لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تنمية موارد الدولة (١)

د. غادة موسى

تنمية موارد الدولة (١)

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

06:57 م السبت 03 أكتوبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

سيطر الحديث والخطاب الشعبي والرسمي منذ شهرين أو أكثر على العمل على تنمية موارد الدولة. سواء باستثمار الأصول الموجودة أو بتفعيل القانون؛ لتحصيل موارد مالية فقدتها الدولة عبر عقود.

وقد بدأ المواطن يرى ويلمس أن عائدات تلك الأصول تعود عليه بالنفع في شكل تقوية وتطوير البنية التحتية، وزيادة مساحة الرقعة الزراعية في الصحراء؛ لتعويض ما فقد جراء البناء العشوائي غير المنضبط على الرقعة الزراعية، إضافة إلى العديد من المشروعات الخدمية.

كل هذه الجهود هي جهود محمودة ومهمة للشعب المصري، وتعكس الجهود الدؤوبة؛ لتعويض الهدر الذي حدث في عقود سابقة.

إن تنمية موارد الدولة لها صور عديدة، وأولى تلك الصور: تكون من خلال الضرائب والرسوم. وهي موجودة في كافة دول العالم، الأمر الذي يقتضي إصلاح وتطوير النظام الضريبي من جانب، وتطوير نظام تحصيل الرسوم على قاعدة العدالة والالتزام الطوعي.

أما الصورة الثانية: فموجودة أيضًا في معظم دول العالم وهي المتحصلات من الغرامات نتيجة لمخالفة القوانين والقواعد.

وهذا الإجراء يمارس تجاه المخالفين عن عمد أو غير عمد؛ لذلك، وحتى يتم الحد من تلك الطريقة في تنمية موارد الدولة من الأهمية بمكان أن تكون القوانين والتشريعات واضحة ومحددة ومعلومة للجميع؛ لتجنب المخالفات واللدد في الخصومة بين أطراف المجتمع، وأيضًا؛ لتحصيل موارد الدولة بشكل طبيعي ومنتظم.

ومن ثم فإن جودة القوانين والتشريعات وإجراءاتها تضمن استقرار الحياة المجتمعية وتدفق العائدات عن استخدام موارد الدولة بشكل مستدام، هذا عن الصورة الثانية من تحصيل موارد الدولة.

وأود أن أضيف لها مخالفات الطريق. ولا أقصد بها المخالفات المرورية، ولكن مخالفات التعدي على الأرصفة وإلقاء القمامة وعدم تركيب كاميرات مراقبة في كافة المنشآت. وهي غرامات يتم تحصيلها ليس بهدف تحصيل الغرامات في حد ذاتها، وإنما؛ لتحقيق الانضباط والنظام والنظافة والحفاظ على سلامة وجمال البيئة.

فقد طبقت العديد من الدول الأفريقية غرامات عدم زرع الأشجار أمام المنازل والمنشآت. كما تطبق معظم دول العالم غرامات إلقاء القمامة في الطرقات. وجميعنا -من الذين سافروا خارج مصر- يعلمون جيدًا أنه لا يستطيعون أن يلقوا ورقة على الطريق خوفًا من الغرامات. أي أننا حريصون على نظافة البلدان التي نزورها أكثر من حرصنا على نظافة بلدنا لمجرد الخوف من دفع الغرامة!

أما النوع الثالث من تنمية موارد الدولة: فهو تحصيل غرامات عن مخلفات بناء المنشآت. فمعظم إن لم تكن جميع المنشآت الجديدة تخلف من ورائها كمًا من المخالفات تتمثل في حفر الشارع وتركه بدون رصف، أو ترك مخلفات البناء في عرض الشارع بدون رفعها أو إتلافها لخطوط المياه أو الكهرباء.

ولكن، تجدر الإشارة هنا إلى أن فلسفة الغرامات ليس هدفها الأول تنمية موارد الدولة، وإنما تحقيق الردع والنظام والامتثال للقوانين، وفي المقام الأول الحفاظ على موارد وأصول الدولة. فالشارع وخطوط المياه والكهرباء والرصيف هي سلع عامة ملك للناس. وإتلافها هو انتقاص من حق الناس في الانتفاع بها.

ففي إطار موضوع موارد وأصول الدولة يجب أن تتضح العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة حتى نتجنب الاحتراب المجتمعي.

فالدولة الناظمة التي تضع القوانين والقواعد والتنظيمات بشكل متكامل وبجودة عالية هي الدولة التي تضمن تحقيق الاستقرار في التعاملات، وتضبط العلاقة مع مواطنيها بما يعزز من السلام المجتمعي.

إعلان