لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ليبيا بعد تحرير سيف الإسلام القذافي

ليبيا بعد تحرير سيف الإسلام القذافي

محمد جمعة
09:57 م الثلاثاء 20 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

طيلة الأيام العشرة الماضية لم تهدأ ردود أفعال القوى المتصارعة في داخل ليبيا، تجاه إطلاق سراح "سيف الإسلام" نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

بل إن التضارب الحاد في مواقف تلك القوى، يسلط الضوء على النتائج المتوقعة لهذا التطور اللافت، وما يمكن أن يحدثه من تأثيرات بالغة الأهمية على مسارات الصراع في ليبيا.

خاصة وأن تحرير القذافي الشاب، بالتزامن مع استمرار تصاعد قوة المشير خليفة حفتر، يعزز من الرواية التي تقول بأن حفتر سيعيد النظام القديم في ليبيا. وأن ظهور نجل القذافي مرة أخرى بعد ست سنوات تقريبا (منذ إلقاء القبض عليه أثناء محاولته الهرب فى أواخر العام 2011)، يعكس أحد أهم ملامح المشهد الليبي في هذه الآونة، والمتمثل في تزايد احتشاد عناصر من عهد نظام القذافي، في مسعى منهم لاستعادة نفوذهم فى داخل البلاد، مرة أخرى.

كانت " كتيبة أبوبكر الصديق" وهى إحدى الميلشيا التابعة للزنتان غرب ليبيا، أطلقت سراح "سيف الإسلام"، فى التاسع من يونيو الجاري. وذلك بالاستناد إلى قانون العفو الذي مررته الحكومة الانتقالية المتحالفة مع حفتر في شرق ليبيا.

الآن يبدو أن تحديد إقامة "سيف الإسلام" ستحصنه من عقوبة الإعدام على يد الحكومة المؤقتة في طرابلس، أو التسليم للمحكمة الجنائية الدولية للمحاكمة على جرائم حرب.

وهنا تعددت الروايات والشائعات حول مكان إقامة "سيف الإسلام القذافي" بعد إطلاق سراحه. فهناك من يرى أنه إما في البيضاء أو طبرق الخاضعة لسيطرة حفتر في الشرق. وهناك من يعتقد أن نجل القذافي يتواجد الآن في معقل نظام والده السابق، أي في "بني وليد" شمال غرب البلاد. في حين يؤكد فريق ثالث أنه يختبئ الآن في مدينة "أوباري" الاستراتيجية، جنوب غرب البلاد.

لكن وبغض النظر عن كل تلك الروايات، فإن ما يعنينا هنا هو تأكيد أنصاره أنه يستعد لدخول المعترك السياسي مرة أخرى. وأنه سيعلن ذلك عما قريب في خطاب.

وتدعم هذه التأكيدات، الرأي الذي يقول بأن تحرير "سيف الإسلام" إنما يعكس تزايد نفوذ مسؤولي النظام السابق، ويشير إلى أن الأوضاع بدأت تميل لصالح عودة هادئة للحرس القديم، حتى مع استمرار كافة أطراف الحرب الأهلية الليبية الحالية في استمداد شرعيتهم من أدوارهم في ثورة 2011 وما بعدها.

والحاصل أن الإرهاق الشعبي (بسبب استمرار الصراع وعدم الاستقرار بعد الثورة) ممزوجا بوعد حفتر بتوفير الأمن، يبدو أنه قد هيأ الساحة بالفعل لعودة مسؤولين سابقين إلى الحياة العامة، خاصة في الشرق.

حيث دعا "حفتر" إلى السماح لشخصية عسكرية من عهد القذافي بالانضمام إلى الجيش الوطني في إبريل الماضي، وعين ضابطا بارزا من عهد القذافي قائدا على منطقة عسكرية تابعة للجيش في مدينة "سرت" في مارس الماضي، الأمر الذي لم يثر إلا اعتراضا محدودا. حتى أن أسرة القذافي أعربت في مايو الماضي عن تأييدها لحكومة يقودها حفتر ستسمح لهم بالعودة من المنفى.

بل إن العودة التدريجية لشخصيات نظام القذافي لم تقتصر على شرق ليبيا وفقط، وانما امتدت إلى ساحات أخرى... ففي الجنوب حشد العقيد "علي قانا"، وهو قائد عسكري سابق من عهد القذافي، قوة مسلحة واستولى على أحد أكبر حقول النفط أواخر مايو الماضي.

تلك العودة لرجالات نظام القذافي، إلى جانب استمرار صعود نجم حفتر، تعد بمثابة صيحة حشد وتعبئة لفريق "فجر ليبيا". والمؤكد أنها دقت كل أجراس الخطر، وأطلقت جميع صافرات الإنذار لدى إخوان ليبيا وكل فصائل الإسلام السياسي هناك...فهذه الأوضاع تمثل تهديدا وجوديا لهم، كونهم يخشون من خصومة حفتر أو نظام القذافي حال عودته من جديد.

وكل هذا سيعزز من سعى إخوان ليبيا للإبقاء على تعاونهم مع ميليشيات متشددة وجماعات سلفية جهادية. بل والمؤكد أن تلك الأخيرة تقف اليوم في موضع جيد يمكنها من الاستثمار في هذا الاستقطاب. بمعنى أن تحرير نجل القذافي سيضخم من الدعاية "الثورية" لجماعات "فجر ليبيا" وسيعمق من اختراق القاعدة لها، خاصة كلما تحرك حفتر خطوات جديدة باتجاه غرب ليبيا.

إعلان