لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن مكافحة الدول الداعمة للإرهاب

عن مكافحة الدول الداعمة للإرهاب

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

08:14 م الإثنين 31 يوليو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان اللافت للنظر في خطاب مصر الرسمي منذ عضويتها في مجلس الأمن الدولي، أنه عندما تتحدث عن مكافحة الإرهاب، فإن حديثها لا يقتصر على جهود المكافحة المباشرة مع الإرهابيين فقط وإنما يمتد أيضا إلى ضرورة مكافحة القوى الخارجية التي تدعم الإرهاب، وفي فترات كثيرة كان يتم الاكتفاء بذكر هذه العبارة دون توضيح المقصود.

وعادة ما يكون هناك صعوبة في تحديد سياسات دعم الإرهاب التي تتبعها أي دولة مقارنة بتحديد سياسات مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل كون الارهاب مفهوم مسيس بطبيعته، فما قد يصنف على أنه إرهاب في دولة ما لا تراه دولة أخرى كذلك لاعتبارات سياسية. وهذه الصعوبة نجدها في حالة قطر، حيث إن أحد الإشكاليات المتعلقة بعدم فعالية الضغوط التي يمارسها الرباعي العربي (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) في التأثير على موقف القوى الغربية حتى الآن باتجاه إدانة سياسات قطر الخاصة بدعم الارهاب، هو مطالبة الدول الغربية بأن تكون هناك وثائق تثبت دعم قطر للإرهاب.

وبعيدًا عن مسألة الوثائق، ومن واقع ما ينشر في وسائل الإعلام الغربية، يمكن تحديد ثلاثة سياسات تتبعها قطر في هذا السياق. السياسة الأولى خاصة بإضفاء الشرعية السياسية على الإرهاب من خلال عدم وصف العناصر الإرهابية بأنها إرهابية، والتعامل معها على أنها "جماعات مسلحة" أو عناصر "معارضة"، وهذا نجده واضحًا في الخطاب القطري الرسمي اتجاه سوريا واليمن وكذلك ليبيا، كما أن قطر تصور جماعة الإخوان على أنها جماعة "تدعو للتغيير" وترفض الاعتراف بكونها تمارس الإرهاب في مصر، وتقدم دعمًا لعدد من قوى الإسلام السياسي في ليبيا باعتبار أن لها الحق في أن تشارك في السلطة هناك، ومن تلك القوى حزب الوطن الذي شكله علي السلابي وعبد الحكيم بلحاج والذي يعده الرباعي العربي ضمن الكيانات الإرهابية التي تدعمها قطر في ليبيا.

وتنصرف السياسة الثانية إلى تقديم قطر نفسها على أنها الدولة التي تستطيع التفاوض مع الإرهابيين والقادرة على التوسط من أجل الافراج عن الرهائن التي يحتجزونها، وهو ما نجحت في القيام به نيابة عن العديد من الدول التي ترفض التفاوض المباشر مع العناصر الإرهابية. ومثال على ذلك وفق ما نشر في العديد من وسائل الإعلام الغربية دفع قطر ما يتراوح بين 120 إلى 140 مليون دولار لإطلاق سراح أفراد من العائلة المالكة في سوريا، وكذلك دفعها 15 مليون دولار للإفراج عن عاملي إغاثة إيطاليين اختطفا في سوريا، فضلًا عن دفع 20 مليون دولار لإطلاق سراح أسرى لدى القاعدة في اليمن نيابة عن عدد من الحكومات الأوروبية.

وتتعلق السياسة الثالثة بتوفيرها الرعاية للعناصر الإرهابية، وهو ما يكشف عنه استضافتها للعديد من القيادات في جماعة الإخوان التي تعدها كل من مصر والسعودية والامارات جماعة إرهابية، فضلا عن الدور الذي تلعبه في المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان بخصوص المستقبل السياسي للأخيرة في أفغانستان، وذلك إلى جانب افتتاحها مقر لطالبان في الدوحة واستضافتها قيادات في طالبان كانوا محتجزين في قاعدة جوانتانامو، وتعد طالبان ضمن التنظيمات الارهابية بالنسبة للعديد من الدول.

إن هذه السياسات تتبعها دول أخرى في المنطقة مثل تركيا، وقد تتجه دول أخرى خلال الفترة المقبلة لتبنيها تحت مسميات مختلفة، خاصة وأنها أصبحت النافذة التي يمكن من خلالها ممارسة نفوذ ما في المنطقة كما تكشف عن ذلك حالة قطر. كما أنه لا توجد إدانة غربية لهذه السياسات، إذ تتقاطع وما ترتكن إليه من توجه سياسي مع تيار موجود في العديد من الدول الغربية، والذي يرى أن مكافحة الإرهاب تكون من خلال الدمج السياسي للعناصر والجماعات التي تمارسه والانفتاح عليها بدلًا من الاعتماد على المواجهة العسكرية معها.

وهذا يعني أن مواجهة الدول الداعمة للإرهاب لا يكون فقط بالضغط عليها لتغير من سياساتها، خاصة في ظل خدمة تلك السياسات لمصالح محددة، وإنما أيضًا يكون بالعمل على التأثير في تلك التيارات الموجودة في الغرب من خلال التواصل الفعال معها والعمل على اقناعها بالفرق بين ما يعد جماعة إرهابية وما يعد جماعة تدعو للتغيير السياسي وتستطيع أن تساهم في التنمية السياسية لدولها، وأن مكافحة الإرهاب لا تعني تبني مواقف معارضة للإصلاح السياسي.

إعلان

إعلان

إعلان