لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هو ليس إرهابًا محليًا.. هناك أيضا إرهابيون "أجانب"

هو ليس إرهابًا محليًا.. هناك أيضا إرهابيون "أجانب"

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الثلاثاء 27 فبراير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تكشف بيانات المتحدث العسكري عن سير العملية الشاملة "سيناء 2018" منذ انطلاقها في 9 فبراير 2018 أن التنظيم الإرهابي الرئيسي النشط في شمال سيناء لا يعتمد على عناصر مصرية فقط، وإنما يضم في صفوفه عناصر أجنبية، مثل البيان رقم 5 والذي تحدث عن قيام "القوات الجوية بتدمير 4 عربات محملة بالأسلحة كانت في طريقها إلى دخول البلاد، وتم قتل جميع العناصر الإرهابية المشاركة في عملية التأمين"، وكذلك البيان رقم 6 الذي أشار إلى القبض على "400 فرد من العناصر الإجرامية والمشتبه بهم، منهم جنسيات أجنبية واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم".

ورغم أن هذه البيانات لا تتضمن تحديدًا لجنسية هذه العناصر، فإن تحليل الإصدارات المرئية التي يصدرها أنصار بيت المقدس (أو كما يطلق على نفسه ولاية سيناء) مثل فيديو ملة إبراهيم الصادر في يناير 2018 تكشف عن وجود عناصر فلسطينية في صفوف التنظيم.

كما أن بعض المعلومات التي كشفت عنها مؤسسات الدولة في الربع الأخير من 2017 تفيد بنجاح بعض الإرهابيين الليبيين في اختراق الحدود المصرية وتنفيذ عمليات داخل حدود الدولة، وتعد حالة عبدالرحيم المسماري الليبي الأصل مثالا جيدا على ذلك.

وفي سياق الحديث عن تأثر مصر بموجة الإرهابيين العائدين من مناطق الصراع، يشير استطلاع الرأي الذي صدر عن مركز IEMed الإسباني في ديسمبر 2017 والمتعلق بحالة التطرف والتطرف العنيف في منطقة المتوسط إلى أنه في المتوسط 29% من العينة التي تم استطلاع رأيها ترى أن الإرهابيين الأجانب العائدين هم التهديد الرئيسي لأمن الدول المطلة على المتوسط في فترة ما بعد هزيمة داعش. وهذا الاستطلاع نفذ على 6500 خبير وصانع قرار في 43 دولة، 53% منها من دول الاتحاد الأوروبي و45% من دول جنوب وجنوب شرق المتوسط.

كما كانت قضية الإرهابيين الأجانب العائدين من مناطق الصراعات محط اهتمام مؤتمر دولي شاركت فيه منذ عدة أسابيع، خصص لمناقشة سياسات التعامل مع العائدين الذين يقدر عددهم بحوالي 5400 إرهابي خرجوا من مناطق الصراع في المنطقة العربية، واتجهوا للتمركز في شمال إفريقيا وفي منطقة الساحل والصحراء وفي شمال سيناء التي تظل من المناطق ذات الجاذبية لهذه العناصر، ولا سيما مع تكرار محاولات اختراق الحدود الغربية مع ليبيا من قبل بعض هؤلاء الإرهابيين.

بعبارة أخرى، أصبحت قضية الإرهابيين العائدين من القضايا تتصدر الدوائر السياسية والأكاديمية الغربية، ليس بهدف تشخيص هذه القضية، وإنما بهدف تطوير سياسات التعامل معهم، وهو ما اهتم به الاستطلاع المذكور أيضًا، حيث تضمن الاستطلاع سؤالا يتعلق بالقضايا التي تمثل أولوية عند التعامل مع الإرهابيين الأجانب العائدين، وكانت إجابات المشاركين تعطي الأولوية لتعزيز التعاون بين الدول خاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات، وبذل مزيد من الجهود من قبل الدول التي ينحدر منها الإرهابيون الأجانب لمنع تدفق المزيد منهم، وتوفير أطر تشريعية تسمح بالتعامل مع الإرهابيين الأجانب الذين ارتكبوا جرائم في مناطق الصراعات التي انتقلوا إليها، وتطوير برامج خاصة بإعادة دمجهم بعد عودتهم لدولهم .

ولهذه الأولويات المذكورة في الاستطلاع صدى لم يناقش في الدوائر الأكاديمية والسياسية خلال الفترة الحالية، ففي مؤتمر تونس السابق ذكره على سبيل المثال تم الحديث عن أهمية إنشاء مراكز وطنية لإعادة تأهيل الإرهابيين العائدين في دولهم بعد عودتهم لها، وذلك أسوة بخبرات أخرى، مثل خبرة سريلانكا الخاصة بإعادة تأهيل نمور التاميل.

إن ما نحتاجه خلال المرحلة الحالية هو مزيد من المعلومات حول عدد الإرهابيين الأجانب الموجودين في مصر فعلًا، وكذلك مناقشات جادة في الدوائر المعنية حول كيفية التعامل مع الإرهابيين العائدين وتقليص تأثيرهم على الأمن القومي المصري لأدنى مستوى له، تضع في الاعتبار نتائج استطلاع الرأي المذكور والذي يظل من أهم الاستطلاعات التي نفذت حول هذا الموضوع خلال المرحلة الحالية.

إعلان