لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"ملالا" التي تخرجت في أوكسفورد..!

سليمان جودة

"ملالا" التي تخرجت في أوكسفورد..!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 21 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

رغم أن الخبر ليس مصرياً ولا عربياً، فإني توقفت أمامه طويلاً، وأحسست أنه يخص كل واحد فينا، ثم تمنيت لو أن كل شخص بيننا قد راح يطالعه، ويقرأ تفاصيله باهتمام؛ لعله يجد فيه من المعاني ما وجدته، ولعله يقع فيه على المعنى الذي يجسده ويرتكز عليه!

الخبر يخص فتاةً باكستانية اسمها ملالا يوسفزاي، وهي كانت حتى عام ٢٠١٢ لا يكاد أحد يعرفها خارج إقليم سوات الباكستاني الذي كانت تعيش فيه وتتردد على إحدى مدارسه!

ولكنها من بعد ذلك العام صارت أشهر من نار على علم، على حد وصف الخنساء وهي تصف أخاها صخراً في بيت شهير من الشعر!

وصفت الخنساء- واسمها الحقيقي تماضر بنت عمرو- أخاها صخراً فقالت:

وإن صخراً لتأتمّ الهداةُ به

كأنه علم في رأسه نار!

أما ملالا، فقد صارت مثل صخر فعلاً، ولكن لأسباب أخرى بالطبع، أهمها أنها في تلك السنة كانت قد تعرضت لإطلاق نار على حافلتها المدرسية، وكان السبب أنها كانت تتبنى الدعوة إلى تعليم البنات في بلادها، وكانت تتمسك بدعوتها، وكانت تروج لها في وسائل الإعلام وفي كل مكان، ولم تكن دعوة كهذه تعجب حركة طالبان التي أطلقت النار على ملالا!

فلا يسعد المتطرفين في هذه الحركة ولا في غير هذه الحركة أن تتعلم البنات، ولا حتى أن يتعلم الناس عموماً، لأن التطرف يجد أجواءه المناسبة حيث يسود الجهل، وينتشر!

وما إن وقع الهجوم الطالباني على حياة البنت ملالا.. وكانت وقتها في الرابعة عشرة من عمرها.. حتى قامت الدنيا على طالبان، وحتى كانت ملالا قد حازت شهرة كبيرة في بلدها وفي خارج بلدها، وحتى كانت قد وجدت حول العالم متطوعين عرضوا عليها الذهاب إلى بريطانيا لتحصل على التعليم الذي تستحقه، والذي تستطيع به أن تقاوم تطرف طالبان وكل تطرف آخر!

وقد غردت ملالا الجمعة الماضي بقولها إنها تخرجت في جامعة أوكسفورد، أشهر الجامعات في بريطانيا وأثقلها وزناً، وحصلت على شهادة في دراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وأنها طوال سنوات مضت كانت مشغولة بالدراسة وبالتفوق فيها، والآن سوف تجلس مع نفسها لتستريح قليلاً، وسوف تشاهد الأفلام، وتطالع الكتب وتنام!

وكانت بعد الاعتداء عليها بعامين قد حصلت على جائزة نوبل في السلام، فأضفى ذلك على شهرتها شهرةً مضافة، وجعلها تتحول الى أيقونة عالمية في الصمود، وفي الدفاع عن حق البنات في التعليم، وفي إيمانها بفكرتها إلى آخر مدى، وفي يقينها بعائد التعليم المؤكد!

وعاشت البنت من بعدها تتنقل من مؤتمر إلى ندوة، ومن لقاء تليفزيوني إلى حديث في الصحافة، ومن استضافة في جامعة، إلى حضور فوق منصة تتحدث عن الشباب عموماً، وعن البنات خصوصاً، في بلدها وفي غير بلدها، وعن حق الشبان والشابات في الحصول على التعليم الذي يضيء العقل، ويطرد أفكار التطرف، ويشق الطريق إلى المستقبل الصحيح!

ولا بد أن الغيظ كان يأكل حركة طالبان في الساعة التي سمعت فيها، أم ملالا تخرجت في واحدة من أعلى جامعات الدنيا، وصارت قادرة على مساعدة البنات في كل مكان وليس في باكستان وحدها، على الذهاب بقلب جامد إلى المدارس والجامعات!

تجربة ملالا يوسفزاي تقول إن الرهان على التعليم هو الرهان الفائز في آخر المشوار، وإن الإرادة القوية داخل بنت شجاعة مثل هذه الفتاة الباكستانية، هي وحدها الكفيلة بهزيمة أفكار حركة مثل طالبان بكامل عناصرها، وإن التعليم الجيد سوف يبقى هو الحل الذي لا حل سواه في الارتقاء بالمجتمع والناس.

إعلان

إعلان

إعلان