لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الأزهر والشباب والهوية المصرية (2)

الأزهر والشباب والهوية المصرية (2)

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:01 م الإثنين 21 مايو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

استكمل في هذا المقال ملاحظاتي المتعلقة بالتفاعل مع شباب الجامعات في إطار مبادرة "اسمع وتكلم" Listen and Talk التي أطلقها مركز الأزهر العالمي، والذي دار حول موضوع توجهات الشباب نحو الهوية الوطنية المصرية في عصر العولمة.

تتعلق الظاهرة الثانية التي رصدتها أثناء التفاعل مع شباب الجامعات بوجود انطباع لديهم بأن العولمة تؤثر بصورة سلبية على الهوية المصرية، وذلك رغم كونهم من الناحية العمرية يعدون ضمن فئة شباب ما بعد الألفية، حيث ينتمي الشباب المشارك في مبادرة الأزهر لمواليد السنوات الأخيرة من العقد الأخير للقرن العشرين (نهاية التسعينيات) والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أي أنهم من فئة الشباب الأكثر تعولمًا وانفتاحًا على الثقافات والحضارات الأخرى في العالم بحكم التقدم التكنولوجي الذي يميز هذا العصر.

وقد عبر عن هذه الانطباعات السلبية حديث بعض الشباب المشاركين عن تعارض التمسك بالهوية المصرية مع الانفتاح على العالم، وأن مزيدًا من التعولم يعني مزيدًا من التخلي عن القيم المصرية باتجاه مزيد من الأمركة وتبني القيم الغربية. وكذلك تحدثوا عن كون الإسلام مكونًا رئيسيًا في الهوية المصرية، وأن ما يتعرض له المسلمون في العالم من ظلم وعنف وتحديدًا، مسلمي الروهينجا يجعل الهوية المصرية مهددة.

وكان من المهم أثناء إدارتي لهذه الورشة أن ألفت الانتباه إلى عددٍ من الفرص التي توفرها العولمة والتي تسمح بتعزيز الشعور بالهوية الوطنية، فالعولمة ليست شرًا مطلقًا.

ومن هذه الفرص ما يتعلق بإمكانية "توطين العولمة" من خلال فرض ما يعد رمزًا للهوية الوطنية على أدوات العولمة، وربما المثال الأبرز على ذلك: إدراج سلسلة مطاعم ماكدونالدز الأمريكية والتي تعد أحد مظاهر العولمة، "الطعمية" التي تعد من أشهر الأكلات المصرية ضمن قائمة الأطعمة الخاصة بها، وهو ما يعبر عن تزاوج بين المحلية المصرية والعالمية، وهو أمر لم يتكرر كثيرًا في دول أخرى.

ومن تلك الفرص أيضًا أن العولمة كما وصفها توماس فريدمان تجعل العالم "مسطحًا"، فأينما كنت تستطيع أن ترى الطرف الآخر من العالم، وأيا كانت هويتك تستطيع أن تحقق إنجازًا متمايزًا، ولعل ظاهرة لاعب الكرة المصري محمد صلاح تعد نموذجًا على كيفية استفادة هذا الشاب المصري من تسطح العالم وما نتج عنها من حرية الحركة التي وفرتها، على نحو وفر له فرصة التعاقد مع أفضل الأندية في العالم وفي طرح نفسه كنجم كرة القدم في القرن الحادي والعشرين، وهو ما استحق تكريم بريطانيا له بأن وضعت حذاءه ضمن مقتنيات المتحف البريطاني.

وتظل اللحظات التي يرتدي فيها محمد صلاح العلم المصري ليجوب به الملعب بعد تحقيقه الفوز لفريقه، وتلك التي يسارع في السجود فيها حمدًا لله على توفيقه له، فضلا عن ترديد المشجعين البريطانيين شعارات من قبيل "الفرعون المصري"، أمثلة واضحة على أن عولمة صناعة كرة القدم عززت من الهوية المصرية وأعادت طرحها للعالم من خلال شخص الشاب المصري ابن محافظة طنطا محمد صلاح.

إضافة إلى ذلك، فإن من الفرص التي توفرها العولمة للشعوب للتعبير عن هوياتهم ما يتعلق بتعدد المنصات التي يمكن أن يعبر من خلالها الأفراد عن هويتهم الوطنية، وذلك رغم أن العولمة قد نجحت في خلق ظاهرة المواطن العالمي.

والفضل في ذلك يرجع إلى الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي غدت إحدى أدوات قوة الدول والشعوب.

وفي حالة مصر فإن هناك حوالي 71% من المصريين المتصلين بالإنترنت يستخدمون الفيسبوك وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي، (بيانات internetworldstats) ومنهم 77% من الشباب، ويبدعون في نشر محتوى يعبر عن هوياتهم المصرية، ولعل كيفية تفاعلهم على هذه الشبكات أثناء البطولات الخاصة بكرة القدم لافتة للانتباه، خاصة حين يتعلق الأمر بتفاعلهم مع الوسمين #محمد_صلاح و #ادعم_محمد_صلاح الخاصين بنجم الكرة المصري.

الانفتاح على العالم يعيد إحياء الهوية المصرية.

إعلان