إعلان

 تأسيس أول بنك للقلوب الطيبة.. من الموتى..!

محمد حسن الألفي

تأسيس أول بنك للقلوب الطيبة.. من الموتى..!

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 26 نوفمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ربما يكون من حسن تمضية الوقت دون توتر ملازم لعملية الولادة القيصرية للحكومة الجديدة المنتظرة، خصوصا بعد فشل نبوءات حفنة العالمين المزيفين ببواطن الأمور كأنهم جالسون في غرفة تفكير صاحب الأمر والقرار، أقول ربما يكون الفرار إلى عجائب العلم، والطب فيه منفعة وفيه تسرية وفيه تدبر أكثر.

والحق أن آخر ما يمكن أن يُذهلك هو اكتشاف العلماء وأطباء القلب والأعصاب وجود مخ ثانٍ غير المخ الذي نعرف موضعه بالدماغ، ومقر سُكنى هذا المخ الثاني هو القلب!

نعم، يوجد مخ ثانٍ بالقلب.. عثر عليه الجراحون الذين يقومون بعمليات زرع قلب للأشخاص المنتهية صلاحية قلوبهم، فوجدوا خلية ذات ناقلات عصبية تنقل الإشارات المنسقة بين المخ الأصلي والمخ الإضافي في القلب. بداية التوصل إلى هذه النتيجة ما لاحظه الجراحون بعد الانتهاء من عمليات زرع قلوب متوفين حديثا.

تبين أن الاشخاص الذين حصلوا على قلوب جديدة لموتى صاروا يتصرفون، ويفكرون ويتذكرون على نحو يتطابق مع السمات السلوكية ونمط التفكير لدى صاحب القلب الأصلي.. وقدموا أمثلة لرجل لم يكن رياضيا قط، كما يروى طبيب المخ والأعصاب الكندي آندرو آرمور من جامعة مونتريال بكندا، حصل على قلب شاب رياضي، فتحول إلى ممارسة الرياضة وبعنف، والظاهر أن الميت كان عنيفا.. وفتاة صغيرة حصلت على قلب فتاة قتيلٍة في مثل عمرها، مع نقل القلب انتقلت إليها مخازن معلومات القلب الجديد.. الميموري الموجودة بالقلب تحولت إلى كوابيس وأحلام تجلت فيها صورة القاتل الذي اغتصب الطفلة المقتولة.. مع تكرار الجلسات مع الفتاة حاملة القلب الجديد وبحضور الشرطة تمكنت الفتاة من تقديم معلومات توضيحية لملامح القاتل وبالفعل ألقي القبض عليه وحوكم.. وأدين.

ما الذي سيحدث لسلوك إنسان مجرم حصل على قلب إنسان رومانسي حالم، عاشق للحياة والناس؟

هل نحصل على نسخة منقحة من مخلوق وديع؟

هل تصلح هذه الجراحة لتغيير نمط تفكير السياسيين والقادة هواة إشعال الحروب؟

هل يتم تصنيف البشر- وفقا لدرجة الخير والشر- فنحتفظ بالقلوب الطيبة، ونزرعها في صدور الطغاة؟

ربما لن تكون العملية الجراحية هي المشكلة؛ فعلى الأرجح ستكون المشكلة إعجاب الطاغية بطغيانه، أو إعجاب الغبي بغبائه، أو إعجاب البخيل ببخله أو تمسك المتهور بجنونه.

وطرح العلماء سؤالا موازيا مهمًا: أين يوجد العقل؟

هل العقل في الرأس؟

هل بداخل المخ؟

قطعوا بأنه لا سكنَ له محددًا في الدماغ.. بل العقل متغلغل ومنتشر في كل أرجاء الجسم الإنساني.. وله في كل عضو مندوب.. ناقل عصبي يتلقى، مثلا، إشارة من المعدة بالجوع، أو إشارة من العضلات بالغضب، أو أية إشارة بالاحتياج العاطفي أو الجسدي.. وعلى الفور يأمر العقل الجوارح باتخاذ اللازم.

حين نجح طبيب القلب كريستيان برنارد من جنوب أفريقيا في عام ١٩٦٧ في زراعة أول قلب بشري لميت داخل إنسان يعاني موت القلب تقريبًا، بدأت الملاحظات تتوالى عن تغيرات جوهرية في الشخصية حاملة القلب الجديد.

ومن الأمور المؤثرة بحق حدوث نزوع متبادل بين حامل القلب الجديد وبقية أفراد صاحب القلب المتوفى..!

وأثبت الجراحون والعلماء توافق السمات السلوكية وطريقة التفكير المكتسبة مع روايات أقارب المتوفى، كما لاحظوا كم المودة والامتنان والحب المتبادل؛ فهم يعتبرون زارع القلب حاملًا جزءًا حيًا من متوفاهم، فكأنه حي يرزق.

أظن أن كثيرين من السفلة والحمقى والمجانين بيننا الآن محتاجون لعملية تغيير قلوبهم..

وأظن أنه لكى يمكن حدوث ذلك، لابد من تأسيس بنك القلوب الطيبة.. الرقيقة الهامسة الوديعة المؤمنة الشاعرية العاقلة.. أما القلوب الغليظة، فتدفن مع أصحابها في قرار مهين!

ممكن هذا، أم حلم ووهم؟!

ما قرأناه للتو كان حلمًا ووهمًا..! وصار حقيقة.

إعلان

إعلان

إعلان