لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

دعم الشرعية الأخلاقية للرئيس

دعم الشرعية الأخلاقية للرئيس

د. أحمد عبدالعال عمر
09:01 م الأحد 25 مارس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في أعقاب ثورة 30 يونيو، شعر المصريون بسعادة كبيرة، لنجاحنا كشعب وجيش في إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين، واسترداد الدولة المصرية التي كانت مهددة في وجودها وأمنها القومي وثقافتها وهويتها.

وفي تلك الفترة التاريخية الحاسمة من تاريخ الدولة المصرية الحديثة، حدث "متغير جوهري" في شكل وطبيعة العلاقة التي ربطت الشعب المصري بالسلطة ومؤسساتها- وهي العلاقة التي اتسمت دائمًا بالخوف وانعدام الثقة- فقد رأينا لأول مرة المظاهرات تقف أمام أقسام الشرطة لتهتف: الشعب والشرطة إيد واحدة، بل تطوع بعض المتظاهرين لحمل ضباط وجنود الشرطة فوق أكتافهم، وهم يرددون هذا الهتاف، بالضبط كما هتفت المظاهرات من قبل أثناء ثورة يناير: الشعب والجيش إيد واحدة، وحمل المتظاهرون ضباط وجنود الجيش فوق أكتافهم.

كما شهدت تلك الفترة أيضًا، "متغيرًا تاريخيًا" آخر جديرًا بالملاحظة، وهو التفاف الجماعة الوطنية بكل أطيافها خلف الدولة ومؤسساتها، ووضع ثقتهم فيها، ودعمها في كل سياساتها وخياراتها، وذلك بعد الهوة العميقة التي فصلت بين النخبة والجماعة الوطنية والدولة ومؤسساتها منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ولحين تخلي الرئيس مبارك عن الحكم في أعقاب ثورة يناير.

وقد استمر هذا الاصطفاف الشعبي حول الدولة ومؤسساتها ورموزها، حتى انتخاب المشير السيسي رئيسًا للجمهورية، ما أعطى للرئيس دعمًا معنويًا وشرعية أخلاقية، لم يحظَ بهما من قبل رئيس مصري، سوى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وبعد ذلك جرت في نهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر مياه كثيرة، واضطر الرئيس السيسي في غضون فترة حكمه الأولى- التي توشك على الانتهاء- إلى اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة ومؤلمة، أثرت إلى حد كبير في شعبيته في الشارع المصري عامة، ولدى أبناء الطبقة الوسطى والدنيا خاصة.

كما أدى سوء إدارة وتسويق بعض تلك القرارات والسياسات، وشرح دوافعها وأبعادها، ووجه الاضطرار إليها، إلى خلق حالة عدم رضا وانعدام ثقة تجاه السلطة ومؤسسات الدولة، لدى قطاع غير قليل من النخبة السياسية والثقافية.

وهذا وضع لا يمكن لأي وطن مخلص أن يكون سعيدًا به، وبخاصة مع سعي إعلام الإخوان المسلمين لاستثماره بهدف تعميق الهوة بين الرئيس وفقراء وبسطاء الوطن، بسبب الصعوبات الاقتصادية من ناحية، وبين الرئيس والجماعة الوطنية والنخبة الثقافية والسياسية، بسبب قضية الحريات وبعض سياسات الرئيس من ناحية أخرى.

وبالطبع فإن تدخلهم على هذا النحو يستهدف هدم "الشرعية الأخلاقية" لثورة 30 يونيو، باعتبارها "ثورة شعب"، وإلى تشويه الدور البطولي للرئيس السيسي والمؤسسة العسكرية والأمنية فيها، لعلهم يجدون لهم موضع قدم جديد في المشهد السياسي المصري.

ولعل إدراكنا ذلك يدفعنا ونحن على مشارف الانتخابات الرئاسية الجديدة إلى النزول إلى صناديق الانتخابات، لتجديد الثقة بالرئيس لاستكمال بناء وجني ثمار ما وضع أسسه وزرع بذوره في فترة حكمه الأولى.

ولأن النزول بكثافة لممارسة حقنا الانتخابي، هو في جوهره دعم لخيارنا في 30 يونيو، وتأكيد على شرعيتها الأخلاقية، وهو أيضًا دعم لرجل وطني نزيه، تحمل المسؤولية كوزير دفاع ورئيس جمهورية في مرحلة من أخطر مراحل تاريخ مصر المعاصر، ورغم ذلك نجح- رغم أي جوانب قصور في الأداء- في تثبيت أركان الدولة وتقوية مؤسساتها، وإعادة الأمن والأمان إلى ربوع مصر، كما نجح في تجديد البنية التحتية للدولة، وبداية تجديد وتطوير اقتصادها على أسس سليمة.

وإن كنت أتمنى على الرئيس في فترة حكمه الثانية، أن يجعل من ضمن أولوياته تجديد خطابه الرئاسي، وآليات ووسائل التسويق السياسي لخياراته وقرارته، وكذلك مد جسور الحوار مع المعارضة السياسية الوطنية، وإعادة بناء الثقة بينها وبين الدولة ومؤسسة الرئاسة؛ بهدف تجديد الشرعية الأخلاقية للرئيس ولثورة 30 يونيو، وضمان وقوف الجميع من جديد خلف مؤسسة الرئاسة في سعيها المخلص للوصول بمصر إلى بر أمان، وجعلها دولة مؤسسات متطورة، تحارب الفساد، وتنحاز لطموح الناس في التغيير والإصلاح والحياة الكريمة، وتُكرس لحضور أهل العلم والكفاءة والثقة والجدارة في المشهد العام، وترى فيهم جسر العبور للمستقبل.

 

إعلان