لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هذا الإشارة الثالثة في الخرطوم!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

هذا الإشارة الثالثة في الخرطوم!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 20 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


توقيع اتفاق السلام بين الإمارات والبحرين وبين إسرائيل في واشنطن ١٥ سبتمبر، أطلق التخمينات حول اسم الدولة العربية القادمة على ذات الطريق: هل هي السودان، أم المغرب، أم سلطنة عمان، أم أنها الدول الثلاثة معاً، على حد تعبير دينيس روس- مبعوث السلام الدولي السابق إلى المنطقة على هامش حفل التوقيع في العاصمة الأمريكية؟!

لا أحد يستطيع أن يقطع بالإجابة لعدة أسباب، أولها أنه من الوارد أن تكون أي دولة من هذه الدول الثلاثة هي القادمة على طريق توقيع اتفاق سلام مع تل أبيب، فلا شيء يرجح دولة منها على أخر.

والسبب الثاني أنه من الوارد أيضاً ألا تكون الدولة القادمة من بين الدول الثلاثة، وليس أدل على ذلك إلا حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أجواء التوقيع في البيت الأبيض من أن ست دول عربية سوف توقع اتفاقيات سلام مع إسرائيل في المستقبل!

أما وجه الصعوبة في تخمين اسم الدولة الثالثة بعد الإمارات وبعد البحرين، فهو أن الإمارات لما أطلقت قطار علاقاتها مع الدولة العبرية في ١٣ أغسطس لم يكن أحد يتوقع أن تكون البحرين هي الدولة التالية.
ومن يوم الإعلان عن قرار الإمارات إلى يوم ١١ سبتمبر، وهو اليوم الذي لحقت فيه المنامة بأبوظبي لم ينجح أحد من المُخمّنين والمحللين في تخمين اسم البحرين!
والواضح أن عملية إطلاق العلاقات بين دول عربية وإسرائيل تحاط بسرية كبيرة؛ فالتحضير لإطلاقها بين الإمارات على سبيل المثال وإسرائيل استغرق وقتاً طويلاً، حسبما جرى الإعلان عنه بعد خروج الموضوع كله إلى النور!
ولكن السودان على وجه الخصوص يبدو غريباً بين كل الدول المرشحة للتوجه إلى إقامة علاقات للمرة الأولى مع تل أبيب!

وهو يبدو غريباً لأن الإشارات الخارجة من هناك تبدو متناقضة، والحقيقة أنه لا تناقض في الأمر ولا يحزنون، ولكنه فيما يظهر صراع على الملف بين جناحي السلطة التي تحكم حالياً في الخرطوم!
فمن المعروف أن الحكم هناك في مرحلة ما بعد سقوط الرئيس عمر البشير له جناحان، أحدهما الحكومة التي يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك، وثانيهما المجلس السيادي الانتقالي الذي يرأسه الفريق عبد الفتاح البرهان.
والواضح أن كل جناح منهما له رأي في القضية يختلف عن رأي الطرف الآخر!

والدليل أن البرهان كان قد التقى مع رئيس وزراء إسرائيل في أوغندا فبراير الماضي، وكان ذلك بشكل مفاجئ لم يتم الإعلان عنه مسبقاً. وقد خرج الفريق البرهان من اللقاء ليقول إن ما دعا إلى لقاء كهذا من جانبه هو مصالح البلاد العليا.
وقد مضت شهور على ذلك اللقاء الأول من نوعه بين البلدين، ليأتي مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إلى زيارة للخرطوم أغسطس الماضي، وليطلب خلالها من عبدالله حمدوك اتخاذ خطوات في طريق التطبيع مع إسرائيل.

وكان رد رئيس الوزراء السوداني أنه رئيس لحكومة انتقالية، وأن ذلك لا يعطيه تفويضاً لقطع أي خطوات في هذا الاتجاه الذي تطلبه الولايات المتحدة!

وهكذا، فالاختلاف بين حمدوك والبرهان واضح من حيث الاستعداد لدى كل منهما للمضي في طريق التطبيع!
فلما جاء حفل التوقيع في ١٥ سبتمبر حضرت السفيرة السودانية أميرة عقارب، نائب رئيس البعثة السودانية في واشنطن، رغم عدم حضور أي دبلوماسي عربي آخر، باستثناء سفير سلطنة عمان الذي حضر معها بين ٧٠٠ مدعو كانوا حاضرين!
فهل كان حضورها إشارة ثالثة إلى جانب الإشارتين السابقتين من البرهان ومن حمدوك؟!
هذا أمر واضح بما فيه الكفاية؛ لأن حضورها يضيف إلى كفة الأول دون الثاني!
وسوف نرى أيُّ الجناحين سوف يكسب في نهاية المطاف، وكل ما نأمل فيه أن يكون للتطبيع- إذا تم- ثمنٌ يعود بالإيجاب على القضية الأم في المنطقة.

إعلان