لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حتى تكتمل الصورة

حتى تكتمل الصورة

د. ياسر ثابت
08:59 م الثلاثاء 31 يوليو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الصورة التي رسمها الرئيس عبدالفتاح السيسي لمصر في ٣٠ يونيو ٢٠٢٠، في جلسة «اسأل الرئيس» في ختام جلسات الانعقاد السادس للمؤتمر الدوري للشباب- تستحق قراءة متأنية.

بداية، تبدو ملامح الصورة اقتصاديًا وإداريًا واعدة ومبشرة بنقلة حقيقية

تسمح بتهيئة المجال الاقتصادي لغدٍ أفضل، مع الاستعداد لمواكبة التطوير التكنولوجي الرقمي بآفاقه العالمية، باعتباره قاطرة مهمة لمعالجة مشكلات البيروقراطية والترهل الإداري والفساد، التي تعرقل مساعي جذب الاستثمارات وتدفقها على مصر.

هكذا رسم السيسي صورة مصر في ٣٠ يونيو ٢٠٢٠، بخطوطها الرئيسية، ومكوناتها، بداية من انتهاء المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة ونقل مقار الوزارات جميعا إليها، قائلًا: «خلال السنتين الجايين تكون الحكومة راحت العاصمة الإدارية ونكون عملنا كل التجهيزات الخاصة بهم»، وكذا مدينتا السلام شرق بورسعيد، والإسماعيلية الجديدة «هيكون انتهينا من ٥٨ ألف شقة في الإسماعيلية الجديدة، والمرحلة الأولى من مدينة السلام»، وليس انتهاء بالمرحلة الأولى في مدينة العلمين بشاطئ للعامة بطول ١٤ كيلومترًا وبعمق كيلومتر على أجمل شواطئ المتوسط.

لم يفت الرئيس التذكير بنصيب الصعيد في الصورة الجديدة لمصر ٣٠ يونيو٢٠٢٠، حيث ستتشكل على الأرض ٦ مدن جديدة يجرى العمل فيها على مدار الساعة.

ملمح آخر لصورة مصر الجديدة تتضمن اكتمال إنشاء شبكة الطرق المصرية التي جرى مدها خلال السنوات الأربع الماضية لتربط أطراف الخارطة المصرية جميعـًا. وتحدث السيسي عن الاكتفاء الذاتي من الغاز، قائلًا: "المواطن اللي مفيش خطوط أنابيب توصل لبيته هي دي المناطق غير المجهزة وبنخاف ندخلها غاز لتحصل كارثة، نكتفي إننا نمد الغاز لطبقات التخطيط العمراني يسمح لها بدخول الغاز، ولو ربنا أكرمنا بحاجة تانية هيكون أكتر من اكتفاء، وربنا يكرمنا بـ١٠ أو ١٢ حقل غاز".

هذه الصورة البراقة لمصر ممتازة، لكننا نظل بحاجة إلى حدوث تحول سياسي واجتماعي جذري يسمح بتولد إرادة تنموية حقيقية. مطلوب خارطة طريق تحدد سبل إحياء الدولة المصرية لتستعيد دورها ومكانتها ورسالتها، وتحفظ حقوق مواطنيها وتصون حرياتهم وتحمي السلم الأهلي في إطار تنظيم ديمقراطي قواعده الشفافية والمساءلة والمحاسبة والمشاركة الشعبية.

مطالب لها وجاهتها، في بلدٍ يضم أشباه مؤسسات، تنتج أشباه منتجات وتقدم أشباه خدمات بالمفهوم العلمي والعالمي. وهو أمرٌ منطقي؛ لأن الانضباط غائب والنزاهة مغيبة والتخطيط السليم مفقود والقيم السائدة في المجتمع لا تهتم بجودة الفرد ونوعية الحياة.

إن التحديات التي تواجهها مصر جمة وخطيرة، وتحتاج إلى تعدد الأصوات وكشف الحقائق وفتح المجال أمام مشاركة كل المعنيين بالعمل العام.

لقد حانت لحظة تطبيق الديمقراطية والتعددية السياسية والمحاسبة وفق أسس الكفاءة والنزاهة وحُسن الإدارة والتخطيط في مصر، وإن لم نلتقط طبيعة اللحظة غفلة أو تغافلًا؛ فالبديل مرعب.

في تقديرنا أن المهمة التاريخية الراهنة هي إعادة بناء وتحديث مؤسسات ومرافق الدولة التي أصابها الترهل والشيخوخة وعدم الكفاءة على مدى الزمن.

من ناحية أخرى، يجب العمل على إعادة اللُحمة بين مكونات المجتمع المصري ليتم تحقيق أكبر قدر من التماسك المجتمعي الذي يسمح بإطلاق القوى الحيَة في المجتمع من خلال رفع المظالم وتحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية في الريف والمدينة. وهذا يستدعي بدوره توسيع حرية المجال العام، وتمكين المرأة والشباب، وتقوية منظمات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات لوصل ما انقطع.

إن بناء مجتمع تعددي حقيقي، يحترم تنوع الآراء، هو الضمان الوحيد للاستقرار طويل الأجل والأمن في مصر، الأمر الذي يمهد الأجواء لنهضة الوطن وتنفيذ خطط تنموية ومشروعات اقتصادية واعدة. بقدر خطورة الأزمات المتفاقمة فهناك حاجة للتخفف من الهستيريا السياسية التي تمنع أي حوار حول المستقبل وتحجب كل اجتهاد خارج الخطاب الرسمي.

هذا هو المطلوب لمستقبل مصر وأهلها، حتى تكتمل صورة الإصلاح.

إعلان

إعلان

إعلان