لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مافيا السيارات

خليل العوامي

مافيا السيارات

خليل العوامي
07:00 م الإثنين 15 نوفمبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أقل ما يوصف به ما يحدث في سوق السيارات أنه النموذج الأسوأ لاستغلال آليات السوق الحر، وقواعد العرض والطلب.

وما يقوم به وكلاء السيارات والموزعون، لا يمكن التعامل معه إلا باعتباره اتفاقات تحتية لرفع الأسعار بصورة تقع تحت طائلة قانون "حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية" لتحقيق مكاسب غير مستحقة على حساب المستهلك.

فمع موجة التخم العالمية وارتفاع أسعار السيارات، خلال الفترة الماضية، استغل الوكلاء والموزعون هذا لمضاعفة أرباحهم، بطرق لا يمكن قبولها قانونا، كما ضاعفوا من مشكلات ومساوئ ظاهرة "الأوفر برايس" أو الفارق بين سعر السيارة الرسمي المعلن من الوكيل، وبين ما يدفعه المستهلك عند شراء السيارة من أحد الموزعين.

وعلى الرغم من أن سوق السيارات في مصر عرف ظاهر "الأوفر برايس" منذ سنوات، وعلى الرغم من أنها غير قانونية، فقد استفحلت نتيجة ممارسات قطاع السيارات مؤخرا، بهدف جني "مكسب حرام" والاتجار في المستهلكين.

فقد كان هذا الفارق بين سعر الوكيل والموزع لا يتجاوز عدة آلاف يدفعها المستهلك للموزع مقابل تسلمه سياراته فورا، ودون انتظار لمدة شهر إلى ثلاثة شهور إذا أراد الشراء من الوكيل، وكان البعض يبررها بأنها مصدر مهم لتشغيل الموزعين ومعارض السيارات، وأن فكرة "التسليم الفوري" ولو بفارق سعر تمنحهم ميزة نسبية عن الوكيل.

ولكن الواقع الآن أن هذا الفارق تضاعف عدة مرات حتى وصل إلى ما بين 50 و100 ألف جنيه بما يمثل 20 % من قيمة السيارة، ونحن هنا نتحدث عن فئات السيارات العادية التي يستخدمها السواد الأعظم من الناس، وإما أن تدفع أو تنتظر على باب الوكيل الذي رفع مدة التسليم إلى 6 شهور بحد أدنى، هذا إذا التزم بالموعد، وما عليك إلا أن تقول لنفسك "طول البال يبلغ الأمل".

وفي محاولة لإثبات وجوده، قرر جهاز حماية المستهلك إلزام بائعي السيارات بإعلان مواصفات السيارة وإمكانياتها، وأيضا سعرها شاملا الضرائب، في مكان ظاهر على كل سيارة.

وتصور الجهاز، أو هكذا أراد إيهامنا، أن هذا الإجراء الشكلي سيعيد الأمور إلى نصابها، ويردع تجار "المحال الحرام".

والحقيقة أن قرار جهاز حماية المستهلك بلا قيمة ولن يمنع الظاهرة أو يضبط الأسواق، والحقيقة الثانية أن الجهاز ليس له صلاحيات أكبر مما فعله، والحقيقة الثالثة أن القوانين تعفي من وجود تسعيرة جبرية أو موحدة، فليس هناك ما يمنع أن يبيع تاجرين نفس السلعة بسعرين مختلفين، فالمهم أن يكون السعر معلنا.

وللإنصاف فإن الأزمة ليست في القوانين، كما أنها ليست في قواعد السوق الحر، وآليات العرض والطلب، فهذا هو النسق الاقتصادي الأكثر نجاحا، إذن الأزمة في تشوهات السوق المصري، وفي تلاعب التجار بالقواعد والقوانين لتحقيق مكاسب غير مشروعة، وفقدان المستهلكين أدوات الرد.

وإذا كان هناك حل لهذه الظاهرة التي تتكرر وستتكرر بين الحين والآخر، فلهذا الحل شقان:

الأول: أن يتدخل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، فهو المخول قانونا للتصدي للممارسات الاحتكارية التي يدخل ضمنها الاتفاقات الجماعية بين تجار أو منتجي أي سلعة على رفع السعر دون مبرر عملي. وقد حدث هذا من قبل من قطاع غذائي وأحيلت بعض الشركات التي تورطت للنيابة.

الشق الثاني: يقع على عاتقنا نحن كمستهلكين، فلابد أن يكون هناك جمعيات متعددة للدفاع عن حقوقنا في مواجهة التلاعبات السوقية، وخدمات ما بعد البيع.

كما يجب علينا نحن أيضا أن نتعلم استخدام قواعد السوق وآليات العرض والطلب، والقاعدة الذهبية في هذا الإطار "كلما زاد الطلب على منتج ارتفع سعره" ولكن العكس في هذه القاعدة صحيح أيضا "فكلما قل الطلب على منتج انخفض سعره".

لذا فالرد الأفضل على الممارسات غير القانونية لقطاع السيارات لابد أن يكون عقابيا وشديدا ووفق نفس قواعد السوق، عبر خفض الطلب على السيارات.

إعلان

إعلان

إعلان