لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حكاية أبي التي جسدها "سيد رجب"

محمد طه

حكاية أبي التي جسدها "سيد رجب"

محمد طه
09:11 م الأحد 14 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في عمر أبي ولديه من الملامح ما هو قريب منه، لكنني لم أدرك الشبه الحقيقي بينهما إلا مؤخرًا. فنحن جيل ورث من الهمّ ما ينسيه أحيانًا فلسفة التمعن في التفاصيل.

وُلد هو في أوائل الخمسينيات وأبي أيضًا. لديهما التجاعيد نفسها، وشيء من التفاصيل تحكيها كل شعرة بيضاء في الرأس، وكلاهما لا يبقى منه الآن إلا سرد؛ فالأول من خيال كاتبه، والثاني من السرطان ملّ قبل ست سنوات فرحل. هكذا رأيت الحكاية قبل أن أكتشف حقيقتها.

لم أشاهد مسلسل "أبوالعروسة" طوال فترة عرضه تليفزيونيًا. ولعل السبب عدم اقتناعي بأن ما يقدم من أعمال قادر على إقناع أبناء جيلي بمعالجة حقيقية لواقعنا دون رتوش أو إضافات تخدم فقط العملية الإنتاجية وعلى حساب المضمون.

بدأت متابعة المسلسل من حلقته الأخيرة بجزئه الثاني، قبل أن أعود وأقرر المشاهدة من البداية. وأغرق في تفاصيل أوقفني عنها سؤال.

"لماذا أنا مشدود إلى هذه الدرجة؟" أتابع الحلقات يوميًا، خلسة أحيانًا أثناء عملي، وكثيرًا في منزلي رفقة زوجتي التي لاحظت فيها القدر نفسه من الاهتمام.

"عبدالحميد" يشبه أبي "طه" إلى حد بعيد. كلاهما يصادق أبناءه ويصدقهم، وكلاهما صفع ابنه مرة وحيدة ثم بكى، وكلاهما صبر كثيرًا وما اشتكى.

"عبدالحميد" و"طه" لم يتلقيا من العلم ما يرقيهما لدرجة أفضل من موظف، إلا أن كليهما نال في الحب حكمة لا توصف. كلاهما فقير، غني عن الناس بالرضا.

أبحث عن أبي منذ فقدته ولم أجده إلا في شخصية "عبدالحميد" التي قدمها سيد رجب في "أبوالعروسة". ولست وحيدًا في هذا بل مثلي كُثر.

هذا عمل تجاوز ما يُقدم في أيامنا هذه، فتمازج مع واقع تمنيناه وغيّر في أفكارنا. هذا وصف لما يجب أن يكون الأب عليه، وأبي كان كما وجب أن يكون.

أما الأستاذ سيد رجب، فإنه صدق في رسالته، وتجاوزها ملبيًا نداء المتفاعلين مع "حكاية عبدالحميد". حمل الحلم إلى واقع معاش في حفل زفاف، كان فيه أب يوصي ويرحب بالحضور.

"سيد رجب" يُدرك تمامًا أن صاحب رسالة الفن حاضر في مجتمعه كالنبي، كأبي الذي رحل ثم عاد إليّ... في "أبوالعروسة".

إعلان