لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شاشات في مواجهة الشائعات!

سليمان جودة

شاشات في مواجهة الشائعات!

سليمان جودة
09:01 م الأحد 16 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


التقرير الذي وصلني، يوم الجمعة الماضي، عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء يحمل رقم ٢١٥، ولا يكاد يمر يوم إلا ويكون المركز قد أصدر تقريراً جديداً، وإلا ويكون قد أرسله بتفاصيله لي ولغيري، وإلا ويكون التقرير الجديد قد راح يشرح قضية مختلفة من قضايا الاقتصاد في البلد، أو يكون قد راح يسلط الضوء على زاوية مغايرة من زوايا العمل الحكومي على مستوى السلع الخدمات معاً!

وفي اليوم التالي كانت الدكتورة نعايم سعد زغلول، مديرة المركز، ترسل مادة إعلامية متنوعة عن معدل النمو الحالي في مصر، وكيف أنه الأعلى على مدى ١١عاماً، وأنه في هذا العام سيكون الأعلى بين اقتصادات المنطقة من حولنا دون منافس!

ولا يتوقف عمل المركز عند هذا الحد، ولكنه يتجاوزه إلى مجال آخر لا يقل أهمية، هو رصد وملاحقة الشائعات التي يجري إطلاقها، ومن بعد الرصد والملاحقة تأتي مرحلة بيان وجه الحقيقة في القضية التي تدور حولها الشائعة، وفي النهاية يتم نشر هذا كله على الرأي العام!

والشيء اللافت حقاً أن الشائعات التي تصدى لها المركز يوم الجمعة فقط كانت ١٢ شائعة مرةً واحدة، بما يعني أن هناك ماكينة لا تتوقف عن إنتاج الشائعات وتوزيعها على مدار ساعات اليوم!
وعندما يصل العدد الى هذا الرقم في صباح واحد، فالمعنى أن شائعة واحدة كان يجري إطلاقها كل ساعتين، بامتداد ساعات الليل والنهار، وأن هؤلاء الذين يقفون وراء هذه الماكينة إنما هم كالشياطين لا ييأسون، والمعنى أيضاً أنهم يتخذون من هذا العمل البائس حرفة يومية، وأنهم يستهدفون الناس على مدى اليوم كله، وأن الخيبة التي تصادف شائعاتهم في كل مرة لا تزال غير كافية لإقناعهم بالتوقف عما يمارسونه باستمرار!

أما أفضل شيء تقوم به الحكومة من خلال مركزها الإعلامي، فهو أنها لا تخفي شيئاً، وأنها تواجه الشائعة بالمعلومة، وأنها تقطع الطريق على المروجين أولاً بأول، وأنها تعرف أن استهداف المواطنين بالشائعات لا يتوقف، ولذلك تضع فريقها الإعلامي في وضعية من الاستعداد الدائم، وتتلقف كل شائعة في لحظة إطلاقها، وتتولى إبطال مفعولها على الفور!
وإذا كان عدد الشائعات التي طاردتها الحكومة في نهار واحد، قد وصل إلى ١٢ شائعة دفعةً واحدة، فليس لهذا من معنى، مرةً أخرى، سوى أن مجال الإعلام صار ميداناً لمعارك هذا العصر، وأن معارك الجبهات المشتعلة التقليدية بين الدول في وقت مضى قد صارت معارك على الشاشات والصفحات، وأن ما كان يجري على الحدود بين الدول في الماضي قد انتقل إلى فضاءات السماوات المفتوحة !

وقد قيل قديماً إن الشائعة تدور حول الأرض سبع مرات قبل أن تظهر الحقيقة! وهي عبارة تشير إلى مدى قدرة الشائعة على الرواج والانتشار بين الناس، وتشير أيضاً إلى أن تطويق أي شائعة ومحاصرتها وإفساد الهدف على مروجيها لا بد أن تكون أولوية أولى لدينا!
والدرس أننا مدعوون إلى اليقين في أن الإعلام المنفتح الذي يراعي حق كل مواطن في أن يعرف أمور بلده من إعلامها هو الإعلام الذي سيصيب كل شائعة جديدة بالاختناق في مكانها.. علينا أن نكون على يقين في أن الإعلام الذي يفتح صدره للرأي والرأي الآخر هو حائط الصد الأول في مواجهة كل شائعة، وهو الذي يمنح الجسد العام في البلد حصانة ضد كل الشائعات!
الشاشات الحرة شاشات قوية بطبيعتها، وهي ستقضي على الشائعات في مهدها، حتى لو جرى إطلاق ألف شائعة على الجمهور في اليوم الواحد.

إعلان