إعلان

حامل نوبل!

سليمان جودة

حامل نوبل!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 07 نوفمبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

قرر موقع فيسبوك يوم الأربعاء ٣ نوفمبر رفع منشور كان آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، قد وضعه على صفحته!

الموقع رأى أن المنشور يدعو إلى أعمال العنف، وأن بقاءه على صفحة صاحبه يتنافى مع السياسات التي يتبعها فيسبوك، وأن إزالته واجبة حتى لا يترسخ لدى الجمهور، أن موقعهم الذي يترددون عليه يحرض على العنف، أو على الأقل يسكت ازاء الذين يحرضون عليه من أمثال رئيس وزراء إثيوبيا!

وكان آبي أحمد قد دعا الإثيوبيين في المنشور المرفوع إلى حمل السلاح، للدفاع عن أنفسهم ضد قوات الجبهة الشعبية لتحرير اقليم تيجراي الإثيوبي .. وهي قوات راحت تزحف مؤخراً من موقع الإقليم في شمال البلاد إلى العاصمة آديس أبابا!

ولم يشأ آبي أن يكتفي بذلك، وإنما قال أنه سيدفن " الأعداء "!!.. في إشارة من جانبه إلى قوات تيجراي التي يقاتلها هو منذ نوفمبر الماضي!

وعندما يدعو رئيس وزراء فريقاً من مواطنيه إلى حمل السلاح، ضد فريق آخر من المواطنين، وعندما يصف مواطني الفريق الآخر بأنهم أعداء، فهذا معناه الدعوة إلى حرب أهلية بين المواطنين جميعاً، ولذلك كان فيسبوك على حق تماماً في رفع المنشور!

ولن تكتمل هذه الصورة القاتمة التي يرسمها آبي أحمد بمنشوره، إلا إذا عرفنا أنه كان قد فاز بجائزة نوبل في السلام اكتوبر ٢٠١٩!

ولا بد أن علامة التعجب الموضوعة في نهاية الجملة السابقة، تحتاج إلى أن تكون مائة علامة معاً، وربما ألف علامة، لأن هذه الجائزة بالذات عندما تذهب إلى أي شخص حول العالم، فالمفهوم تلقائياً أنه رجل سلام، وأنه إذا لم يجد السلام في بلاده، فلا بد أن يبادر إلى صناعته، وأن مهمته منذ الفوز بنوبل لا بديل عن أن تكون في اتجاه ترسيخ السلام كقيمة في مجتمعه الذي يعيش فيه، وبين الشعوب، وفي كل مكان!

هكذا عشنا نعرف الذين فازوا بنوبل في السنين الماضية، ولم يشذ عن القاعدة إلا حالة آبي أحمد، الذي بدا بعد حصوله عليها وكأنه مكلف بعكس ما تدعو إليه جائزته على طول الخط، ليس فقط في اقليم تيجراي، ولكن أيضاً على مستوى علاقات بلاده مع مصر والسودان! .. لقد فعل هذا ولا يزال يفعله في ملف سد النهضة، ويحوله من ملف يمكن أن يكون طريقاً للتعاون بين الدول الثلاث، إلى ملف للنزاع، والشقاق، وربما الاقتتال!

ولا تنافسه في هذه الحالة الشاذة بين كل الحاصلين على نوبل، سوى أون سان سوتشي رئيسة ميانمار السابقة، التي راحت تتفرج على الأقلية المسلمة في بلادها وهي تتعرض لأشد أنواع التنكيل، والتشريد، ثم المطاردات على الحدود مع الجارة بنجلاديش!

ولا بد أن لجنة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية أوسلو تشعر بمنتهى الحرج، وهي تسمع وتطالع كل يوم عما يرتكبه آبي أحمد، وعما يدعو إليه في منشور صفحته العجيب!

ولكن استشعار الحرج من جانب اللجنة ليس كافياً، لأنها مدعوة إلى أن يكون لها موقف مما يجري منه وعلى يديه، لعل موقفاً كهذا منها يجعله يفيق مما يمارسه، ويجعله يدرك أن على حامل نوبل أن يتصرف بما لا يتناقض مع المبادئ العامة لما يحمله!

إعلان