لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تجربتي مع التصوف...

الشيخ أحمد تركي

تجربتي مع التصوف...

الشيخ أحمد تركي
07:30 م الأربعاء 15 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تعرفت على الملامح الأولى للتصوف معرفيًا من مولانا الإمام الأكبر الراحل د عبدالحليم محمود- رغم عدم معاصرتي له فقد تُوفى وأنا صغير.. لكن قرأت كل كتبه تقريبًا بشغف وإعجاب شديد ببساطة أسلوبه ورقيه ومحبته لله ورسوله وصفائه والجمع بين العقل والنقل والفلسفة بسيمفونية جميلة أنتجت مادة علمية راقية وجميلة ومؤثرة وملهمة ومربية للنفس البشرية...

ودلني أستاذي المرحوم الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق على كتب المستشرقة الألمانية الدكتورة آنا ماري شيمل (1922-2003).

وقد خدمت التصوف والإسلام أكثر من المسلمين أنفسهم لمدة تزيد على ستين سنة!.

كما قرأت للإمام الراحل محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية، جعلني كل ذلك وأكثر على رشدٍ كبيرٍ، وأنا أقرأ كتب التصوف بعقل، بل وعصمني من السفه وتغييب العقل!.

فكنت أقرأ كتب التصوف القديمة (لابن عربي والجنيد وابن عطاء الله والهجويري وأبي حامد الغزالي..) وكأني صائد لؤلؤ!.

يتجاهل كل ما يخرج مع الشباك وهدفه فقط استخراج. "اللؤلؤ".

وكانت المعاني تنزل على قلبي ومشاعري وعقلي نزول الماء على أرض خصبة ترويها لتصبح مخضرة!.

ثم جلست مع كثيرٍ من مشايخ الطرق الصوفية، فوجدت أكثرهم على بعدٍ كبير من جوهر التصوف!.

ووجدت قليلهم على صفاء وصلاح..

فضلاً عن الناس الطيبة، والذين تتدفق أعينهم بأمواج الحب في قلوبهم..

تذكرت قولاً للإمام الهجويري (القرن الرابع الهجري) في كتابه كشف المحجوب:

لا بد من التفرقة بين الصوفي والمتصوف والمشتبه!.

فالصوفي هو من وصل إلى الحقيقة، أو وصل إلى درجة الإحسان..

والمتصوف لا يزال على طريق الإحسان بإخلاص وصدق..

والمشتبه هو الفاسق الذي يتشبه بهما لنيل مال أو مكانة بين الناس!.

أحببت التصوف وعشقت معانيه، وجواهره العقلية والتربوية والقلبية...

لكنني أخذت موقفًا نفسيًا من فكرة الطرق في عصرنا الحاضر، وخاصة بعد ما تعرفت على رموز ظاهرها التصوف، وباطنها الفسوق والكبر والبرجماتية، والنرجسية!.

تذكرت كل ذلك بمناسبة معينة!.

ألا وهي:

تواصل بعض الأحباب الأصدقاء معي بعد كتابتي لمقال: تجربتي في خطاب الجلال والجمال... يدعوني للاندماج في طريقة صوفية وقال لي: أنا أعرف شيخ ينقذك لأنك طالب نجاة!.

ظن هذا المحب أنني في ساحة التيه! وأطلب منقذًا!.

ولا يعرف أنني قد بنيت الجدران المعرفية لعقلي.. والحدود العاطفية لقلبي ومشاعري، وتعلمت صيد اللؤلؤ المعرفي، والعاطفي...

وهل لو كنت حائرًا!، علاجي عند شخص لا أعرفه!، وثقتي فيه بناء على شوية كلام وإشارات؟!، أو بناء على ثقة بعض أصدقائي؟!.

وهذا جعلني أقارن بين علاقة الشيخ بالمريد في عصرنا داخل بعض الطرق الصوفية!، وعلاقة أمير الجماعة الإرهابية بأتباعه!.

وفزعت للتشابه الكبير!.

يتمثل الشيخ الدور الآتي..

1- أنا بوابتك للمعرفة!.

2- لا تفكر ولا تعمل شيئًا إلا بإذنٍ!.

3- ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، وأنا الحق وفقط!.

4- أنا معصوم حتى ولو ثبت العكس!، وأخطائي يتم تبريرها حتى لو وصلت حدٍ الكبائر!.

5- النظر إلى الناس على أنهم غرقى وأنا الوحيد المنقذ!...

إلخ إلخ

نتج عن ذلك تلويث التصوف بالخرافة وتقديس الأشخاص إلى حد يتنافى مع التصوف ويتنافى مع شريعة الإسلام... فضلاً عن إلغاء العقل..

أذكر موقفًا مع بعض الأصدقاء من دولة عربية وهو عالم جليل ومن المحبين للتصوف بلا عقل.

وقف في مؤتمر متداخلاً، وأخذته سكرة المبالغة، وهو يتحدث عن شيخ طريقته..

فقال: "كان شيخي يخرج فيسلم على أعدائه قبل أصدقائه ويقبلهم بحب!.

وخرج يومًا فوجد ثعبانًا، فقال لا بد أن أحب هذا الثعبان فقبّل الثعبان!، وقبّله الثعبان!.

فقلت له مازحًا: وهل قبلة الثعبان لشيخك كانت في وجهه أم كانت في فمه؟!.

غضب عضبًا شديدًا. فاعتذرت له وأفهمته أنني لا أقصد إهانته!، لكن شعرت بإهانة عقلي عندما تلقيت هذا الكلام المسيء إلينا جميعًا، والمسيء للتصوف بكل معانيه الروحية..

فهل نحن في حاجة إلى تنقية التصوف وتجديد الخطاب الصوفي ضمن تجديد الخطاب الديني؟!

الإجابة: نعم.

والخطاب الصوفي المنير جزء من تجديد الخطاب الديني بعيدًا عن شطحات المتشبهين!.

والله أعلم

إعلان