لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

المنسيون في (الاختيار)

الكاتب الصحفي بشير حسن

المنسيون في (الاختيار)

بشير حسن
09:00 م الخميس 30 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بينما جلس المشاهدون حول الشاشة يعددون هذا الكم من أبطالنا في مسلسل (الاختيار).. جلست أنا أعدد كماً آخر من المتلونين، وبينما انشغل الملايين بمعارك خاضها أبطالنا على الجبهة ضد الإرهاب.. انشغلت أنا بمعارك النفاق التي خاضها آخرون ضد الدولة. وبينما زادت عمليات الشهيق والزفير ونبضات القلوب مع كل معركة خاضها المنسي ورفاقه.. زادت على وجهي علامات التعجب والاستفهام بسبب هؤلاء المنسيين الذين احترفوا غسل أياديهم من النظام ومائدته التي أكلوا عليها لينتقلوا إلى مائدة أخرى مع نظام آخر. وبينما اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي ببعض العبارات التي وردت على لسان المنسي ورفاقه.. توقفت أنا أمام عبارات رددها المتلونون وحفظتها نفس الوسائل. ذهب المنسي ورفاقه وبقيت تضحياتهم وأقوالهم قدوة للأحياء، وذهبت أقوال المتلونين وبقوا هم قدوة لمرتزقة الأنظمة.

مسلسل (الاختيار) مهم للأجيال التي تاهت بسبب الأحداث المتلاحقة، وأصبحت عاجزة عن الاختيار بين أن تكون وطنياً وتضحي بحياتك من أجل الوطن.. أو أن يكون إيمانك بالله والوطن ضعيفاً فتكفر بالاثنين، أما من حسموا الاختيار مبكراً فجلسوا أمام المسلسل تجتر ذاكرتهم أحداثاً أخرى تزامنت مع أحداث (الاختيار) فقبل بيان ٣ يوليو.. انشغل المنسي ورفاقه بالإرهاب الذي كان معداً للاستيطان في سيناء، وانشغل المتلونون بالهتاف ضد الجيش، أحدهم أقسم أن الإخوان مستمرون في الحكم خمسمائة سنة، وأن الجيش لن يتمكن من إزاحتهم حتى لو كان مدعوماً من الشعب، وكعادة النبهاء منهم.. فضل بعض المتلونين الاختفاء عن الأنظار لحين حسم المعركة، فإن انتصر الإخوان.. استمروا في دعمهم لهم، وإن فشلوا في البقاء.. هتفوا ضدهم وذهبوا لغيرهم، هذه الحيلة نجحت أثناء أحداث يناير، حيث اختفى بعض الموالين لنظام الرئيس الأسبق مبارك، وعندما سقط النظام هرولوا إلى ميدان التحرير يهتفون ضده، ويقدمون فروض الولاء والطاعة للإخوان.

الكلمات التي قرأها المتابع لمسلسل (الاختيار) على وجه هشام عشماوي بعد بيان ٣ يوليو.. هي نفسها التي كانت على وجوه المتلونين الذين تحولوا فجأة ضد الإخوان ليضمنوا بقاءهم في صدارة المشهد، هشام عشماوي كان واضحاً في كفره بالوطن، وتشوشه الفكري والديني، لذلك كان أقل خطورة من تلك الخلايا النائمة التي تمثل قنبلة موقوتة تنفجر في أي وقت..

الذين حسموا الاختيار مبكراً وانحازوا للوطن.. يشعرون بغصة كلما شاهدوا بطولات المنسي ورفاقه على الشاشة؛ لأن الشاشة المجاورة يطل منها وفي نفس التوقيت من كانوا يهتفون ضد الجيش، فقط.. تلونوا بلون المرحلة، وتلك ضمانتهم للبقاء، المنسي وأمثاله ضحوا بحياتهم ليبقى الوطن، وهؤلاء ضحوا بكرامتهم لتبقى مصالحهم.

كنت أتمنى أن يلقي المؤلف الضوء على المتلونين؛ ليكون الاختيار بين ثلاثة: من باعوا الوطن والدين، ومن لديهم استعداد للبيع، ومن ضحوا بحياتهم من أجل الوطن والدين، لكن المؤلف ربما نسى، أو أن السياق الدرامي لم يمكنه من ذلك.

قطيع المتلونين الذي اعتقد أنه منسي وطويت صفحته.. يحتاج إلى سينارست ماهر يلقي الضوء على جرائمه، وعلى من سمح له بالبقاء في صدارة المشهد، وعملاً مثل هذا مليء بالدراما المثيرة، ومن يتصدى له لن يجهد نفسه في عمليات البحث والتوثيق، فقط.. عليه أن يعود لليوتيوب الذي احتفظ بجرائمهم.

إذا كان (الاختيار) بما يتضمنه من بطولات للمنسي ورفاقه عملاً وطنياً نخوض به معركة الوعي.. فالمعركة تقتضي أيضاً عملاً يعري المتلونين الذين توهموا بصدارتهم للمشهد أنهم منسيون، وإلى أن يظهر هذا العمل للنور.. علينا ألا نسقطهم من الذاكرة، تذكروا هتافهم ضد الجيش كلما خفقت قلوبكم مع هتافات المنسي ورفاقه.

*** للتواصل مع الكاتب عبر الميل:

besheerhassan7@gmail.com

إعلان

إعلان

إعلان