لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

اشتباكات الصين والهند: ما الذي يقف وراء المواجهة العسكرية الخطرة بين القوتين النوويتين؟

تتنازع الصين والهند على السيادة على هذه المنطقة في

اشتباكات الصين والهند: ما الذي يقف وراء المواجهة العسكرية الخطرة بين القوتين النوويتين؟

10:17 م الأربعاء 17 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لندن - (بي بي سي)

ظلت الهند والصين، أكبر دولتين من حيث عدد السكان في العالم، وصاحبتي أكبر جيشين وترسانتين نوويتن، في نزاع في منطقة الهمالايا الحدودية بينهما منذ أسابيع.

بيد أن الأزمة تصاعدت الثلاثاء، إذ يقول الجيش الهندي إن ثلاثة من جنوده، بينهم ضابط برتبة كولونيل، قد قتلوا في قتال بالأيدي والهراوات مع القوات الصينية.

وأفادت وسائل إعلام هندية في وقت متأخر الثلاثاء بمقتل 20 من عناصر الجيش و"وقوع 43 إصابة في صفوف الصينين".

ولم تؤكد الصين بعد عدد القتلى والمصابين لديها.

ويشكل هؤلاء أول ضحايا يسقطون في هذا النزاع المستمر منذ أكثر من أربعة عقود بشأن المنطقة الحدودية الفاصلة بين العملاقين الآسيويين.

فكيف تطور الصراع وكيف حدثت المواجهة الأخيرة وما الذي يقف وراءها؟

توترات متراكمة

يمثل الموقع الذي شهد المصادمات خط الحدود المفروض في الأمر الواقع وليس المتفق عليه بين البلدين، ويسمى خط السيطرة الفعلية في وادي غالوان في ولاية لداخ الهندية على هضبة التبت.

وتقع في منطقة كشمير المتنازع عليها، والمكتظة بالقوات المسلحة، والتي تعد مصدرا للنزاعات بين الهند وباكستان والصين بسبب خلافات على السيادة على مناطقها.

وكان وادي غالوان موقعا للعديد من الحوادث بين دوريات صينية وهندية؛ ومنذ أبريل/ نيسان نشر الجانبان دبابات ومدفعية وصواريخ وقوات عسكرية في محيط الوادي.

ودعمت القوات على الأرض بطائرات مروحية هجومية ومقاتلات جوية.

وفي مطلع شهر مايو/أيار، تصاعدت التوترات بعد أن تحدثت وسائل إعلام هندية عن أن القوات الصينية حفرت مواضع ونصبت خيما ونقلت معدات عسكرية ثقيلة لمسافة عدة كيلومترات داخل المنطقة التي تعتبرها الهند جزءا من أراضيها.

وجاءت هذه الخطوة بعد قيام الهند بمد طريق يمتد لبضع مئات من الكيلومترات للوصول إلى قاعدة جوية تقع على مكان مرتفع أعيد تفعيلها في عام 2008.

وفي أعقاب التوترات الأخيرة، ألقت الهند باللائمة على الصين في تدهور الوضع، قائلة: "أثناء عملية خفض التصعيد الجارية في وادي غالوان، وقعت مواجهة عنيفة ليل أمس نجم عنها إصابات في كلا الجانبين" بحسب بيان الجيش الهندي.

وبدورها، طالبت الصين الهند "أن لا تقوم بأفعال من جانب واحد أو تثير المشاكل" وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن الهند هي من تجاوزت الحدود "مستفزة ومهاجمة موظفين صينيين ما تسبب في مواجهة مباشرة بين قوات حرس الحدود من الجانبين".

ما خلفية الصراع ؟

ثمة عدة عوامل قادت إلى هذه المواجهة، بيد أن أهدافا استراتيجية متعارضة لدى الجانبين تكمن في جذورها.

فالهند والصين تشتركان في حدود تمتد على مسافة 3,440 كيلومترا وبينها مناطق تتداخلان في إدعاء السيادة عليها.

ومنذ الخمسينيات، رفضت الصين الاعتراف بترسيم الحدود خلال مرحلة الاستعمار البريطاني. وقاد ذلك في عام 1962 إلى حرب ضارية بين البلدين انتهت بهزيمة قاسية للجيش الهندي.

روايات متناقضة

وظلت الهند والصين منذ هذه الحرب توجهان الاتهامات إلى بعضهما البعض باحتلال أراض تابعة لها.

وتقول الهند إن الصين تحتل مساحة 38 ألف كيلومتر من أراضيها، وتقع في المنطقة التي وقعت فيها المواجهات الأخيرة.

بينما تطالب الصين بمجمل مساحة ولاية أروناتشال براديش التي تسميها التبت الجنوبية. وتضاف إلى ذلك قطاعات أخرى عديدة تختلف وجهات نظر البلدين بشأن الحدود الفاصلة فيها.

ويتسم الخط الحدودي الذي لم يُرسّم بدقة، أو ما يعرف بخط السيطرة الفعلية، في لداخ بوجود العديد من الأنهار والبحيرات والقمم الجبلية المغطاة بالثلج، الأمر الذي يعني أن الخطوط التي تفصل بين جنود البلدين قد تتغير ما يدفع الأمور عادة إلى حافة المواجهة بينهما.

وقد فشل العديد من جولات المفاوضات بين البلدين على مدى العقود الثلاثة الماضية في حل النزاع الحدودي، لكن هذه الجولات أسهمت أيضا في المحافظة على درجة من الاستقرار في المنطقة.

بنى تحتية

ولنشر قوات في مثل هذه المنطقة الملتهبة، يبني كلا الطرفين بنى تحتية لمد سكك حديد وطرق برية، وتحاول الهند اللحاق بالجانب الصيني في هذا الصدد.

وبدأت الهند تحت حكم ناريندرا مودي ببناء عشرات الطرق على امتداد خط الحدود (خط السيطرة الفعلية)، وتسرع الخطى لأكمال كل تلك المشاريع في الموعد المحدد في ديسمبر/ كانون الأول عام 2022.

ويصل أحد هذه الطرق إلى وادي غالوان الذي حدثت فيه المواجهة الأخيرة.

وبنت الصين أيضا طرقا وبنى تحتية في المنطقة، تعد مشاريع استراتيجية مهمة بالنسبة لبكين لأنها تربط مقاطعة شينجيانغ (سنجان) مع غربي التبت.

قوة عالمية ضد قوة إقليمية

يصل حجم الاقتصاد الصيني إلى خمسة أضعاف الاقتصاد الهندي. وترى الصين في نفسها منافسا للحلول محل الولايات المتحدة في موقع القوة العالمية المهيمنة.

وتراهن الهند في الكفة الأخرى على رؤية عالم متعدد الأقطاب تأمل أن تلعب دورا مهما فيه.

ويتحدث السياسيون والمحللون الهنود أحيانا عن الصين والهند بوصفهما قوتين متكافئتين، غير ملتفتين إلى الخطوات الواسعة التي قطعتها الصين وتفصلها عن الهند في هذا الصدد.

وفي أغسطس/ آب الماضي قررت الهند بشكل مثير للجدل إنهاء حالة الحكم الذاتي المحدودة الممنوحة لإقليم جامو وكشمير وأعادت رسم خريطة المنطقة وهي خطوة شجبتها الصين.

ونجم عن ذلك تشكيل إدارة فيدرالية جديدة في لداخ، التي تضم منطقة أكساي تشين التي تسيطر الصين عليها وتدعي الهند عائديتها لها. وقد وقعت المصادمات في تلك المنطقة.

العامل الباكستاني

تشعر الهند بالقلق من التحالف طويل الأمد بين الصين وباكستان، وتتهم الأولى بمساعدة الأخيرة في الحصول على التكنولوجيا النووية وصناعة الصواريخ.

وتحدث قياديون في حكومة حزب بهاراتيا جاناتا القومي الحاكم في الهند عن استعادة الجزء الخاضع للإدارة الباكستانية في كشمير.

ويمر طريق كاراكورام السريع الاستراتيجي عبر المنطقة التي تربط الصين بباكستان. وقد استثمرت الصين نحو 60 مليار دولار في مشاريع البنى التحتية في باكستان ضمن ما تسميه " الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (سي بي إي سي) ، الذي يعد أحد المشاريع الرئيسية في مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويشمل إنشاء طريق سريع رئيسي لنقل البضائع من ميناء غوادر جنوبي باكستان. ويعطي الوصول إلى هذا الميناء الصين موطئ قدم في بحر العرب.

وتخشى الهند من أن يستخدم ميناء غوادر في المستقبل القريب لدعم عمليات البحرية الصينية في بحر العرب.

قضية التبت

وتشك الصين في العلاقات بين الحكومة الهندية ودلاي لاما، الزعيم الروحي في التبت؛ الذي فر إلى الهند في أعقاب انتفاضة فاشلة في التبت عام 1959.

وقد رفضت الهند الاعتراف بحكومة التبت في المنفى، بيد أن رئيسها كان من بين الضيوف الذين حضروا احتفال أداء القسم لرئيس الوزراء الهندي مودي في عام 2014.

و لا تأخذ الصين طموحات الهند الجيوسياسية على محمل الجد، لكنها ترى فيها بلادا يمكن أن تتحالف مع منافسيها التقليديين من أمثال الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.

وقد عدلت الهند بعض القوانين لمنع الشركات الصينية من السيطرة على الشركات الهندية التي تعرضت لخسائر جراء تفشي وباء فيروس كورونا الذي كانت الصين تعرضت له أيضا.

بيد أن الصين ظلت ثاني أكبر شريك تجري للهند وكما هي الحال مع العديد من الدول ظلت الصين تتمتع بفائض كبير في تبادلها التجاري مع الهند.

وفي الماضي القريب، ظلت الدوريات الحدودية لجيشي البلدين تدخل في المناطق التابعة للطرف الآخر مئات المرات.

وفي عام 2013 و 2017، أدت أمثال هذه الحوادث إلى مواجهات كانت تحل بعد أسابيع من المفاوضات السياسية والمناورات الدبلوماسية.

وفي أعقاب المواجهة الأخيرة في عام 2017، عقد مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ قمتين غير رسميتين لتسوية الخلافات.

وعقدت الهند والصين مرة أخرى محادثات لتسوية الأوضاع ، والتقى مسؤولون عسكريون رفيعون من كلا البلدين في السادس من الشهر الجاري وفي الثلاثاء الماضي في أعقاب الحادثة الأخيرة.

وعقد أخر هذه اللقاءات في موقع الدورية 14 في غالوان، بالقرب المكان الذي وقعت في المصادمات والضحايا.

وقد تحتاج هذه الحادثة، التي ستزيد بالتأكيد في نقص الثقة السائد بين البلدين، إلى تدخل سياسي من قيادات البلدين لمنع تصاعدها وخروجها عن السيطرة.

إعلان