لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"امسك مدرس متحرش!"

"امسك مدرس متحرش!"

عادل نعمان
09:00 م الإثنين 08 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لم يعد التحرش يعز على فئة من الفئات، ويضعف عند فئات أخرى، أو يتعذر على مهنة من المهن، ويتيسر عند بقية المهن الأخرى، أو يصعب على عمر من الأعمار، ويسهل عند أعمار أخرى، أو يغلو على قوم من الأقوام، ويرخص عند آخرين أو يشق على بعض الرجال ويسهل على البعض الآخر، المصيبة أنه أصاب الجميع، وأدرك الكبير والصغير، واستحوذ على المؤهل وغير المؤهل، وظفر بالجاهل والمتعلم، ورخصت أمامه كل النفوس، وسقطت في حبائله من كانوا أهل ثقة وأمان، وفتحت الأبواب لاستقبالهم، وداسوا في البيوت دون حدود، وتجولوا برفقة الصغير والكبير، منهم من رجال الدين ورجال العلم وأهل الثقة من الأقرباء والأصدقاء والأرحام للأسف الشديد، ولم يجد الكثير من هؤلاء الناس حرجًا أن يمارسوه في المدارس والمساجد والكنائس، وتوارى الخجل والحياء من وجوه هؤلاء، وأصبح التحرش على مدد العين واليد والسمع، حتى وصل إلى بيوتنا وتحت حراستنا، فنغلق الأبواب على أولادنا حتى لا تخرج الكلمات، وتتبعثر السطور، ولا يلملمها الأبناء، ولم يتوانَ أو يخجل هذا المدرس أو غيره من التحرش بطفلة ضعيفة مسكينة لا حول لها ولا قوة، سوى الاستسلام لعبث يده حتى فضحته كاميرا الأخت الصغيرة، هذا ما كشفته الكاميرا، وما خفى عن العين وسترته البيوت والعيادات والمكاتب كان أعظم! وما أخفاه الناس عن الناس كان أشد وأجل، وما خبأه وكتمه الأبناء عن الآباء كان أكثر مما كشفته الأقدار والأيام أمام أعيننا وأمام صغارنا، ففضحوا المجتمع كله، ولم يستروه، وكشفوا من مصائبه ما يخيف ويرعب ويقلق، وهى ظاهرة تستحق أن نقف عندها ولا نتحرك دون حلها: التحرش بالكبار، والأقسى والأمر منه التحرش بالصغار.

هذا الحدث الخطير الذي صورته كاميرا الأخت حتى فضحته، نأخذ منه بعضا من الأمور ننتبه لها في بيوتنا، وأرجو ألا نتغافل عنها أو نركن بها بعيدا عن دائرة الاهتمام، تحت دعاوى "قد أبوها، أو متربيين مع بعض، أو ده اللي مربيها، أو دول إخوات"... وكل هذا النظريات والمقولات والمأثورات ثبت فشلها وبجدارة، وسقطت هذه النظريات وهذه المأثورات في وحل الرذيلة في السنوات السابقة، وقد كانت فيما مضى قيمة عظمى، يحميها الناس من عبث العابثين والمتهورين:

أولها- تربية أولادنا على نقل كل ما يدور خارج البيت، في الشارع والمدرسة وبيوت الغير، أولا بأول إلى الأم أو الأب بدقة، ويكون النقل والسرد بالتفصيل، ولا يسهو أي منهما عن إشارة أو لفتة أو حرج أو خجل من الطفل أثناء الحديث، أو تغافله عن سرد واقعة من الوقائع أو جزء منها، أو تلعثمه أو التلكؤ في السرد فربما يخفى شيئا عن تهديد أو وعيد، ولا يستبعد من دائرة الحديث والفحص الأقرباء أو الأصدقاء، وكل الزوار من المدرسين والأطباء وحتى البوابين وغيرهم.

ثانيا- تعريف كافة أنواع التحرش للطفل، وشرحها بإسهاب دون خجل أو كسوف، وبالتفصيل، ويشمل المسك واللمس والتحسيس والتقبيل، وخصوصا الأماكن الحساسة أو الجنسية، أو التعري أو الحركات الخارجة للمتحرش، على أن يعلم الطفل أن هذا الخطأ الفادح ليس خطأه، بل خطأ وجريمة الغير، حتى لا يصيبه الخجل أو الحرج أو الخوف من العقاب، فيخفى من الأحداث ما يجب أن يبوح به، ويدارى عن الآباء ما يجب كشفه، مخافة العقاب في أمر لا ذنب له فيه، واطمئنانه تماما لهذا، حتى نتعامل مع الظاهرة في بداياتها.

ثالثا- يجب أن تكون الدروس الخصوصية تحت سمعنا وأبصارنا، ولا نغلق بابا على أولادنا، أو نتحرج في الدخول عليهم متعللين بأي سبب، وتكون طريقة الجلوس متقابلة، وليست متجاورة حتى لو كانوا أكثر من طفل، ولا نترك للمدرس أو غيره فرصة للتحرك خارج هذه الحدود.

رابعا- لا تتردد لحظة في الاستغناء عن خدماته، إذا تسرب الشك أو الريبة إلى نفسك، مهما كانت الأسباب، فلا تضاهى هذه الخسارة خسارة أخرى.

خامسا- مراعاة الدقة في اختيار المدرس والسؤال عنه، وهو أمر سهل وميسور، ويسري الأمر أيضا على كل من يقوم بعمل داخل حدود المنزل، ومع أطفالنا.

التحرش بأطفالنا في الشارع والمدرسة والبيوت أصبح ظاهرة مخجلة، وهاجسا مخيفا ومرعبا، يتساوى في هذا التحرش بالبنات والأولاد الصغار، فالمصيبة واحدة، وهو خطر لا بد أن تقف الدولة ضده، وتتعامل معه بقسوة وعنف، وتسرع في تشريع يرفع العقوبة إلى مستوى الردع، ويوسع في ذات الوقت حيز التحرش وتعريفه، ويشمل كل أنواع المضايقات والملاحقات، ولا يكتفى فقط بالإمساك أو الاعتداء أو الاغتصاب.

أحذركم من هذه الجريمة وتأثيرها النفسي على البنات والأولاد، كلٌّ على حد سواء، مما يجعلنا أكثر حرصا وأكثر اهتماما بأولادنا، وأحسن اختيارًا لمن يتعامل أطفالنا معهم.

إعلان