لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أهلاً بالشيوخ !

عصام شيحة

أهلاً بالشيوخ !

عصام شيحة
09:22 م الثلاثاء 20 أكتوبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لو أن التمنيات الطيبة تكفي لكنا تمنينا لوطننا الغالي أن يصبح بين ليلة وضحاها أقوى دولة في العالم، رغم أن هذه الدولة الآن تعيش مرحلة غاية في الصعوبة والقلق جراء تصدرها قائمة الدول الأكثر تضرراً في العالم من جائحة كورونا، فضلاً عن انتظارها سباقا رئاسيا متفرد، فاق حدود الإثارة إلى دائرة الخوف من الانحراف بالدولة، التي تعتبر نفسها حامية القيم الديمقراطية إلى مصاف الدول غير المستقرة أمنياً واقتصادياً وسياسياً.

لكن الواقع أن عملاً جاداً مخلصاً لا يمكن تغييبه عن كل الأماني، مهما كانت طيبة، حتى تنال مشروعيتها، وتحوز ثقة الناس بقدرتها على الوصول إلى أرض الواقع، دون حواجز تعرقل من تقدمها، أو تتجه بها ناحية المصالح المضادة للمصلحة الوطنية، وما أكثرها!

أقول هذا متأملًا مشهد استقبالنا مجلسَ الشيوخ في هيئته الجديدة، رغم مضمونه الخافت من أضواء الاختصاصات والمسؤوليات، على نحو أخشى معه أن يرث عدم الاهتمام الذي امتد بسلفه، مجلس الشورى، إلى دوائر النسيان، وألصقت به اتهامات تتعلق بكونه مجلساً للترضية، ولرديف مجلس النواب، فضلاً عن استهدافه تلميع صورة العملية الديمقراطية في بلادنا، ما دفع بالكثيرين منا إلى المطالبة بإلغائه توفيراً للمال والجهد، حتى عاد بتعديلات دستورية عام 2019 أعلت من الطموحات المتعلقة بمسار الديمقراطية.

ولست أشك في أن تعيينات مجلس الشيوخ راعت التنوع، وانتبهت إلى محددات بعينها تضيف أبعاداً مطلوبة بشدة، راجع هنا انتخاب سيدة مسيحية ومن حزب غير شائع وكيلة للمجلس، تُدرك كم عصفوراً تم ضربه بحجر واحد!

ورغم وطأة الكثير من المحددات تبقى كل المُنى ببقاء معيار الكفاءة في صدر قناعاتنا.

والحال أن كل الأمنيات الطيبة لا بد أن نحملها لكل من نال عضوية الشيوخ، معيناً كان أو منتخباً، ثم بعد ذلك حق علينا النظر بشغف إلى مقومات نجاح التجربة في ثوبها الجديد؛ إذ ليس لدى الدولة المصرية، وهي تصارع الكثير من التحديات والمخاطر، رفاهية تصحيح أخطاء كان من الممكن تلافيها، أو تحجيمها في أضيق الحدود وفق ما يُمليه الظرف الراهن.

من ذلك أننى شعرت بدهشة كبيرة وأنا أتابع تصريحات بعض الأعضاء؛ إذ وجدت عجباً ما كنت أظنه يطرح نفسه مُبكراً إلى هذا الحد!

فها هو كاتب متخصص في الرياضة يؤكد أنه سيعمل على ملفات الشباب والرياضة، وسيدة عضو تُبشرنا بأنها ستركز على قضايا المرأة والطفولة، وعضو ثالث إعلامي شهير يُمني زملاءه بكثير من الاهتمام بقضايا وأزمات الإعلام، ولم يتخلف عضو رابع عن أن يؤكد حرصه الشديد على تمثيل زملائه الفنانين بما يُعيد إليهم ثقلهم كقوة ناعمة!

والحال أننا بذلك أمام قناعات لم تستوعب جوهر مفهوم النائب البرلماني، وكيف أنه يمثل الشعب كله، ومن المتوقع منه أن يشارك في أعمال المجلس ككل، ولا ينفي ذلك أنه سيُدلي بنصيب أكبر في تخصصه، لكن مسألة الخبرات التي تغنينا بها أظنها كانت تفرض حداً أدنى من مقومات رؤية وطنية شاملة لقضايا الوطن، وثقافة واسعة تتيح لصاحبها الخروج الآمن من دائرة تخصصه.

وإن لم يكن الأمر كذلك؛ ففيم إذن كانت الجلسات العامة للمجلس؟! فقد كان يكفينا تشكيل مجموعات من اللجان المتخصصة... ودمتم!

أما وأن المُستهدف مشاركة واسعة تنطلق من منابع فكرية متنوعة تُثري بحق مخرجات المجلس من التوصيات والاقتراحات والرؤى الوطنية المدروسة بعناية وموضوعية؛ فقد لزم التنويه والتحذير.

أتفهم جيداً حداثة عهد الكثير من الأعضاء بالعمل النيابي، وهو أمر لست أراه عيباً؛ لما فيه من تجديد للدماء، لكن مُشاركة من الخارج تفيد في دعم وتعزيز فرص نجاح الشيوخ لهي مسؤولية وطنية يضطلع بها كل وطني غيور على وطنه، وقد فعلت... اللهم تقبل.

إعلان

إعلان

إعلان