لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رعاية الأمل.. من يرسمون وجه الحياة بهجةً

رعاية الأمل.. من يرسمون وجه الحياة بهجةً

د. هشام عطية عبد المقصود
09:10 م الجمعة 17 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حين تريد أن تعرف كيف تمضى الحياة، وكيف تتشكل صورة المستقبل؟ عليك أن تنظر في اتجاه من يستطيعون أن يفعلوا ذلك، وتسأل كيف يتم بناء قدراتهم وتتشكل أدوارهم وأين يكونون؟ أعنى بهم من يمتلكون طاقة الخيال والقدرة على بذل جهد صناعة ملامحه وتشييد ارتفاعاته، أولئك الشباب الذين سيعيشون فيه ويدركون اتجاه بوصلته وضبطها على إحداثيات المستقبل، وأن تعنى مؤسسة ما بذلك وتضعه في جوهر عملها وتدفقات حركتها يعنى أنها تمتلك وتتقن صناعة التطوير والتجديد، وأنها تحوز من القدرة على البقاء غير الساكن شيئا كثيرا.

سيكون بذل الجهد في ذلك تعبيرا عن طريقة في النظر للحياة تؤكد على أهمية النفاد من أسوار العادي والمكرر، عبر حسن تقدير دور من يعيشون بتفاعل عصري مع أفق التحولات التقنية ويمتلكون جهد العمل والسعي نحو غايات تنافسية تثمر وتزهر رياحينها بهجة وأملا، هذا شرط البقاء حضورا مبدعا للمجتمعات والمؤسسات والدول كما تؤكد التجارب وخرائط التقدم في الكون.

وسيكون هنا جهد واهتمام الدولة جميعها وفى مختلف مؤسساتها بالعمل نحو تطوير قدرات الشباب وتأهيلهم للمشاركة الفاعلة في العمل العام، تعبيرا عن القدرة على المضي بخطى واثقة نحو الآتي استعداداً له، ولن يعنى ذلك بقدر ما أو على أي نحو عدم توظيف وتثمين تلك القدرات المتراكمة والمتعددة من الخبرات والإمكانيات المتوافرة والمقدرة تماما لدى أصحاب الأدوار والطاقات التي صنعها العمر جهدًا وعملًا وإنجازًا، بل هي بالأحرى حالة من تفاعل منتج يعتمد فكرة الإنجاز الجماعي الذي يثمن الخبرات ويقدر الطاقات ويمنح مجالات التحقق وفق إستراتيجية تعرف ما تريد، هكذا تتشكل حالة تفاعل مبدع، تكون فيه الخبرات تأسيسا معرفيا وحضورا منتجا لا يعرقل، بل تحتضن وتقدر وتوجه في حب يليق بفعل الكبار، يرعى حقول التجديد ويغذي بذورها ويحرص على توليتها ورعايتها لتكون نباتات مزهرة تنمو في اتجاه شمس الإنجاز والتحقق، حديقة وارفة تظلل سماء البلاد وتحقق مصالح الناس.

تجربة العمل والإنجاز وسط جيل الشباب طلابا كما جربتها وعرفتها، قادرة على وصل الجسور نحو غايات منجزة، حيث تعيد زرع ذاكرة البهجة وتمنح للدنيا طعم استحقاق وتعيد كل مصر بهية كما نعرفها فنطوف ونشوف في أرجاء مكنون قدراتها عملا وإنتاجا.

تمنح تجربة التواجد مع الطلاب في العمل الجامعي انفتاحا على ما قد فاتك أو عبرت عليه غفلة أو لم ينتمِ لعاديات زمانك، تجدد صلتك بالكون وتتيح للأفكار أن تحلق خارج نطاق دائرة المعتاد وما قد ألفت، أي رهان على تحول مهم يبدأ من هؤلاء الشباب، الثقة بهم وبقدراتهم وبأفكارهم ورعايتها ومنحهم مودة تحتفي بالجهد والإبداع، إتاحة نوافذ جديدة تفتح المسام وتعيد تحفيز طاقة التحقق.

أعتقد أن أكثر ما يصنع التجديد هو أن تكون حالة التعليم جميعها في مرحلتيه ما قبل الجامعية والجامعية مؤدية إلى معرفة منتجة مبهجة، ولعل نقطة البدء هنا هي احترام قدرات الطالب، بعدم تجاهلها أو القفز فوقها أو التعالي عليها، ومنحه تجربة تعليم وتأهيل يكون فيها مشاركا وفاعلا وليس مغتربا وغريبا معا.

إن بناء روافع الأمل في التعليم المصري أمرٌ يصب في مصلحة التحديث هدفًا واضحًا ويدعم جهود الدولة في إزالة عقبات التقدم، والبداية لابد أن تكون من تأسيس منظومة تعليمية عصرية تستوعب طاقات الطلاب وتخاطب أفق عصرهم وتجعلهم في تفاعل تلقائي مع الكون الواسع من حولهم، يتشاركون ويضيفون ويطورون، هذه نقطة بدء واجبة تركز على مهارات الإبداع وغرس قيمة الاكتشاف، ليكون التعليم قيمة مضافة مقدرة ورافد اقتصادي وعام للدولة المصرية.

إن إعادة تحفيز الطاقات من خلال برامج بناء القدرات للشباب هي خطوة مهمة وصحيحة، نأمل لها أن تتشكل في وثيقة إستراتيجية تكون إطارا موجها لكافة المؤسسات في مصر، وبحيث يتم في كل مدة زمنية محددة مراجعة خططها وتحليل نواتجها وتقويم مسيرتها وتقدير ما تضيفه، لعلنا إذا فتحنا النوافذ نستنشق نسائم التجديد ونعرف كيف يتشكل المستقبل أملًا واعدًا؟

إعلان