لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نريد مدارس فنية وكفانا جامعات

نريد مدارس فنية وكفانا جامعات

عادل نعمان
09:00 م الإثنين 12 فبراير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

السيد وزير التعليم العالى ينصح بمزيد من إنشاء الجامعات المصرية، ويطالب بزيادة عدد الجامعات الخاصة من ثلاث وعشرين جامعة إلى إحدى وخمسين جامعة؛ لتغطية باقِ المناطق الجمهورية، حيث إن السيد الوزير يرى أن تكون الكليات الجامعية على مسافة قدمي المواطن، حين يلتفت يراها بجواره كمحطات الميكروباص.. "على يمينك يا هندسة "، والتشبيه جد قريب من كل النواحي، من ناحية الأعداد الهائلة في الجامعات جميعها، ومن ناحية مستوى التعليم الرديء، ومن ناحية العدد الجسيم للخريجين، الذى لا يتوافق تعليمهم مع سوق العمل من ناحية، ومع إمكانياتهم المتواضعة من ناحية أخرى، وهذه حقيقة غير مجهولة للجميع، فيكون التشبيه صحيحًا وواقعيًا، فإذا كان مستوى التعليم الجامعي سواء في الجامعات الحكومية أو الأهلية أو الخاصة دون المستوى بمراحل -إلا من رحم ربى وهو قليل- فكان هذا التشابه مقبولًا بين قيادة الميكروباص العشوائية في شوارعنا، والتعليم الجامعي العشوائي في جامعاتنا، وفي شوارعنا بعد التخرج، أوعلى المقاهي أو الكافتيريات. وأنا لا أرى ضرورة لزيادة عدد الجامعات عن المتوفر حاليًا منها، بل الأفضل هو رفع كفاءة الجامعات الموجودة ومستواها التعليمي والتدريبي والعملي، سواء جامعات خاصة أو أهلية أوحكومية، حتى نضمن خريجًا جامعيًا صالحًا للعمل، يواكب التقدم والحداثة، غير بعيد كما هو الآن، وليس مضطرًا من ناحية أخرى لقبول عمل لا يتوافق مع مؤهله العلمي أو كفاءته أو طموحه، وهى خسارة فادحة واستثمار في غير محله، وتبديد لأموال الدولة والأفراد، وأقول أيضا -على مسؤوليتي- إن هذه الجامعات المنتشرة في مصر لا تُعلم ولا تُغنى من علم، وحتى أكون منصفًا إلا القليل منها، فالأولى يا سيدى هو تطوير المنظومة، ورفع كفاءة هذه الجامعات، ومراقبة الأداء فيها والعمل الجاد على تخريج كفاءة علمية متعلمة بدلًا من هذا التعليم المتدني والهابط، فلا حاجة ولا احتياج لزيادة عدد الجامعات الحالية لواحدة أخرى بل الأفضل هو إصلاح الموجود منه ورفع مستواه؛ ليواكب التعليم العالي العالمي، بدلًا من هذا التعليم المكذوب، فالتعليم الجامعي في مصر أكذوبة كبرى، النجاح في الكثير من الجامعات الخاصة نجاحًا صوريًا، نسبة النجاح العالية فيها أحد أسباب التحاق الطلبة بها، ومن هنا جاء النجاح المعدل أو النجاح الصوري، أو رفع الدرجات حتى ترتفع نسبة النجاح، فلا الطبيب طبيبًا ولا المهندس مهندسًا ولا الإعلامي إعلاميًا ولا المحامي محاميًا ولا المحاسب محاسبًا، واسألوني عن فترة تدريسي لمدة عام في المعهد العالى للإعلام بأكاديمية الشروق، فقد كانت تجربة غريب فيها النجاح والتفوق، فلم يكن النجاح نجاحًا أمينًا، ولا التفوق تفوقًا أمينًا أيضًا، بل يخضع لاعتبارات خاصة بعيدة عن كفاءة الأداء والتحصيل.

السيد وزير التعليم العالي هل تعلم سيادتك أن عدد الجامعات في مصر ثلاث وستين جامعة، بين جامعات حكومية وأهلية وخاصة منتشرة على طول البلاد التى غطت مصر حتى سيناء، واحسب أن العدد على حصره عندك، يدرس فيها حوالى اثنان مليون طالب، يتخرج من كلياتها جميعًا لسوق العمل حوالى ثلاثمائة وخمسين ألف خريج، يُضافون ويصطفون كل عام إلى سوق البطالة، إلا قليلًا لا يزيد عن خمسين ألفًا في العام ينضمون إلى سوق العمل (عدد خريجي الجامعات في أمريكا لايتعدى اثنين بالمائة )، فإذا عرفنا أن عدد المدارس الفنية في مصر-على وسعها واتساعها- لايزيد عن تسعمائة وخمسين مدرسة، يدرس فيها نفس عدد الدارسين في الجامعات المصرية وهم حوالى اثنين مليون طالب أيضًا، ويتخرج منها نفس أعداد خريجى الجامعات المصرية؛ حوالى ثلاثمائة وخمسين ألفًا أيضًا، يعنى لكل خريج جامعة واحد من خريجى المدارس الفنية، يكون هذا هو الخلل الأكبر أيضًا، وهذه المعادلة غير صالحة كمًّا أو كيفًا، ولا تتوافق مع احتياجات السوق، فإذا أضفنا إلى هذه المصيبة مصيبة أخرى أكبر، وهى أن خريج التعليم الفنى في مصر، أولًا: لا يجيد حتى القراءة والكتابة، وثانيًا: هو أجهل من صبى صنايعى في ورشة من الورش التى تعلم فيها، فلا تعلم القراءة ولا الكتابة في المدرسة، ولاتعلم صنعة في مدرسة التعليم الفنى التى التحق بها. فهاتان الكارثتان عامل مشترك بين التعليم الجامعى والتعليم الفنى، خريجون غير مؤهلين بالمرة لاحتياجات السوق والعمل من جميع النواحي الفنية والعلمية وحتى الثقافية، أكرر إلا من رحم ربى وهو عدد ليس مطمئن على كل الأحوال، ونكون بهذا قد وضعنا الأيدى على مناطق الخلل.

نظرة موضوعية للتعليم في مصر، فلن أتحدث عن منظومة التعليم التى يتطلب الأمر نسفها من جذورها، وإقامة منظومة تعليم متكاملة تربط التعليم بسوق العمل واحتياجه السنوى، وتواكب ما تعارفت عليه الجامعات العالمية من أنظمة ومناهج وطرق تدريس، إلا أنني حتى يمن الله علينا بهذه النعمة لا أرى بُدًّا من زيادة عدد الجامعات، والاهتمام أولًا بالجامعات الحالية من الوجوه كافة، من تاريخ التحاق الطالب بالجامعة، وحتى تخرجه صالحًا لسوق العمل وليس عالة عليه، والاهتمام والتوسع في التعليم الفنى الزراعى والصناعى بأنواعه على قدر حاجة السوق، والاهتمام بتعليمه وتدريبه تدريبًا فنيًاعاليًا ومتميزًا، و"نصرف عليه بلا بخل"، وربط هذه المدارس باحتياجات السوق من العمالة الفنية المدربة المتعلمة، واستخراج رخصة لمزاولة النشاط، بل ومساعدتهم بتقديم قروض لهم لإنشاء مشروعات صغيرة في الأماكن التي تحتاج إلى خدماتهم.

أيها السادة المسؤولون اهتموا بالكيف وليس الكم، فهو الأفضل والأسلم.

إعلان