لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نوبة صحيان للقيم والأخلاق

حسين عبد القادر

نوبة صحيان للقيم والأخلاق

حسين عبد القادر
11:54 م السبت 15 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان لديّ أكثر من فكرة لكتابة مقالي هذا الأسبوع.. ولكني تراجعت في اللحظة الأخيرة عن كل هذه الأفكار، رغم أهمية التعرض لها.

السبب في ذلك التراجع هو تلك الحملة التي انطلقت في مواجهة ظاهرة محمد رمضان وأمثاله الذين كانوا سببا مباشرا في فرض سلوكيات هابطة ومرفوضة لتعارضها مع قيم المجتمع المحافظ.. أصبحت سلوكيات الشخصيات التي يؤديها محمد رمضان هي القدوة التي سرعان ما تقتبسها الأجيال الصغيرة من الشباب.

في تعاملهم سويا ليس في الشارع فقط بل داخل أسوار المدارس بداية من طريقة حلقة الرأس والحرص على اقتناء السلاح الأبيض بداية من المطواة وحتى السنجة وبات استخدام هذه الأسلحة أمرا عاديا في أي مشاجرة.

وكم من ضحايا دفعوا حياتهم ثمنا لتقليد أقرانهم لمحمد رمضان، ولعل أبرزها حادث مقتل تلميذ المنوفية الشهير بـ"شهيد الشهامة" الذي لقي مصرعه عقابا له على تصديه للطالب البلطجي الذي كان يتحرش بجارته.

وتكرر نفس الحادث في أكثر من محافظة في أوقات متزامنة لحادث المنوفية.. للأسف ليس الأجيال الصغيرة فقط هي التي تتأثر بأعماله الفنية التي باتت تنشر العنف والبلطجة وإنما الكبار أيضا.

قد يتهمني البعض بالمبالغة وأنني أظلم محمد رمضان وأحمله ما ليس له ذنب فيه وأن هذه الجرائم موجودة من قبل.. نعم هذه الجرائم ترتكب منذ قديم الأزل ولكن عندما تقع أنواع محددة من الجرائم في وقت معاصر لعرض أعماله وتصبح هذه الجرائم المقترنة بالعنف الزائد، وتتكرر تلك النوعية من الجرائم لتأخذ شكل الظاهرة إذن تكون أعمال رمضان جزءا مهما مسئولا ومشاركا بقوة في الانهيار الأخلاقي بالمجتمع.

أسوق مثالا عن مسئولية أعماله، فمنذ سنوات تضمن أحدها مشهد انتقامه من أحد خصومه، عندما أجبره على التجرد من ملابسه، ثم أجبره ثانية على ارتداء قيص داخلي نسائي ثم قام مع زبانيته بزفه على مشهده المزري، يطوف به الشوارع فلم تمضِ أيام على عرض هذا العمل الفني حتى حدث بنفس تفاصيله في إحدى مناطق الفيوم، ثم تكرر في منطقة عين شمس بالقاهرة وفي عدة مناطق أخرى.

فهل كان مثل هذا الحادث التجريسي الفاجر في ثقافة الانتقام وحسم الخلافات بين المصريين؟

ولعل الأسماء التي يكتبها كل أصحاب التكاتك والميكروباصات والأكشاك مثل عبده موتة والألماني والأسطورة، بل إن الكثير من الصبية والشباب الذين يتخذون من هذه العناوين اسم الشهرة لهم - خير دليل على تأثير أعماله التي فرضت، وعمقت ثقافة العنف والبلطجة، التي وجد نفسه فيها متماشيا مع رغبات منتجي أعماله بحثا عن عائد الشباك... ولتتحطم الأخلاق والقيم، ويذهب من يحميها إلى الجحيم.

المسئولية هنا لا تنحصر في محمد رمضان، ولكن فيمن رحبوا به وبأعماله، فقد وجدناه يجلس في الصفوف الأولى لاحتفالات رسمية، ووضح ذلك من الصورة.

ما زلت أتذكر تصريح وزيرة التضامن السابق فوق صورة تجمعهما في احتفال عام وهي ترحب به بشدة وتصفه بأنه قدم للمجتمع خدمات كثيرة ولم أفهم منها طبيعة هذه الخدمات.

وبالطبع كانت هذه الحفاوة التي رصدتها الصور دافعا لمحمد مضان بالغرور والاستمرار في نفس أفكار وموضوعات أعماله المدمرة.

عموما سعيد جدا بهذه الانتفاضة أو الصحوة الاجتماعية التي انطلقت في شكل حملات تندد به رافضة أعماله على هامش قصته الشهيرة مع الطيار الذي فقد مستقبله نهائيا بسبب خطئه بالسماح لرمضان بالتصوير داخل كابينة الطائرة أثناء الطيران مخالفا قواعد الطيران الدولي.

وهي الواقعة التي كشفت عن حقيقة معدنه وسلوكه المشين، فبدلا من التعاطف مع الطيار الذي فقد مستقبله نتيجة مجاملته لرمضان، صار يكيد له ويشهر به.

بالطبع لم يتأثر مضان من الغضبة الشعبية ضده ليقوده غروره الذي هو سمة لشخصيته وحياته، فراح يتهكم من هذه الحملات.. أعتقد أن مسئولية التصدي للأعمال السلبية لمحمد رمضان والحد منها يقع الجانب الأكبر منها على عاتق مؤسسات الدولة التي تتميز في هذه المرحلة الحالية بقوتها في حماية المجتمع والنشء.

لا بد من قرارات بمنع هذه الأعمال الداعية للعنف والبلطجة في كل الشاشات الخاصة والعامة واللوائح والقوانين المنظمة للعمل الإعلامي تجبر الجميع على الالتزام بما يصدر إليها.

ثانيا يجب إصدار توجيه للرقابة على المصنفات الفنية بعدم إجازة أي عمل فني يدعو للعنف والبلطجة أو يتعارض عامة مع قيم وأخلاقيات المجتمع المصري، سواء كان هذا العمل لمحمد رمضان وغيره.

هنا فقط سيتراجع أي منتج عن إنتاج بضاعته الفاسدة حتى لا يفلس، وسيضطر إلى البحث عما هو مفيد، فليس إقبال الجمهور على الشباك فقط للأعمال الهابطة.. ولنا في فيلم "الممر" خير دليل.

أجبروهم على الطهارة والبناء المفيد.

إعلان