لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هزيمة الموت!

هزيمة الموت!

خليل العوامي
09:00 م الإثنين 08 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الموت هو الحقيقة الوحيدة في الحياة، وهو الشيء الوحيد المتفق عليه عند بني البشر على اختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم، فقد اختلفوا حول كل شيء إلا الموت.. كل شيء نسبي يحتمل أن يكون به الأبيض والأسود والرمادي، ولكنه الموت فقط يظل رقما صحيحا لا يحتمل النسبية أو التشكيك. فهل يمكن هزيمة الموت؟

قطعا لا يمكن لأحد أن يمنع الموت، ولكن بالقطع أيضا يمكن هزيمته بالعلم وتطوير العلاجات، وتبني سياسات صحية وعلاجية سليمة، تباعد بين المواطنين وبين الموت بسبب مرض ما، وهذا ما حدث ويحدث في مصر منذ بدء علاج ملايين المصريين المصابين بفيروس سي.

فمع ظهور أول علاج للفيروس عام 2014، كانت مصر في مقدمة الدول التي اهتمت بالأمر على مستويين: الأول استيراد العلاج من الخارج، ودخول اللجنة القومية للفيروسات الكبدية، ومن خلفها وزارة الصحة، في مفاوضات جادة ومضنية للحصول عليه بأقل من 1% من سعره عالميا، ثم التحول إلى تصنيعه محليا.

أما المستوى الثاني، فكان البدء الفوري في حملة قومية لعلاج المرضى في المستشفيات، وتخصيص مراكز علاجية في كافة محافظات الجمهورية، حتى وصل عدد من تم علاجهم بالفعل ما يزيد على مليوني مواطن، والقضاء على قوائم المرضى، ثم البدء في رحلة البحث والتفتيش عن المصابين الذين لا يعلمون بإصابتهم، أو أنهم يعلمون، ولم يتقدموا بتسجيل أنفسهم للحصول على العلاج.

وبدأت حملات الكشف والفحص تعمل كخلايا نحل في كل مؤسسة، وتضافرت جهود الدولة ووزاراتها المختلفة مع جهود المجتمع المدني لمحاصرة المرض، والوصول إلى المصابين من المترددين على المستشفيات وطلاب الجامعات والمتقدمين للتجنيد، وأماكن أخرى عديدة، وكل من يتم اكتشاف إصابته يحصل على العلاج فورا ومجانا.

وفي تحدٍ جديد أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة للقضاء على الفيروس تماما، في فحص هو الأكبر في العالم يستهدف قرابة 50 مليون مصري، عبر آلاف من نقاط الفحص والاكتشاف في المدن والأحياء والمراكز والقرى والنجوع، لتتحول مصر في خلال أربع سنوات فقط من موقف الدفاع ضد المرض ومحاولة حصاره، إلى موقف الهجوم، ومطاردة المرض من محافظة إلى محافظة، ومن قرية إلى قرية، بل من منزل إلى آخر.

إن تجربة مصر الفريدة في علاج فيروس سي لا يمكن وصفها إلا بأنها الأهم صحيًا على مدار عقود مضت، وليس أدل على ذلك من إشادة منظمة الصحة العالمية بالتجربة، واعتبارها نموذجًا يحتذى به في مكافحة الأمراض عالميا، وبالمناسبة فمنظمة الصحة العالمية هي التي أعلنت في تقرير رسمي عام 2012، أن مصر الأعلى في نسب الإصابة بالفيروس عالميا بنسبة بلغت 14 %، بينما كانت النسبة وفقا لنفس التقرير في دول شمال أفريقيا 3% فقط، وطبعا لن أحدثكم عن الدول الإسكندنافية التي لم تتجاوز نسب الإصابة فيها 0.01%.

وحتى مع التقديرات المتفائلة لوزارة الصحة المصرية والتي حددت عدد الإصابات بما يتراوح بين 5 و6 ملايين مواطن، فهي نسب مرتفعة للغاية، فكل هذا العدد من المصريين كانوا يعيشون بالفيروس تحت جلودهم، يتنقلون في أسفارهم، ويترجلون داخل أعمالهم- لمن كان يستطيع منهم العمل- وفي منازلهم وهم يحملون الموت فوق أعناقهم، ولا يمتلكون إلا انتظار لحظة الصفر، ومشهد النهاية، وهم متأكدون أنه آتٍ لا مفر، مهما طال الانتظار لعام أو حتى أعوام.

والآن أكثر من مليوني مصري يبتسمون فرحا بالانتصار على هذا المرض القاتل وهزيمته، وكل يوم سينضم إليهم آخرون، وقريبا ستعلن مصر خالية من المرض، في ملحمة عمل ودأب تنم عن إرادة دولة قررت أن تهزم الموت.

إعلان

إعلان

إعلان