إعلان

تقرير ميونيخ للأمن "٢"

د. غادة موسى

تقرير ميونيخ للأمن "٢"

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 06 مارس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

كما تمت الإشارة في المقال السابق، فإن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من التحرك- وفق الاقتراب المؤسسي- نحو مزيد من التعاون والتنسيق بين دول "الغرب"؛ بفعل تغير في الديناميات العالمية وظهور أزمات جديدة تتطلب اهتمام الغرب تحديدا. وبالتالي انتهت مرحلة انشغال العالم بالتنافس بين البلدان بما يهدد بتقسيم العالم، أو انشغاله بتحديات دولية تهدد بإغراق الغرب إذا فشل في معالجتها، مثل قضايا الإرهاب في بعض مناطق العالم.

وقد أكد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "بايدن" على هذا التوجه "نحو الغرب" في كلمته خلال انعقاد مؤتمر ميونيخ في شهر فبراير الماضي، حينما أشار إلى أنه سوف يعمل عن كثب مع شركائه في الاتحاد الأوروبي والعواصم في مختلف أنحاء القارة- من روما إلى ريغا- لمواجهة مجموعة التحديات المشتركة.

وفي ذات الاتجاه الذي أكد عليه الرئيس بايدن، أجرت الولايات المتحدة مراجعة شاملة لتموضع قواتها حول العالم، وأمرت بوقف انسحاب القوات الأمريكية من ألمانيا، ورفعت أيضاً السقف الذي فرضته الحكومة السابقة على عدد القوات الأمريكية التي يمكن أن تتموضع في ألمانيا.

وحملت الدول الأوروبية نفس النظرة تجاه إنقاذ "الغرب" من الاختفاء السياسي والاستراتيجي؛ حيث أشار الرئيس الفرنسي "ماكرون" في كلمته خلال المؤتمر إلى أنه على أوروبا أن تتعلم لغة القوة أو تتحمل تراجعها الجيوستراتيجي، كما عليها أن تتعلم من درس الصراع التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وتنتبه إلى الزحف الصيني داخل أوروبا متجسداً بشكل رئيسٍ في التواجد المكثف في مشاريع البنية التحتية. وهذا التوجه ليس مستغربا من الرئيس ماكرون الوفي بإخلاص للتوجه النيوليبرالي الغربي.

وعبرت أيضا "أورسولا فون ديرلين" رئيسة اللجنة الجيوسياسية في الاتحاد الأوروبي عن أهمية استعادة الدور الأوروبي في العلاقات الدولية، وذلك بالتركيز على الدور الاقتصادي لأوروبا والعمل على تشكيل اتحاد عسكري دفاعي تجاه الصين.

ولكن كيف يرى "الغرب" منطقة الشرق الأوسط، وخاصة مع انشغال العديد من الباحثين والمفكرين في معرفة توجهات الولايات المتحدة الأمريكية نحو قضاياه؟

قد يمكن فهم هذه التوجهات من خلال البحث في رؤية الغرب المنطقة وقضاياها. يتبنى الغرب توجهات تتسم بالواقعية نحو الشرق الأوسط. ومفاد هذه التوجهات هو "اللايقين" لما يجب فعله. فنظرة الغرب تتراوح بين محاربة التطرف والأفكار المعادية للحريات وإدارة الصراعات السياسية وضمان عدم اندلاع حروب كبرى في المنطقة.

لذلك يركز الغرب على قضايا إيران والعراق وسوريا والنفط. أي التركيز على "شرق الشرق الأوسط". وهو تركيز مرحلي تتوسطه الحالة الإيرانية.

وقد انعكست التحديات المشتركة التي يدركها "الغرب" على موضوعات وجدول أعمال المؤتمر، وتمثلت في مكافحة التطرف بكل أشكاله مع البدء بما سمّوه "التطرف الأبيض"، ثم "التطرف الخطأ"، وكان إعلاء مفهوم "المغرب" أي ثقافة وحضارة الغرب ليس بتطرف.

وبالإضافة لقضايا التطرف هناك قضايا الأمن الفضائي والأمن السيبراني والتغير في المناخ، ثم التكنولوجيا والابتكار.

إنه صراع حضاري من نوع مختلف أو تجدد الصراع الثقافي الحضاري بين المشرق والمغرب في صورة حديثة، فأين موقعنا من هذا الصراع؟ وكيف سنتعامل معه؟!

إعلان