لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف تصبح سياسيا في عصر "الشعبوية"؟

كيف تصبح سياسيا في عصر "الشعبوية"؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

08:53 م الإثنين 12 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في محاضرة ألقاها البروفيسور "جيمس ماكين" الأستاذ في جامعة بنسلفانيا، على هامش المؤتمر السنوي لشبكة "اليوروميسكو" الذي عقد في برشلونة مطلع هذا الشهر، تحدث عن تأثير الترامبية Trumpism على ممارسة السياسة في الولايات المتحدة، وتنامي ظاهرة الجمع بين ممارسة السياسة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة غير تقليدية يقدم من خلالها السياسي نفسه، ودون الحاجة لأن يعتمد على المؤسسات التقليدية.

وقد نشهد في مصر صدى لهذه الظاهرة خلال الأشهر المقبلة، -مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والحديث عن عقد الانتخابات المحلية خلال العام المقبل-، على نحو يعيد تعريف "السياسي" الذي يستطيع ممارسة السياسة والقادر على الدخول في منافسة انتخابية.

لاسيما وأنه طوال السنوات الخمس الماضية، تأكدت حالة الضعف المستمرة للأحزاب السياسية، إما لأسباب خاصة ببنية هذه الأحزاب وإمكانية تصعيد الأجيال الشابة في داخلها، أو بسبب المناخ السياسي العام والذي أعاد تعريف وظائف الأحزاب وأهميتها في الحياة السياسية، أو نتيجة تغير الثقافة السياسية السائدة بين عامة الناس والتي لم تعد تفضل الانتماء لأي حزب بالمعنى التقليدي، فوفق مسح القيم العالمي في نسخته الأخيرة 2010-2014، فإن 98% من المستطلع آرائهم في مصر لا ينتمون لأي أحزاب سياسية.

وفي هذا السياق كان النقاش دوما بين الأكاديميين يشير إلى أن نجاح السياسي يتطلب انتمائه لحزب، وأن تنشيط الحياة السياسية يتطلب أن تتم تقوية الأحزاب بحيث تكون جاذبة لأكبر عدد ممكن من الأعضاء.

ولكن ما شهدته مصر من تطورات خلال السنوات الماضية، أدى لتنامي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كآليات للتعبير عن المواقف السياسية وكمنصات لمناقشة القضايا السياسية بطريقة "شعبوية"، والذي امتدد لما يحدث في الديمقراطيات المستقرة في الغرب. وتشير إحصاءات وزارة الاتصالات للعام 2016، إلى أن عدد مستخدمي الفيس بوك في مصر 32 مليونا من إجمالي 34 مليون و800 ألف مستخدم للانترنت.

وفي هذا الإطار، يمكن القول أن تحول المواطن في مصر من مواطن عادي إلى "سياسي"، قادر على خوض الانتخابات سيمتاز بثلاث سمات رئيسية.

أولها، أن الاستثمار سيكون في "السياسي" وليس في الحزب السياسي، فقدرة السياسي على الفوز في الانتخابات يمكن أن تتحقق بدون حزب سياسي، وستتحقق من خلال توظيف المال والتكنولوجيا الحديثة حتى يتحول إلى شخص معروف للمواطن العادي، وذلك من خلال التواصل المباشر مع الناس والعمل التنموي.

وثانيها، لن يحتاج "السياسي" إلى برنامج سياسي يحوي أهداف ورؤى قد يصعب تحويلها لسياسات قابلة للتنفيذ، وإنما إلى كلام بسيط يشحذ همم الناس ويشجعهم على اختياره هو بدلًا من أي شخص آخر.

وثالثها، لن يحتاج السياسي إلى أن يكون له ممثل في كل قرية ومحافظة، وإنما إلى التواصل المنظم مع الفئات الأكثر نشاطًا بين الكتلة الانتخابية التي تصوت سنويًا، وبين تلك التي تعزف عن التصويت. وميزة هذا التواصل أنه يجمع بين الاحتكاك المباشر من خلال اللقاءات الميدانية والاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف التأثير على الفئات الأكثر نشاطًا على هذه المواقع، فثلث المواطنين المصريين متصلين بالانترنت ومستخدمين نشطين لتطبيقات التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك والواتس أب.

هذه السمات الثلاث قد تكون الروشتة لمن يرغب في ممارسة السياسة في مصر خلال الفترة المقبلة.

إعلان