لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من البرادعي لشفيق "يا قلب احزن"

من البرادعي لشفيق "يا قلب احزن"

د. أحمد عبدالعال عمر
01:38 م الأحد 03 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الشخص الوحيد الذي لم يعلق، حتى الآن، على الترشح المحتمَل للسيد أحمد شفيق لانتخابات رئاسة الجمهورية، وعودته أمس إلى مصر، هو الدكتور محمد البرادعي. وإن كان أحد المواقع الإلكترونية نسب إليه تصريحًا لوكالة رويترز، قال فيه: "إنه يؤيد ويدعم ترشح شفيق للرئاسة، لأنه وحده القادر على الوقوف في وجه استبداد نظام الرئيس السيسي".

وعلى الرغم من أنني عدت إلى وكالة رويترز ولم أجد لهذا التصريح أساسًا، كما لم أجده على صفحة الدكتور البرادعي الرسمية على "تويتر"، إلا أنني لا أستبعد أن يصدر هذا التصريح لاحقًا، لأنه يتسق مع لحظة "ممارسة السياسة بالنكاية وكيد النساء"، التي تعيشها بعض القوى السياسية "الافتراضية"، المنتسبة إلى ثورة يناير.

وهذه القوى كانت ترى في ترشح السيد أحمد شفيق لانتخابات الرئاسة في 2012 نهاية لثورة يناير، وتهديدًا للأمن القومي المصري، كما صرح في حينه الدكتور البرادعي ذاته في حواره التليفزيوني مع الأستاذ محمود سعد. ثم صارت اليوم ترى- وتلك مفارقة كبرى- في عودة السيد شفيق أمس لحظة ملهمة وخطيرة، تُذكرهم بعودة البرادعي أيام مبارك الأخيرة، وقد تضع كلمة النهاية لنظام الرئيس السيسي!

في حقيقة الأمر، لا منفعة للوطن في هؤلاء العائدين من الخارج "ليقودوا، كما يتصوَّروا، ثورات الداخل"؛ فهم زعماء من ورق، لا همَّة لهم ولا إرادة، ولا قضية حقيقية عندهم، ولا قدرة على خوض الصعاب، ومواجهة المخاطر والتهديدات التي تواجهها البلاد، لأن تاريخهم خلفهم، وليس أمامهم، ولنا في أداء ومصير الدكتور محمد البرادعي أفضل برهان على ذلك.

فلم يكن هروب الدكتور البرادعي للخارج، في أصعب اللحظات في تاريخ الوطن بعد ثورة 30 يونيو، نابعًا من كونه دبلوماسيًا دوليًا يفضل الحلول السلمية والحوار على المواجهة والعنف، ولكن لأنه عاد إلى مصر بعد طول غياب، وهو يحمل تاريخًا ومجدًا شخصيًا كموظف دولي وشخصية عالمية حاصلة على جائزة نوبل. وهذا التاريخ الذي يحمله على ظهره يرضيه ولا يريد أن يخدشه. وهدفه من عودته إلى مصر هو الاستثمار فيه، بأن يصبح رئيسًا للدولة.

ولذلك عندما أصبح على المحك ودخل في التجربة بعد 30 يونيو، وتحمل المسئولية الوطنية لأول مرة في حياته في لحظة صعبة من تاريخ بلاده كنائب لرئيس الجمهورية للعلاقات الدولية، سارع بالهروب منها، مفضلًا أن يكون موظفًا دوليًا سابقًا، له تاريخه ومكانته في الخارج، على أن يكون زعيمًا وطنيًا يمتلك شجاعة المواجهة مع القوى المناوئة في الداخل والخارج، من أجل خدمة المصالح العليا للبلاد، والخروج بسفينة الوطن إلى بر الأمان.

وأثبتت لنا التسريبات التي أُذيعت للدكتور محمد البرادعي، وكان يتحدث فيها، بتعالٍ غير عادي، عن بعض رفاق الثورة "الزبالة"، أن ثورة يناير وحلم الشباب والناس العاديين بالإصلاح والتغيير، قد انتهوا إلى يد مجموعة من الهواة الطامحين المغرورين، على رأسهم البرادعي، وإلى يد مجموعة من الانتهازيين المتربّصين، على رأسهم جماعة الإخوان المسلمين.

ولولا وعي وتخطيط بعض الأجهزة في الدولة، التي سيطرت على الجميع، وتلاعبت بالانتهازيين من أجل تجاوز حالة الهشاشة التي كانت تعاني منها الدولة ومؤسساتها، لانفرط العقد، ودخلنا في متاهة من الخراب والسقوط، شبيهة بالمتاهة التي دخلت فيها بعض دول المنطقة.

فصل المقال، من البرادعي لشفيق "يا قلب احزن"، فلا منفعة للوطن في هؤلاء الذين يحملون تاريخهم خلفهم، ويهبطون علينا من فترة لأخرى في مطار القاهرة، في لحظة "ملتبسة وغامضة" يراها أتباعهم ملهمة؛ لأن شرط المنفعة التناغم مع مؤسسات الدولة، وصدق المحبة، وطول الإقامة والتجرُّد عن الهوى الشخصي، والشجاعة والقدرة على مواجهة التحديات والمخاطر والتهديدات، من أجل التأسيس لوضعية جديدة في البلاد.

 

إعلان