لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عفوًا.. اسمك غير موجود في القائمة

عفوًا.. اسمك غير موجود في القائمة

د. جمال عبد الجواد
09:05 م الجمعة 17 نوفمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أصدر الأزهر قائمة تضم خمسين اسمًا من علمائه الذين يزكيهم للظهور في وسائل الإعلام. أول ما لفت الأنظار هو أن الكثير من الأسماء المعروفة في مجال الفتوى الدينية غير الشاذة وغير المتطرفة لم تظهر على هذه القائمة. القائمة كشفت عن أمرين، الأول هو التحيزات الفكرية لأصحابها، حيث تم استبعاد مخالفيهم في الرأي الديني، رغم انتمائهم لتيار الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل. كشفت القائمة أيضًا عن جماعات المصالح والشلل، فالظهور في الإعلام فيه وجاهة، وفيه منافع مادية أيضًا، وتزكية البعض على حساب البعض الآخر تعني زيادة فرص المكسبين المعنوي والمادي.

ولأن الهيئات القائمة على الفكر الإسلامي في بلدنا ليست على قلب رجل واحد، فقد قامت وزارة الأوقاف بإصدار قائمة المفتين الخاصة بها، فجاءت قائمتها أكبر عددًا، وأكثر تمثيلاً، وإن ظلت تستبعد البعض من علماء الدين المشهود لهم.

المقصود بالإفتاء في هذه القوائم غير واضح. فهل يقتصر التقييد على تقرير الحلال والحرام؟ وما يجوز وما لا يجوز من الناحية الدينية؟ أم أن الأمر يتسع ليشمل كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين، مثل تاريخ المسلمين، وتاريخ الفكر الإسلامي؟

البعض عبر عن قلقه بسبب صدور قوائم المفتين، لما في ذلك من شبهة تقييد التفكير في أمور الدين، وفرض وجهة نظر بعينها على وجهات النظر الأخرى. المخاوف محقة وفي محلها، وعلينا أن نبقى منتبهين حتى لا تصل الأمور إلى هذا الحد في غفلة من الزمن، لكن الآن علينا أن نضع الأمور في سياقها.

قائمة المفتين لم تصدر في قرار رسمي، لكنها صدرت فيما يمكن اعتباره خطاب تزكية تم إرساله للمجلس الأعلى للإعلام. ليس لقائمة الأزهر ولا قائمة الأوقاف صفة الإلزام، وللإعلام أن يقيد نفسه بهذه القوائم، وله أن يفعل عكس ذلك. القوائم الصادرة عن الأزهر والأوقاف تحدد العلماء الذين تقبل المؤسسات القائمة على أمور الدين بتمثيلهم لها، وبقبول المسئولية عما يصدر عنهم، أما ما عدا ذلك فالمسئولية كاملة تقع على الإعلام الذي يستضيف شيوخا من أصحاب الآراء الشاذة، من عينة إرضاع الكبير ونكاح الوداع.

عدم ورود اسم أحد العلماء في القائمة لا يمنعه من الظهور في وسائل الإعلام، ولا يوجد في اللوائح والقوانين ما يعرض علماء الدين للعقاب، حال ظهورهم في الإعلام، على غير رغبة قيادات الأوقاف والأزهر، وإن كانت قيادات الأزهر والأوقاف لديها صلاحية التحقيق وتوقيع العقاب إذا صدرت عن رجال الدين تصرفات أو آراء تعتبرها الجهة الدينية الرسمية غير مقبولة.

تقييد الحديث في أمور الدين يثير مشاعر مختلطة. بعض الآراء الصادرة عن علماء محسوبين على الدين تثير السخرية. آراء البعض الآخر من العلماء تتسبب في قتل الأبرياء، فيما يحاول فريق ثالث من العلماء منع التقدم والتغيير الاجتماعي. كل هذا صحيح، ولهذا نطالب بإصلاح الفكر الديني. غير أن اختزال الإصلاح في تقييد الشاذ من الأفكار، دون الانتقال لمرحلة إنتاج أفكار دينية جديدة فيه سوء فهم كبير. المؤكد أن الدين فيه طاقة هائلة، يمكنها أن تدمر كل شيء، ويمكنها أيضًا أن تبني أشياء كثيرة رائعة. تركيز المؤسسات القائمة على أمور الدين حتى الآن يبدو منصبًّا على السيطرة على الجانب المدمر من الفكر الديني. نتطلع للانتقال لمرحلة إنتاج أفكار جديدة تطلق ما هو كامن في الدين من طاقة هائلة للإبداع البناء.

 

إعلان