لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أفلام العيد.. أكثرها فنية "تراب الماس" وأخفها ظلاً "البدلة"

أفلام العيد.. أكثرها فنية "تراب الماس" وأخفها ظلاً "البدلة"

د. أمل الجمل
09:01 م السبت 25 أغسطس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هناك مقولة منسوبة لأينشتاين يقول فيها: إن الإيجو يساوي واحدا على المعرفة، وكلما زاد الإيجو توارت المعرفة. وطبعا العكس صحيح.
الأمر ذاته ينطبق على الوسط السينمائي بمصر، مع إضافة تنويعات أخرى، فكلما توارى الإيجو والغرور يمكن أن نتوقع تعاونا فنيا بين عدد من الخبرات والكفاءات والمواهب، مما ينعكس بصورة إيجابية على العمل، وصناعه والجمهور.

المهم أن الإنسان يفكر في أهمية العمل، وقيمته التي ستبقى من بعده، فلا يكون شغله الشاغل الأول والأخير أن يستحوذ هو على الجمهور، في حين أن الأولى به أن يفكر طويلاً كيف يمكن للعمل ذاته أن يستحوذ على قلوب وعقول الجمهور.
الهدف الأخير يحقق الأول، لكن الثاني نادرا ما يحقق الأخير، وعلينا أن نتأمل لماذا لم يتخلّ الجمهور عن توم كروز مثلاً في الأجزاء المختلفة من المهمة المستحيلة؟

لعبة الإيرادات!
أمران اثنان جعلاني أستعيد كلمات أينشتاين السابقة. الأول ما قرأته - على بعض المواقع - عن تبادل الكلام الجارح والاتهامات والهجوم بين الممثل محمد رمضان بطل فيلم الديزل، ووليد منصور منتج فيلم البدلة، فكما قيل رمضان بدأ باتهام منصور بأنه غير أرقام إيرادات فيلمي الديزل والبدلة لصالح الأخير.

ما يهمني الآن أن تلك الحرب الكلامية بها جُملة غير واضحة لي، وتستدعي بعض التساؤلات:
يعني إيه غيَّر أرقام الإيرادات؟
هل كان فيه إقبال جماهيري مثلاً علي فيلم الديزل أكثر من البدلة، فتلاعب منصور في الأوراق والكشوف الرسمية المقدمة من دور العرض السينمائي وجعل النتيجة المعلنة تختلف عن النتيجة الحقيقية؟!
وهل احتمال التلاعب قائم؟!
هل يتم الأمر بدفع أموال؟
لمن؟
وهل لعبة الاختلاف أو التلاعب بالأرقام مع كل الأفلام، أم أفلام معينة؟
هل النجم شريك في ذلك أم المنتج وحده؟!
هل يعني هذا أن هناك أرقاما معلنة للدعاية والبروباجندا وأرقام أخرى تُقدم للضرائب؟!
وكيف يحدث ذلك؟
وأين غرفة صناعة السينما من كل هذا؟!
والباحث السينمائي الجاد يسعي لفهم الجمهور ويدرس بعض الظواهر في السينما المصرية لو أراد عمل دراسة عن تلك السينما وكانت إيرادات الشباك جزءاً أصيلاً وجوهرياً من بحثه فكيف إذن يثق بتلك المعلومات المقدمة إليه من دور العرض السينمائى؟
وإلي أي حد يُعتبر البحث علميا؟ وهل يُعتد بالدراسات والبحوث السابقة التي استشهدت بأرقام وإيرادات الشباك؟!

مشاهدتان لفيلم مروان

شاهدت تراب الماس للمرة الأولى عقب فيلم أجنبي ممتع جدا. مع ذلك أعجبني أيضاً فيلم مروان حامد. رغم ملاحظاتي الأساسية علي أداء بعض بطلاته والسيناريو- وأفكار تخص محمد نجيب وفترة حكم عبدالناصر- يظل بعد مشاهدتي لخمسة أفلام- هي: البدلة، الديزل، بني آدم، الكويسين- هو أهمهم فنيا وسينمائياً، مع العلم أنني شاهدته مرتين في يومين متواليين، وفي المرة الثانية لم يصبني أي ملل، بالعكس استمتعت أكثر بأداء نجومه خصوصا آسر ياسين، وأحمد كمال وماجد الكدواني، ومحمد ممدوح، كذلك استمتعت بأسلوب مروان في الإخراج، بقدرته علي ضبط الإيقاع، وخلق حالة سينمائية جعلتني أعايش الشخصيات، بقدرته أيضاً علي إدارة فريق عمله بأكمله من تصوير ومونتاج وموسيقي، وتوجيه الممثلين.

عندما يستمتع المرء بمشاهدة فيلم تراب الماس في أعقاب مشاهدة فيلم أجنبي- يتميز بالجودة عالية المستوى فنياً وفكرياً- يُؤكد أن فيلم مروان صمد في المقارنة مع جودة الشريط الأجنبي، لأن المقارنة تحدث في اللاوعي. أما القدرة على الاستمتاع والتأمل في المشاهدة الثانية، فهي أمر حاسم بالنسبة لي على جودة العمل رغم أي تحفظات عليه.

الغث قبل الجيد أحياناً
لا بد أن أعترف أن مشاهدة أفلام العيد لا تسبب لي أي نوع من البهجة إلا فيما ندر، حالات استثنائية، لكني أدخل أغلبها وأشاهده. أحياناً حينما أفقد قدرتي على التحمل أشاهدها على جرعات مخففة، يعني كل أسبوع فيلم مثلاً. لكن لابد من مشاهدتها بحكم ممارستي لمهنة النقد، ولقناعتي بضرورة متابعة ما يعرض حتى لو كان رديئا لعدة أسباب، أولها ألا أنخدع في مديح البعض فلا أصدق أنني فوت فيلماً عظيماً، وحتى أشتبك في نقاش عنها وقت الضرورة لإضاءة بعض التفاصيل، كذلك لا بد من تقييم تلك الأعمال ومعرفة وضعها مقارنة بأقرانها في السينما المصرية حتى لو كنت غير راضية عن مستواها. الاحتراف يتطلب ذلك، يتطلب أن تتحمل مشاهدة الغث قبل الجيد وتكمله حتى النهاية.

مفاجأة "البدلة"
مساء ليلة الوقفة بعد يوم شاق ومرهق وجدتني أقف أمام شباك التذاكر. لمحت أفيش فيلم "البدلة" على شاشة حجز التذاكر. تامر حسني له جمهور عريض من المراهقين والشباب الذين يُحبون أغانيه. كانت القاعة تكاد تكون ممتلئة. لا أريد أن أضايق نفسي بمشاهدة فيلم رديء قبل النوم، وبعد يوم لطيف مع عدد من الأصدقاء رغم الإرهاق. امتلاء القاعة شجعني على اللحاق بهم وحتى أتابع رد فعل الجمهور، وفي أسوأ الحالات سيكون هناك أغانٍ تلطف الأمسية. بينما الأفلام الأخرى غير مضمونة، لأنها ستلعب على الكوميديا الأقرب إلى الاستظراف، أو على الأكشن.

المفاجأة أن الفيلم كان لطيفا، كتبه الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر بشكل جيد رغم بعض المبالغات أحياناً والتي أعتقد أنها كانت ارتجالا من بعض الممثلين.
في النهاية وإجمالاً أعترف أن الفيلم البسيط الذي دخلت لمشاهدته بمفردي معه تلاشت وحدتي، وجعلنا - أنا وآخرين كانوا يملأون القاعة - نمضي أمسية ظريفة مسلية. ضحكنا بدرجات متفاوتة، بقوة أحياناً، وبدرجة أقل في بعض المرات. ابتسمنا بسبب عدد من المواقف المصنوعة بشكل جيد، أو بسبب التلاعب بالألفاظ أحياناً، أو التفسير الخاطئ لبعض الكلمات الإنجليزية التي وضعت البطل في المأزق، رغم أنها أحياناً كانت تزيد على حدها خصوصا مع أكرم حسني رغم أن أدائه جيد ومبشر وواعد، لكن اللافت أنه يكرر نفسه، فأداؤه وملامح شخصيته في الكويسين لم يختلف عن البدلة في شيء. عليه أن يذاكر أدواره ويبحث عن الاختلاف فيها، ويحاول خلق أسلوب مغاير للشخصيات وتطوير أدائه، فلا يكتفي بالتلقائية لأنها بعد قليل ستكون محفوظة ومكررة.

في تقديري أن الذي ساهم أكثر في إنجاح البدلة وفي تصدره الإيرادات تضافر الكتابة الجيدة للسيناريو الذي توفر له أداء تامر حسني بخفة دم، ومن دون افتعال، وبقدرة على الضحك بتلقائية تجعل من أمامه يضحك لضحكه، وكذلك شريكه في البطولة أكرم حسني، وأسلوب الإخراج الذي يعتمد على تناقض الصورة مع الكلام أحياناً، وضبطه للإيقاع وأسلوبه في تقطيع بعض المشاهد وتجزئتها على لقطات ثابتة منحنا الفرصة أحيانا للضحك أكثر من استرسال المشهد، مما جعل الفيلم في حال أفضل.

هل كان الخطأ مقصودا؟!
صبيحة أول أيام العيد قررت أبدأ بمشاهدة الكويسين الذي تم تأجيله بعد أن كان مقررا له العرض بالتزامن مع تراب الماس، وأعتقد أن القرار كان صائباً، ولو كان عرض قبيل العيد لكانت محصلة إيراداته أقل بكثير مما حققه في العيد فعلياً. وذلك رغم أنه في أول عروضه وأمام قاعة العرض تجمهر عدد كبير من الصبية المراهقين، وكأنهم في رحلة مدرسية لدرجة أن البلاسير أصر على إيقافهم على جنب حتى ينتهي من إدخال الآخرين من العائلات والفتيات.

كانت قاعة العرض ممتلئة بالجمهور في حفلة العاشرة صباحاً، ولكن بعد الإعلانات بدأ عرض فيلم البدلة، وهاجت القاعة، وتصدر صوت جهوري يردد:
- ده مش الفيلم اللي دفعنا له فلوسنا، عاوزين الفيلم اللي اخترناه يا ترجعوا لنا فلوسنا.

أثناء الهرج والمرج تطوع أحدهم بالخروج بحثاً عن البلاسير، ليطلب تصحيح الفيلم. فجأة سمعت إحدى الفتيات كانت تجلس خلفي مباشرة تسأل بنبرة اهتمام: هو ده الإعلان بتاع الفيلم، ولا الفيلم نفسه؟ فالتفت أنا إليها وأجبتها بأنها بداية الفيلم بالفعل وليس مجرد إعلان. من اللمعة في نظرة عيونها يبدو لي أنها اتخذت قرارها بمشاهدة الفيلم.
وسألت نفسي: ترى هل كان الخطأ مقصودا أم هو خطأ حقيقي تنتفي عنه العمدية؟ ربما يكون نوعا من الدعاية الذكية خصوصا لو كانت مقدمة الفيلم قوية وجاذبة للجمهور، فبينما ترى اسم تامر حسني بطلا يتصدر المقدمة تجد أيضاً حسن الرداد يجري هناك وهناك كأنه البطل في إيقاع لاهث خفيف وطريف.

خلال خمس دقائق ما بين الإخبار وقدوم الموظف وإبلاغ المختص بتصحيح الخطأ كانت القاعة بدأت تهدأ وتندمج مع فيلم البدلة. تم تصحيح الخطأ وبعد مرور أقل من النصف الأول من فيلم الكويسين سمعت أحد الصبية المراهقين يسأل زميله:
ما تيجي ندخل فيلم تاني؟
مش هينفع
ليه؟ فاضل معاك كام؟
٤٠ جنيه
عملت بالفلوس إيه؟ مش كان معاك ١٥٠ جنيه؟ راحوا فين؟

كانت مشاهدة الكويسين محبطة جداً، رغم كم النجوم والممثلين اللي المفروض يعرفوا يشيلوا عمل فني ويرفعوا مستواه، لكن هذا دليل آخر على أن السيناريو هو الركيزة الأولى للعمل. المفاجأة غير السارة هي الهبوط الحاد في مستوى ممثلين مثل بيومي فؤاد، وأداء أحمد فهمي الذي استبشر البعض بأنه انفصل عن الثنائي هشام ماجد وشيكو.
في تقديري تبدأ المشكلة مع مثل تلك الرغبات في الانفصال عن شركاء النجاح لتوهمك أنك قادر علي خلق النجاح بمفردك.
هذا هو الغرور والإيجو الذي يقود إلى أسفل. المشكلة كتير من النجوم عاوزين يتقال إنهم سبب نجاح الفيلم، إن هم اللي جابوا الجمهور للفيلم، ولأنهم يفكرون بتلك الطريقة فأعتقد أن أغلبهم لن يقدم عملا جيدا يجذب الجمهور الحقيقي، فهذا الجمهور الذي رفع بعض الأفلام وجعلها تتصدر إيرادات شباك التذاكر لو تم عرضها بعيدا عن موسم العيد لن تحقق ربع هذه الإيرادات.
هذه الأفلام تأخذ قبلة الحياة من السطو على فلوس العيدية من جيوب الناس التي لديها رغبة قوية في أن تقضي وقتا جيدا، ونظرا لقلة الخيارات الجيدة في بلادنا فتظل مشاهدة تلك النوعية من الأفلام من أفلام الخيارات والمتنفس الأكثر انتشاراً.

مأزق الكويسين

صحيح أن الفيلم يتعامل مع شخصيات درامية - أغلبها - يتسم أسلوب حياتها بالأفورة والمبالغة في كل شيء، لكن أيضاً تمثيل الأفورة والمبالغة والافتعال له حدود، وله إيقاع، لأنه لو زاد عن حده انقلب للعكس تماماً. وهذا هو المأزق الثاني الذي يعاني منه الكويسين، بعد ضعف السيناريو بالطبع في مناطق كثيرة.
اللافت أن المشاهد الكوميدية لم يكن مصدرها أحمد فهمي لكن ممثلون آخرون. أحمد فهمي، هنا، كان تمثيله باهتاً رغم وجوده طويلا على الشاشة.

في حفلة الواحدة- من نفس اليوم - قررت أشاهد سوق الجمعة، فالعنوان مُغرٍ رغم أنني متشككة في جودة الفيلم من سيرة أبطاله ومعرفة أسلوبهم في أفلام سابقة. فجأة انتابني الخوف وتراجعت فقد وجدت اثنين فقط في القاعة. صحيح أستمتع عندما أشاهد الأفلام وحدي تماماً في قاعة العرض السينمائى، لكني مع أفلام العيد أفضل مشاهدتها مع الجمهور، يهمني في تلك المشاهدات - الاضطرارية التي أرغم نفسي عليها - أن أستأنس بوجود الناس وأنصت إلى تعليقاتهم، فربما أتفهم لماذا يتجاوبون مع تلك النوعية. لذلك قررت تغيير الخطة ومشاهدة الديزل وسط الجمهور العريض فالقاعة كانت شبه مكتملة.

التكرار والخواء
بدأ الفيلم بداية واعدة بعد مشهد طويل استعراضي للبطل الذي سرعان ما سنكتشف أنه الدوبلير الخاص بمحمد رمضان، أثناء ذلك قرأت على التتر أسماء ثلاثة من كتاب السيناريو فاستبشرت خيرا وقلت لنفسي، برافو يا رمضان عاوز تعمل فيلم مختلف، وتحاول تغير الصورة السلبية المنطبعة عنك في الفترة الماضية، برافو إنك قدرت تقنع ثلاثة يشتغلوا على السيناريو.

واحدة من الأشياء اللافتة التي كانت تميز سيناريوهات الأفلام المهمة في تاريخ السينما المصرية في الماضي أن تجد أكثر من كاتب شارك في السيناريو والحوار، وأحياناً يصل عددهم سبعة. الأمر ذاته موجود بقوة في هوليوود فهي صناعة ضخمة، لذلك فكل جزء، وكل منطقة في السيناريو لها متخصصون، منطقة الإجرام لها كتاب، والكوميديا لها كتاب، والتحليل النفسي لها كتاب، هناك جيش ضخم يعمل على السيناريو حتى إن لم يتم الإعلان عن ذلك، وليس الأمر كما تُكتب السيناريوات في بلد المحروسة.

سرعان ما تحول الديزل، بعد وقت قليل إلى أكشن صرف، غير جذاب، بدون تطوير مقنع للحبكة، ومن دون تقديم معلومة ترضي غرور المشاهد وتخبره لماذا كان هؤلاء الناس الكبار الأثرياء يقتلون النساء أو يتسببون في قتلهن؟! فما قدمه السيناريو كلام هلامي، عام، فالملل لم يكن كافياً أو لم يبدو كافيا بالفيلم، لأن ما تم تصويره من أفعال للتخلص من ذلك الملل لم يكن مقنعا ولم أره كافيا، إذ يفتقد الإثارة والتشويق وأي من مغريات إشباع الإدمان على الأشياء المتطرفة الشاذة لدى هذه الطبقة من الأثرياء.

مع ذلك، يمكن أن نرى بالفيلم أن أداء ياسمين صبري أصبح أفضل في ظل وجود شخصية مرسومة- إلى حد ما- بشكل أفضل من دور الفتاة الساذجة في شريط ليلة هنا وسرور. أيضاً، وبشكل أفضل من أداء ياسمين نجد أن شخصية فتحي عبدالوهاب كانت تمتلك ملامح وهيئة شخصية إجرامية مختلفة، أو ربما مهارة أداء عبدالوهاب هي من خلق لها تلك القوة، وجعل منها شخصية يمكن لها أن تكون بطلا جذاباً للجمهور على غرار الأب الروحي، لكن السيناريو المفرغ من المضمون، وكذلك الإخراج المكرر الرتيب الذي لم ينقذه سوى الأكشن لم يساعدا فتحي عبدالوهاب أن يصل بالأداء وتطوير الشخصية إلى أفضل مدى.

بني آدم
كان يمكن لفيلم بني آدم أن يكون العمل الثاني في ترتيب الإيرادات أو على أقل تقدير كان يمكن له أن يتفوق علي الديزل، لأن السيناريو يرسم شخصية البطل غنية في الأفكار في بعض المناطق، ولأن المخرج نفذ مشاهد الأكشن، خصوصا مشهد السطو المسلح علي البنك بشكل متقن. فكان يمكن له أن يجمع بين الإيرادات والقيمة الفنية، لكنه لم ينجح في تحقيق تلك المعادلة، ويصعب أن نعتبره فيلما يستند إلى لغة سينمائية.

أفسد الفيلم عدة أمور: افتقاده للإيقاع والحالة السينمائية، إذ ينتمي للدراما التليفزيونية، وربما ساهم في ذلك أن مؤلفه عمرو سمير عاطف أصلاً كاتب تليفزيوني مثلما اشتغل عدد من مسلسلات السيت كوم، مما أثر علي أسلوبه في كتابة السيناريو وصبغه بطابع تليفزيوني، كما أن إخراج أحمد نادر جلال لعب دوراً كبيراً، إذ ربما لعدم إدراكه لذلك الخيط الرفيع بين الوسيطين - السينما والتليفزيون - فخلق هذا الحس التليفزيوني وذلك من خلال المساحة التي يتنفس فيها كل مشهد، بمعني إيقاعه وقدرته على نقل الحالة النفسية في إيقاع منضبط، وعلاقة إيقاع كل مشهد مع إيقاع العمل ككل.

إضافة إلي أن يوسف الشريف رغم أدائه الجيد لكنه ليس من تلك النوعية من نجوم السينما التي تمتلك الحضور الطاغي والجاذبية القوية التي تجعل شريحة عريضة من الجمهور- خصوصا من المراهقين والشباب- تذهب إليها خصيصاً، ونجاحه التليفزيوني لا يُعتبر كارت بلانش لتكرار النجاح في السينما، وهذا ليس ذنبه، فممثل عملاق مثل يحيى الفخراني بكل سطوته في فنون الأداء لكنه لم يكن نجم شباك يذهب إليه جمهور السينما لمشاهدته، وهي معضلة كبيرة تبدو أحياناً غير مفهومة. مع ذلك يمكن القول إنه لو هناك سيناريو سينمائي بالمقاييس العالمية يُمكن للجمهور أن يحطم تلك القاعدة.

احترس.. بيومي فؤاد يرجع للخلف
لم يكفِ الانقلاب الدرامي الذي يحدث قرب نهاية فيلم بني آدم لجذب الجمهور وإرضائه، لأن البناء الدرامي أصلاً غير جذاب، وإيقاعه الرتيب- رغم الأكشن والمفاجآت- أسهم فيه مقاطع الحوار الطويلة على لسان بطل الفيلم يوسف الشريف أثناء المحاكمة الإلهية، رغم أهمية بعض أجزاء منها خصوصا في البداية وحديثه عن عدم الإحساس بالذنب أثناء ارتكاب تلك الأعمال، لكن لا السيناريو، ولا المخرج نجحا في ضبط الحوار وإيقاعه.

على جانب آخر، افتقدت الشخصية التي أداها بيومي فؤاد إلي الهيبة أو القوة، إذ يُمثل وفق سياق الفيلم قوة إلهية ما، أو كائن من العالم الآخر له علاقة بالحساب بعد الموت، مع ذلك ورغم أسطورية الشخصية وأهميتها لكني أعتبر أداء بيومي فؤاد من أسوأ الأدوار التي أداها، وجعلني أشعر بأنه تعامل معها من منطلق النحتاية أو السبوبة بلغة أهل السوق، إذ يقدم أداءً مدرسياً تقليدياً من دون أدنى انفعال تلقائي، وبين كل الأفلام التي شارك بها في العيد أرى أن أفضل أداء قدمه كان في تراب الماس رغم قصر الدور.

إعلان

إعلان

إعلان