لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شكرا عائلة ساويرس.. الجونة السينمائي الرابع افتتاح عالمي أنيق ضد الجمود

د. أمــل الجمل

شكرا عائلة ساويرس.. الجونة السينمائي الرابع افتتاح عالمي أنيق ضد الجمود

د. أمل الجمل
02:10 م السبت 24 أكتوبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

شاهدت الصور، بل تأملتها مليا، قبل أن أذهب إلى هناك. كانت تقول بأن المكان يبدو جذاباً، والإضاءة تُبرز جمالياته.

المؤكد أن الشعور صار مختلفا تماماً عندما أصبحت بين أحضان المكان على ريفيرا البحر الأحمر ليلة افتتاح الدورة الرابعة من الجونة السينمائي. كأنني خطوت في مكان مقدس، تصميم معماري مختلف، راق، بسيط، يبدو رقيقاً وآسراً، مزيج هارموني ساحر بين الحجارة والنخيل والإضاءة وتفاصيل أخرى، كلٌّ وُضع بحساب دقيق.

اختلفت الآراء حول هوية التصميم. شخصياً أشعر به قريبا جدا، أو مستلهما من زهرة اللوتس التي تمتلك رائحة زكية، وترمز للنقاء البشري وإدامة الشباب ومحاربة الشيخوخة والتجاعيد، لذلك لم يكن من فراغ أبداً أن تحتل تلك الزهرة مكانة مقدسة عند عدد من الثقافات.

وإن كان تفسيري هذا صائباً فإن اختيارها لهذا التصميم أيضاً يحمل- إلى جانب بعده الجمالي العالمي- تعبيرا رمزياً عن مقاومة الجمود والانتصار للحيوية والشباب.

خلف هذا المكان رجل الأعمال العبقري والبسيط جدا سميح ساويرس الذي عندما صعد إلى خشبة المسرح نجح في أن يجعل الناس تبتسم، ثم تضحك عالياً على مفردات يستخدمها بتلقائية شديدة، ثم يقول كلمة مؤثرة جعلت عيوننا تدمع على فراقه لخالد بشارة، أحد أهم الشخصيات التي عملت معه، ورحلت في مستهل هذا العام. وعرفانا بالجميل خصص المهرجان جائزة- تحمل اسم الراحل- للسينمائيين الشباب الذين يفكرون خارج الصندوق.

الافتتاح في أغلبه جاء راقياً، أنيقاً، بصبغة عالمية. بداية من الفيلم القصير بصوت الفنان المبدع ماجد الكدواني الذي يجعلنا نرى الكلمات في صور ملونة بالفرح والحزن والمقاومة بأداء صوتي رفيع. الحقيقة أيضاً أن مَنْ كتب التعليق الصوتي للفيلم القصير عبَّر بقوة وبلاغة عن مشاعرنا - إزاء جائحة كورونا - وعن دور وسحر السينما في تجميع الناس، ومقاومتها للزمن والحروب والكوارث.. وانتصارها وعودتها قوية مهما طالت الأزمات.

كذلك جاءت الأغنية الفرنسية «قصة حب» التي أهديت لذكرى الفنانين المصريين والعرب والعالميين الذين رحلوا عن عالمنا خلال عام ٢٠٢٠ ، من كلمات أحمد رشاد وتوزيع مصطفى الحلواني وغناء فرح الديباني، وسط تأثر كبير من قبل الحضور الذين لم يستطيعوا أن يمنعوا دموعهم.

المونتاج أيضاً في تلك الأغنية كان بارعاً وفنياً جداً. وكان إيقاع الحفل متوازناً جداً. الفقرات في أغلبها كانت سريعة، تلمس القلوب، تجاوب معها الجمهور، حتى عندما صعد الفنان المغربي الأصل الفرنسي الجنسية سعيد تغماوي إلى خشبة المسرح - ليتسلم جائزة تكريمه من الفنان المصري خالد النبوي - حدثت مفارقة ظريفة ذات دلالة قوية في رأيي الشخصي.

عندما صعد تغماوي لم ينل التصفيق كما يليق به كنجم بارع في فنون الأداء، ربما لأن أغلب الحضور لم يعرفوه، أو ربما لم يشاهدوا أفلامه، لكن بعد أن انتهى سعيد تغماوي من كلمته الصادقة عن علاقته بالفنان المصري عمر الشريف، ارتفعت الأكف عاليا بالتصفيق الحماسي. ليس فقط لأنه تحدث عن عمر الشريف، ولكن للأسلوب والطريقة الصادقة التي حكى بها عن علاقته بعمر الشريف والتي كانت تعرف طريقها المباشر إلى القلوب. هكذا يبدل الإنسان الفنان موقف الناس منه، ببضع كلمات صادقة حقيقية.

وهنا لا بد من تقديم التحية لانتشال التميمي، مدير المهرجان، لدقة ومهارة اختياره الشخصيات المكرمة على المستوى المصري والعربي والعالمي. وكل التحية والتقدير للأخوين سميح ونجيب ساويرس لجرأتهما وقرارهما الشجاع بإقامة هذه الدورة التي من المؤكد أنها سترفع اسم مصر عاليا، وتقدم رسالة للعالم أجمع مفادها أن مصر تمتلك الحضارة، وهي أيضاً قادرة على صناعة المستقبل، وأن مصر بخير.

إعلان