لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رباب المباركي وسينما الأرض في «قابس سينما فن»

د. أمــل الجمل

رباب المباركي وسينما الأرض في «قابس سينما فن»

د. أمل الجمل
10:46 م الأحد 27 يونيو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان «سينما الأرض» أحد الأركان المميّزة في برمجة الدورة الثالثة لمهرجان «قابس سينما فن» الممتد بين ١٨- ٢٦ يونيو الجاري، والذي عكس علاقة ارتباطية بين المهرجان ومحيطه، ورغبة منظميه في الانخراط في مسار النقد والتغيير من خلال السينما. فقد عُرضت فيه أفلام ذات بعد إيكولوجي؛ تعكس واقعا مأساويا يعيشه كوكب الأرض وتعاني منه على وجه الخصوص مدينة قابس التي أقيم بها ومن أجلها المهرجان.

كذلك تم بمساعدة العديد من الجمعيات والمتطوعين وبالشراكة مع بلدية قابس القيام بحملة نظافة في واحة شنني، التي احتضنت بدورها مخيما يجمع بين رواد المهرجان والعديد من الفاعلين في مجال التخييم في العالم العربي، وفي أثنائه تم عرض مجموعة الأفلام التي تمحورت حول القضايا البيئية، في حركة رمزية من القائمين على المهرجان تتمثل في التذكير بأهمية العناية بالأماكن التي نعيش بها، وهي سبب حياتنا بشكل ما.

لكل ما سبق التقيت بعضو اللجنة الفنية ومديرة هذا القسم المخرجة التونسية القابسية "رباب المباركي" التي تحدثت عن خصوصيته قائلة: نهتم أكثر - إلى جانب اختيار الأفلام ذات الجودة الفنية والفكرية - بسينما الأرض، وذلك بحكم توجهي واهتمامي الإيكولوجي الكبير في الحياة.

كيف ولدت الفكرة؟

لما بدأنا العمل بالمهرجان لاحظنا وجود قضايا عديدة متعلقة بالبيئة والأرض، ومحيطنا في قابس فيه مشاكل كثيرة؛ إذ تُعاني من وضعية إيكولوجية سيئة جدا، وتسير نحو الأسوأ، بسبب تركز العديد من المصانع التي تلوث الهواء والمكان والماء، والتي أثرت سلباً في البنية التحتية، على الصيادين والمزارعين.

لا يُوجد أحد لم يتضرر. لا يوجد أحد لم يمت له قريب بالسرطان، بهشاشة العظام، أو بضيق التنفس... إلخ.

لذلك قضية التلوث هى الشغل الشاغل، وانطلاقاً من ذلك، عندما بدأنا في تنظيم مهرجان في قابس لم يكن ممكناً تجاهل مشاكلها، لم يكن ممكناً عدم التفكير في عرض أفلام لها علاقة بالأرض ومشاكل الأرض، وعيشة الناس. بالطبع كان لا بد أن نقترب من القضية الأم، وهى التلوث، لكننا لم نتعصب، لم نُصر على تيمة التلوث فقط، فهناك أرض وحدود بوضعيات معينة في أماكن مختلفة، لذلك فالتنوع كان ضرورياً.

تدور أفلام سينما الأرض حول العديد من القضايا التي تشغل الإنسان، وتهدد مستقبل البشرية على كوكب الأرض مثل أزمة الماء في تونس، والعلاقة المعقدة بين البحر والساحل في إسبانيا، واندثار الثروة السمكية في بحار إيران وغيرها من الأزمات الإيكولوجية الكبرى التي تؤثر في نمط عيش المجتمعات واقتصاد البلدان، وكأن الفريق الفني لـ«سينما الأرض» اختار التوجه نحو برمجة كونية، تتمحور حول المشترك بين جميع بلدان العالم.

فلماذا الانفتاح على سينما العالم بهذا القسم، بينما توجه المهرجان عربي في المقام الأول؟!

صحيح أن توجه المهرجان عربي، لكننا في أغلب الأحيان لم نكن نجد أفلاماً كثيرة من العالم العربي تناسب قسم «سينما الأرض»، لذلك قررنا أن ننفتح على العالم فأدخلنا في البرمجة أفلاماً من إسبانيا وفرنسا وإنجلترا والمغرب والجزائر وتونس. خلقنا ديناميكية وثائقية وروائية طويلة وقصيرة متنوعة.

لديك بمهرجان قابس وظيفتان أو قبعتان: عضو اللجنة الفنية، وكذلك مديرة قسم «سينما الأرض»، فما السبب؟

لأني أهتم بالمجتمع المدني ومنخرطة فيه. ولدت في محيط يتدهور. أصلي من مدينة قابس. لا يجوز الصمت أو التجاهل، أو عدم المشاركة، خصوصا حينما يكون الإنسان فنانا وعنده وسيلة للتعبير لتوصيل صوته.

صحيح لن أستطيع تحقيق التغيير بفيلم أو بحركة، لكن المشاركة في التوعية، وإيصال صوتي شيء مهم جداً، فهذا يحملنا في اتجاه التغير. ربما يلعب دوراً في أن يصل صوتنا للقيادة السياسية، أو ربما عن طريق قوى خارجية تسهم أو تساعد.

ماذا تقصدين بقوى خارجية؟

ثمة منظمات عالمية مثل اليونسكو تحمي مناطق تتعرض لخطر التلوث بالفوسفات، كما صار في ويلبا بإسبانيا.. اليونسكو حمت المكان وأوقفوا مواصلة التلوث.. تعرفت عليهم في القمة البيئية في مدريد عام ٢٠١٩. قصتهم هى قصة قابس نفسها، لكن ليس عندنا الظروف نفسها والكادر أو فريق العمل نفسه.

ربما لأنكم تلجأون للتعبير السلمي من خلال السينما، بينما أعتقد أن صوت المحتجين الغاضبين في إسبانيا كان ثورياً!

كان عندهم تقارير وبيانات ومعلومات متاحة حول وضعية التلوث وآثاره هناك.. لكن نحن في قابس لا نستطيع الوصول إلى معلومة عن الناس التي ماتت، لا نستطيع معرفة أعداد مَنْ أُصيبوا بالمواد المشعة المضرة. لا توجد أرقام أو بيانات. القضية لا تزال تحتاج لكثير من العمل والوقت والجهد. نحن كفنانين دورنا أن نسهم مع الفنانين ومع المتظاهرين. نحاول برمجة أفلام، وتنظيم مائدة مستديرة لأهداف تثقيفية توعوية، لننقل مشاكلنا عبر القارات بالفيلم، والفيلم ليس مثل التقارير، لكن هذا لا يعني أن نقلل من أثره، فعن طريقه نصل للناس عبر كثير من الوسائل، سواء بروابط فيليمة أو أخبار عنها أو ندوات أو صور.

ماذا تملكون من وسائل الضغط الأخرى؟

عندنا تواصل مع أفراد من المجتمع المدني، فيهم شباب أقل أو أكثر من ١٨ سنة. لهم توجهات اقتصادية بيئية.

اتفقنا أيضا مع اثنتين من الجمعيات: الأولى «ستوب بوليوشن»، وهى حركة ليس عندها منظمة أو جمعية، هى فقط حركة لكل الناس في المجتمع المدني. هناك أيضاً جمعية أشكال وألوان يعملون تحركات وعندهم مهرجان.

اخترناهم ليكونوا شركاء في مهرجان قابس سينما فن، ليحكوا عن الأفلام ومضامينها للناس، وأعطيناهم كارنيه المهرجان ليحضروا ويتناقشوا مع الجمهور، وأي فيلم يتناقشون فيه من منظورهم يحاولون أن يقدموا المثال من قابس.

وماذا عن سيني كامب؟

ثمة شريك آخر هو جمعية «صوتكم»، برمجنا معها للخروج من القاعات المغلقة إلى الأرض. برمجنا مخيما هو «سيني كامب».. يُقام فيه اثنان من عروض الأفلام بسينما الأرض، مع شباب مهتمين أو بالأحرى مهووسين بالتخييم، شباب يحبون أن يعيشوا في الطبيعة.. وذلك بهدف التوليف بين الحس الفني والحس المدني. هذا التوليف والتعاون بيننا وبين شركائنا يُولد حسا مدنيا فنيا ثقافيا توعويا للجمهور الحاضر للمهرجان.

وأبرز المعوقات؟

كنا قد صممنا على أن نعمل ورشة للشباب في «ستوب بوليوشن» كي يصوروا أشياء تتعلق بالبيئة، لكن ظروف كوفيد ١٩ جعلتنا نكتفي بالأشياء الأساسية، وذلك حتى لا نضع الشباب في خطر بمزيد من احتكاكه مع الناس، لكننا درسنا الموضوع، وسوف نعمل حلقات نقاش، نُكون شبابا، نوسع الدائرة، ونُكبر موضوع التخييم، حتى نخرج من القاعات، وهذا يعني أننا سنطور البرمجة أكثر وأكثر، حتى تتجاوز التجربة حدود العروض السينمائية وخلق حركة تسهم في تحقيق تأثير على المنطقة من خلال إشعار كل المعنيين بالأزمة البيئية في قابس بضرورة التخلي عن العديد من الممارسات لعلّ أهمها تلويث البحر والواحات على حد سواء.

إعلان