين يحاولون التعمق في قراءة خطابات الرئيس السيسي لما فيها من استخدام لمصطلحات تحمل العديد من الدلالات القوية وتؤكد على توظيف اللفظ في موضعه توظيفا دقيقا دون إعداد مسبق، بل بكل تلقائية، وأصارحكم القول أنني حينما تعمقت في دلالات خطابات الرئيس السيسي في الجلسة الختامية للمؤتمر الاقتصادي مصر 2022 كنت وكأنني أبحر في بحر كبير من الدلالات حول الأوضاع الداخلية والخارجية والأحداث الماضية والحاضرة بل والنظرة الطموحة إلى مستقبل أفضل لوطننا الحبيب، إنه يا سادة لم يكن خطابا عاديا بل كان حديثا من قلب وعقل رئيس اختاره الشعب في أصعب الظروف التي مرت بها مصر إلى قلوب وعقول المصريين الذين يتطلعون إلى حاضر ومستقبل أفضل لوطنهم، كما أن هذا الخطاب يعد بمثابة مكاشفة ومصارحة وكشف حساب يقدم بكل شفافية ووضوح إلى هذا البلد الطيب أهلها، فلقد حرسه الله من مخاطر كثيرة رأينها ونراها رؤي العين في بلدان أخرى.

والمتأمل في هذا الخطاب والذي جاء في ختام مؤتمر اقتصادي يجد أنه لم يكتفي بتوصيات تقليدية كزيادة الإنتاج أو توفير فرص العمل أو غيرها من القضايا الاقتصادية، بل أن الرئيس السيسي قدم أطروحة كبيرة ربط من خلالها الاقتصاد المصري بمختلف مجالات الحياة المصرية بما في ذلك التعليم والثقافة والصحة بل والحياة السياسية والاجتماعية والدينية ليؤكد سيادته على تأثير هذه المجالات الحياتية على الاقتصاد المصري، ويمكن محاولة قراءة أبرز الدلالات في هذا الخطاب من خلال النقاط الآتية:

الحوار هو الحل

أكد الرئيس السيسي أهمية الحوار الوطني مشددا على أنه لا عوض عن التواصل رغم الاختلاف ما دام أن ذلك سيعود بالنفع على الدولة المصرية وهو ما ذكره سيادته صراحة أكثر من مرة، وعلى سبيل المثال قول الرئيس السيسي: "محتاجين نتكلم مع بعض ونسمع بعض"، وتأكيد سيادته أيضا أن الحوار هو عبارة عن خطاب اجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي.

مفاهيم ومصطلحات قوية

وإذا تأملنا ما جاء في هذا الخطاب فإننا يمكن بسهولة أن نلاحظ تأكيد الرئيس السيسي على مفاهيم ومصطلحات قوية والتي تعد بمثابة آليات للنجاح والتقدم لأي مجتمع يتطلع إلى غد أفضل ولعل من أبرز هذه المفاهيم والمصطلحات "البيئة" فلقد استخدم الرئيس السيسي هذا المصطلح بتشعب وعمق ليربطه بمرادفات عديدة كالبيئة السياسية والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية والبيئة الإعلامية لوصف الشأن الداخلي المصري ومدى ما تحتاجه هذه المجالات من جهد من شأنه إحداث تطوير للبلاد والعباد، ولعل من أبرز المفاهيم والمصطلحات التي أكد عليها الرئيس السيسي هو مصطلح "البناء الفكري" والذي بطبيعته يشكله العديد من المجالات وفي حالة صلاحه يسهل معه التقدم والازدهار، منوها سيادته إلى أن هناك بناء فكري داخل المجتمع المصري يجب أن يتواكب مع العصر لمعالجة القضايا الشائكة كالزيادة السكانية والإصلاح السياسي وتجديد الخطاب الديني.

نكران الذات والتأكيد على نحن

كالعادة تؤكد خطابات الرئيس على الضمير الجمعي "نحن" وهو ما أكد عليه أيضا في هذا الخطاب، فالرئيس حريص على أن ينسب النجاح إلى المصريين وأن ينكر الذات ليؤكد أن المصريين جميعا هم الذين يبنون وطنهم وهم الذين سيكملون مسيرتهم، ويمكن أن نلاحظ ذلك من خلال الكثير من الأمثلة كقول الرئيس السيسي: "أنا لا أشارك معكم كرئيس مصر"، وأنه إنسان طلب منه التدخل لحماية وطنه، مشيرا في ذلك إلى أن أدبيات المواطن تختلف عن أدبيات السياسي وأدبيات الرئيس تختلف عن أدبيات البطل.

من جانب آخر، أكد الرئيس أهمية التعاون والاتحاد لخدمة المسار التقدمي للدولة المصرية ومنها قول سيادته "لازم كلنا مع بعض نحشد ونشتغل"، موضحا في ذلك أهمية الحشد الشعبي في تغيير مسار إحدى الدول الكبرى التي تعرضت للدمار في الحرب العالمية، والتي تحمل شعبها وصبر من أجل تنمية وعودة بلاده إلى مصاف الدول الكبرى. وفي إطار تأكيد الرئيس على التعاون والاتحاد قول سيادته "محتاجين نكمل على اللي إحنا بنعمله" بل أن خطاب الرئيس اختتم بكلمة "معا" للدلالة على الاتحاد نحو هدف واحد وهو رفعة هذا الوطن الحبيب.

الإعلام يعكس ويقود

من خلال الخطاب يمكن ملاحظة أن سيادة الرئيس يرغب في قيام الإعلام بدور أكبر في التغطية والتناول العميق توازيا مع ما يتم من إنجازات على أرض الواقع، وأن يكون الإعلام كتفا إلى كتف مع جهود الدولة في بناء مستقبلها، وألا يقوم الإعلام الوطني بدون قصد بدور من الممكن أن يكون في غير الصالح العام للدولة المصرية.

كما أن كلمات الرئيس تؤكد أن مصر مستهدفة إعلاميا من خلال حرب يستخدم فيها أدوات التضليل الإعلامي، إلا أنه أكد أن الباطل باطل وإن تبعه الجميع وأن الحق حق وإن لم يتبعه أحد.

كما تحمل كلمات هذا الخطاب دلالات واضحة على توجيهات سيادة الرئيس للإعلام بأن يهتم بفئة الشباب وبأن يوضح لهم كيف كانت الحالة المصرية وكيف أصبحت. وعبارة "الحق الرشيد، والفهم الرشيد" قالها الرئيس حرفيا حينما تناول ملف الإعلام وهو ما يؤكد لنا حرص الرئيس على أن يكون دور الإعلام المصري عاكسا وقائدا لمسيرة مصر التنموية.

الاستماع والمشاركة

دائما ما تتضمن خطابات الرئيس السيسي الاستماع إلى الحكومة المصرية رئيسا ووزراء ومسئولين إلا أن هذا الخطاب شهد مداخلات عديدة لكثير من الوزراء كوزير الدفاع ووزير المالية ووزير الإسكان ووزير التربية والتعليم ووزير الصحة ووزير النقل والمواصلات وغيرهم، وهذه المداخلات تدل على صلابة الدولة المصرية وأن هناك خطط واضحة ومعلنة بالأرقام والتواريخ وأن حجم ما تم إنجازه كثير وأن المستهدف كثير وكثير، وكذلك أن الرئيس السيسي لديه التفاصيل الدقيقة عن ما يتم في جميع ربوع الأراضي المصرية.

وأخيرا وبكل أمانة أستطيع أن أقول لكم أن هذا الخطاب ثريا ومتعدد الأبعاد وهذه محاولة متواضعة لتناول هذا الخطاب.

إعلان