الصفقات الأوروبية .. كثرة فلوس .. قلة مواهب

كان من الطبيعيّ عِندما نسمع أن ناديًا استطاع توْفير ما يزيد على الـ100 مليون يورو في ميزانيّته للميركاتو الصيفي في أوروبا، فإنّنا نتوقَّع أنْ يُسيْطر هذا النادي تمامًا على السّوق من أوَّلِه إلى آخره، لكن هذه الفكرة تحطَّمتْ تمامًا هذا الصَّيف في ظلِّ المُتغيِّرات الجديدة الّتي أحدثَتْها صفقة انتقال نيمار لباريس سان جيرمان.

فتَخَيَّل عزيزي القارئ أن ناديًا مثل برشلونة كان يضَعُ ميزانيّة تُقدَّر بحوالي 100 مليون يورو للانتقالات الصيفية الجارية، ثم زاد عليها 222 مليون يورو نتيجة فسخ نيمار لتعاقده معه، ليصل الإجمالي لما يقرب من 333 مليون يورو كاش، ورغْم هذه المبالغ الخياليّة، لا يستطيع النادي شراء لاعب ذي قيمة فنِّيةٍ حتى لحظة كتابة هذه السطور.

بكل تأكيد عامل معرفة الأندية الأخرى بالميزانية التي يمتلكها برشلونة جعلتْ الجميعَ وعلى رأسهم ليفربول ودورتموند يَطمعون في النادي الكتالوني للدرجة التي أوصلت الأول لرفض عرض قُدِّرَ بـ100 مليون إسترليني مقابل التخلِّي عن خدمات صانع ألعابه كوتينيو، وجعلت الثاني يرفض عرضًا يُقدَّر بـ120 مليون يورو مقابل التخلِّي عن لاعبٍ صغيرٍ في السِّن وهو ديمبيلي.

وعلى المستوى الشخصي يمكن أن أتقبل فكرة معارضة ليفربول لفكرة بيعه لكوتينيو لمبررات فنية مهما بلغ السِّعر، لكن أن يرفض بروسيا دورتموند 120 مليون يورو في لاعب استقدمه منذُ وقتٍ قصير للغاية مُقابل 15 مليون يور فقط، فهذا تحوُّلٌ جذريٌّ نَراهُ في سوق الانتقالات.

المُدْهش أكثر من ذلك، أنَّ برشلونة نفسه غير قادر على إيجاد بدائل، فالطبيعي عندما يرى رفضًا واضحًا وصريحًا يشوبه استغلالٌ واستنزافٌ ماديٌّ بهذا الأمر، أن يَصْرف نظرَه عن الصفقتيْن تمامًا، ولكن مسئوليه واقفون عاجزون عن هذا الأمر بسبب قِلِّة المواهب في أوروبا حاليًا.

فمثلًا عندما يُحاول أيُّ شخص التفكير في اسمٍ كبيرٍ يكون بديلًا لنيمار، على نفس مستواه الفنّي، فلن يجد، ربما يكون الأقرب هو البلجيكي هازار لاعب تشيلسي، ولكنَّه -أيضًا- ليس بمهارة وسرعة اللاعب البرازيلي.

النقطة نفسها يمكن تطبيقها على ليفربول، فالفريق الإنجليزي قد يجد نفسه أيضا معه مبلغٌ كبيرٌ من بَيْع كوتينيو وهو 150 مليون إسترليني مثلًا، لكن ماذا سيفعل بهم في سوق انتقالات نادر المواهب؟ خصوصًا وأنه هذه الموسم يَتطلَّع للمنافسة على لقب الدوري والتقدّم لأبعد مسافة في دوري أبطال أوروبا؟

الواضح أنَّ الفترة القادمة ستشهد عمليات "إدخال" أموال غير طبيعية للسوق الأوروبية، لكن إذا أصبحت المواهب نادرة كما شهدنا هذا الصيف، فسترتفع قيمة اللاعبين لأرقام غير مسبوقة ولكنها غير مُستحقَّة.