لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ماذا فعل الفيسبوك بالمصريين؟

ماذا فعل الفيسبوك بالمصريين؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:23 م الإثنين 19 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تعد مصر من أكثر الدول العربية "استهلاكًا" للفيسبوك، وبلغت نسبة مستخدمي الفيسبوك في مصر إلى إجمالي مستخدمي الانترنت 92%، وذلك حتى مارس 2017 وفق بيانات موقع internetworldstats، وحوالي 60% منهم يستخدمون الفيسبوك على مدار اليوم، والباقي يستخدمونه استخداما جزئيا، ويرتفع العدد عند إضافة عدد مستخدمي الفيسبوك من خلال الموبايل الذكي.

وهذا التطور اهتمت بها الشركات الدولية من أجل تسويق منتجاتها في مصر، وكذلك العديد من الوزراء والمسئولين الحكوميين الذين أصبحوا يديرون علاقات وزاراتهم مع الناس من خلال صفحاتهم على الفيسبوك. 

ولكن وربما التداعي الأخطر لهذا التطور هو ما يرتبط بتأثيره على المواطن، وأرصد هنا بعض الظواهر.

أولها، الأنانية المفرطة، حيث تقوم فكرة الفيسبوك على "تفرد" أو "تميز" المستخدم صاحب الحساب على الموقع من حيث ما يرفعه من صور ومن بوستات، وهذا التفرد يعزز لديه مشاعر الذاتية والأنانية والقدرة على فعل أي شيء من خلال ضغطة زر، وتكون قدرته على مشاركة الحياة الحقيقية مع أي شخص فيها مشكلة؛ فعادة ما يلجأ لإدارة العلاقة من خلال الفيسبوك حيث التعقيدات أقل والأعباء التي يمكن أن يتحملها عاطفيا لا تذكر.

ثانيها، انتشار عبارة "اكتب بحبك على الفيسبوك"، حيث أصبح الفيسبوك منصة للتعبير عن العلاقات والمشاعر، وأصبح البوست هو الوسيلة المثالية ليفصح الإنسان عما بداخله من مشاعر تجاه أي شخص وذلك بدلًا من التفاعل المباشر مع من يحب، وبالتبعية أصبح أن يحصل هذا البوست على أعلى عدد من الـlike وأحيانًا الـ comment هو الغاية المرجوة، وليس توصيل المشاعر للطرف الآخر.

وثالثها، عبارة "صديقي على الفيسبوك " أصبحت متداولة على نطاق واسع، وبات هناك حرصا لدى المستخدم على دعوة أكبر عدد ممكن من الأشخاص لمتابعة صفحته حتى وإن لم يكن يعرفهم، وأصبح كثرة الأصدقاء وأحيانًا المتابعين followers بعد استنفاد طلبات الصداقة مصدرا للتباهي بين القرناء. وبمجرد اكتساب أي منهم صفة الصديق على الفيسبوك أصبح قادرا على متابعة تفاصيل الحياة اليومية التي تنشر على صفحة الفيسبوك دون أن تربطه علاقة حقيقية بصاحب الصفحة.

ورابعها، أصبح "أنا هصور سيلفي عشان أنزلها على الفيسبوك" هو هم معظم المستخدمين، وبات تحديث الصفحة على الفيسبوك بصور وبوستات جديدة هو ما يهم المستخدم، سواء تصوير وجبة الغداء أو التقاط صورة وهو يمارس الرياضة في الجيم أو صورة وهو في الشارع، وبالتالي أصبح نشر صورة "مختلفة" على الفيسبوك هو الدافع الحقيقي لكي يقبل على فعل أشياء قد تكون واجب عليه، ولكنه لم يفكر من قبل في القيام بها. 

والنتيجة المترتبة على ذلك أن غدت الصفحة بمثابة مدونة للحياة اليومية بل اللحظية للناس، وأصبح كل شيء منشورا فيها، وذلك في غياب حقيقي للفرق بين ما هو خاص وما هو عام. 

وخامسها، "عادي همسح البوست" ، حيث جعلت سهولة كتابة البوست ومسحه من على الفيسبوك الناس أقل تفكيرًا في عواقب تصرفاتهم في الحياة العادية، ويرجع ذلك لأنهم يعتقدون أن علاج هذا الخطأ يكون من خلال مسح البوست بعد أن أخذ العدد المرجو من الـ like والـ comments، وبالتالي يظنون أن ما يرتكبونه من أخطاء في حق أقاربهم أو أصدقائهم الحقيقيين يمكن علاجه بسهولة دون أي عناء اعتذار أو اعتراف بالخطأ. 

إن الفيسبوك بالنسبة لجيل كامل في مصر جزء من الحياة اليومية، وأصبح لهذا الجيل شخصية فيسبوكية قد لا تتطابق بالضرورة مع شخصيته الحقيقية، وانتشار هذه الظواهر سيؤثر على العلاقات الاجتماعية بين الناس، وما يرتبط بها من معدلات الثقة و الخصوصية ومعدلات الطلاق ومعدلات الاحترام.

مصراوي| تابعونا في صفحة متخصصة تواكب شهر رمضان بتغطية خاصة

إعلان