لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مخلفات البناء وإهدار مواد إنتاج

مخلفات البناء وإهدار مواد إنتاج

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:00 م الأحد 23 سبتمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مع اتساع حركة البناء والتعمير على كافة أراضي الدولة تتزايد مخلفات البناء بشكل مطرد. وتتنوع تلك المخلفات بين صخور ورمال وطين تنتشر في وسط وعلى جنبات الطرق، إلى أن صارت مكوناً من مكونات مشهد الشارع المصري فاعتادتها أبصارنا، بحيث لم نعد نلتفت لها اندهاشًا أو رفضًا.

والأمر - مع التوسع العمراني والتخطيط لبناء مدن جديدة - مرشح للزيادة والانتشار. وبالتالي توقع مزيد من شغل مساحات إضافية من الأراضي لتتكون جبال وتلال من المزيد من مخلفات البناء. فيكفي أن تتجول في ضواحي وعلى أطراف مدينة القاهرة أو مدينة الجيزة لتصطدم بهذه التشكيلات الصفراء المشوهة.

ويثير ما سبق تساؤلاً حول من هم أطراف تلك المشكلة؟ وهل يدركون أنها مشكلة أم هو أمر طبيعي أن نعتاد رؤية هذا التشوه للشارع المصري، مضافًا إلى تشوهات أخرى سبقت الإشارة إليها في مقالات سابقة؟

وهل يكون الحل في التخلص من مخلفات البناء في المقالب العمومية مع القمامة وكافة المخلفات الأخرى؟

تجدر الإشارة إلى أن أي تصريح للبناء يكون متضمنًا إلزام الجهة أو الشخص المنفذ بالتخلص من مخلفات البناء في مقالب عمومية. أي لا بد من توافر تلك المقالب حلًا مبدئيًا. لكن ماذا عن إصلاحات وتعبيد الطرق التي تقوم بها الدولة، ويتم ترك المخلفات على جانبي الطريق؟ هل تلتزم الدولة أيضاً برفعها ونقلها لمقالب عمومية؟ وإن لم تفعل، فمن يسهل مهامها في ضوء زيادة التكاليف والأعباء المادية، حيث قد تكفي بالكاد لشق ولإنشاء الطرق؟ كما يثار تساؤلٌ حول وجود مدد زمنية محددة للرفع والتخلص من تلك المخلفات

الملاحظ أن الاهتمام والاعتناء ينصب بشكل رئيسي على البناء دون غيره. وكلٌ يلقي بعبء رفع المخلفات على الآخر، إما على المقاول أو على صاحب البناء أو على الحي، فتضيع المسؤولية وتتوه إجراءات المساءلة، وتخسر الدولة فرصًا استثمارية إضافية بفعل العوامل السابقة.

فهل يمكن التفكير في حلول أخرى تساعد على إدارة تلك المخلفات، وتنهي حالة إشغال الشوارع والطرق بتلال الرمال والطوب والأسمنت؟ ومن ثم تحسين حالة الشارع المصري؟

مما لا شك فيه أنه يمكن الاستفادة من تلك المخلفات وتحويلها لمواد إنتاج مثلما يتم تدوير القمامة ببعض المعالجات والتدخلات العلمية. يمكن تحويل تلك المخلفات إلى نوع من التربة تحتمل زراعة بعض نباتات الزينة على جانبي الطرق. كما يمكن معالجتها لتصلح مرة أخرى مادة للبناء. كما قامت بعض الدول ببعض المعالجات لتلك المخلفات في تبطين حفر في الأرض لإلقاء القمامة بدلا من سلات القمامة التي تتعرض للسرقة والإتلاف، أو إقامة الأسوار الصخرية للبنايات أو الحدائق، إضافة للعديد من الأفكار الأخرى التي تساعد على عدم تبديد تلك المخلفات وإدارتها لتصلح كمواد للإنتاج وكمدخلات للحفاظ على البيئة.

وهو الأمر الذي يفتح مجالات وآفاقًا أرحب لأشكال جديدة من الصناعات التحويلية، ومن ثم مصادر إضافية للدخل الفردي

أما بالنسبة للدولة فتتحمل مسؤولية تغليظ العقوبات من خلال قيام الأحياء في المدن بزيادة الغرامات على المخالفين أمرًا ضروريًا وملحًا للحفاظ على المظهر الجمالي للشارع، وتفريغ الشارع من الإشغالات المبددة لفرص استثمارية والمشوهة للذوق العام.

ويبقى التساؤل حول الجهة المعنية التي يمكن أن تضطلع بهذا الدور، إلى جانب تحصيل الغرامات بلا غلو أو تقصير، فهل هو الحي أم إحدى الجهات التابعة لوزارة البيئة أم جهة ثالثة في طور الإنشاء؟ أيا كانت تلك الجهة فإن عوامل الكفاءة والابتكار والفعالية والشفافية والنزاهة لا بد أن تكون حاكمة في وضع حد لتلك الظاهرة المستمرة في الهيمنة على شوارعنا ًوأبصارنا وأذواقنا العامة.

إعلان