لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

اغمض عينيك..!

د. براءة جاسم

اغمض عينيك..!

د. براءة جاسم
04:54 م الجمعة 20 أكتوبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

 بقلم: د. براءة جاسم

سألني أحدهم عن رأي علم النفس في تحولنا "لمسوخ"، مجرد "ساديين" نستمتع بالألم الذي يحدث عند سقطة أحدهم. أجبت بأن شرح وتحليل وتفسير أمر كهذا موجود، لكنه يحتاج لمجلدات، واختصاره صعب، فالموضوع متشعب جدًّا وذو طبقات نفسية متعددة، كلما أزلت طبقة وجدت أخرى؛ فضلًا عن اختلافه من شخص لآخر، فهو خليط سام قاتل من حسد، حقد، جهل، استحقاق، إحساس بالظلم، و"شادنفرويده" (مصطلح ألماني يعني إحساس بالمتعة من سقطات الآخرين)... إلخ.

كل إنسان لديه بعضٌ مما سبق ذكره بقدر متفاوت، لذلك وجب علينا أن نهتمَ بإصلاح أنفسنا، ونتخذَ من ردود أفعالنا، حين نعرف بفضيحة أو نرى سقطة، فرصةً لنظرة داخلية في أنفسنا للعمل على تصحيح مسار إنسانيتنا من ظلمة تلك الصفات القبيحة.

اغمض عينيك واستدعِ "كبرى الخطايا"، أسوأ فعل قمت به على مدار حياتك، واسترجع تفاصيله. ماذا لو سجلَتْ عدسات الكاميرات أو عرف العالم كبرى خطاياك؟ سقطاتك؟ زلات لسانك؟ أكثر مشاعرك سوداويةً؟ أعمق أسرارك... إلخ؟! ماذا سيكون إحساسك حين يشاهدك الجميع فيتناقلون خطاياك تحت عنوان يرونه أكثر إثارة، على سبيل المثال لا الحصر "فضيحة فلان/فلانة".. سقط فلان/فلانة... إلخ.

اختلفت المفاهيم وتحولت من "مَن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر" إلى من كان منكم بلا فضيحة صورت فليرمها بخنجر، ارمهم بسهام لسان مسمومة، وأحكام ملعونة، و دس سُم أزرار أجهزتك الحديثة في دمائهم بتناقل عثراتهم .

ماذا لو وضعنا صورًا متتالية من ماضيك سواءً كنت متكئًا، أو غير مهندم، أو كان ملبسك على غير ما يليق بأيامنا المعاصرة، أو لم تكن ظروفك المادية على ما يروم أهلُ المظاهر؛ وقد عُنونت فضيحتك بـ "فلان/فلانة.. قبل وبعد".

هل كان لزامًا على تلك الشخصية التي تتناقل صور القبل والبعد الخاصة بهم ألا تتغير؟ ألا تتطور؟ ألا تلجأ لمصممي الأزياء وأفضل "الماكييرات" ومصففي الشعر أو الطب لتغير عيبًا كان يؤذيها؟!

نسخر ممن هم من وجهة نظرنا أقل جمالًا كأننا الأفضل دومًا! أما من هم من وجهة نظرنا أو وجهة نظر مجتمعنا "أكثر جمالًا أو مالًا أو حظًّا"، فنتمنى وننتظر لنتشفى بفضيحة، أو نسخر من فعل، أو ما نلبث أن نذكِّرهم بما يسوؤهم أو ما يكرهون، فهذه كانت في الأصل خادمةً فقيرة، وذاك كان عاملًا بسيطًا؛ ننعت هذه بالأمية الجاهلة، وتلك بالمتحررة المنحلة ، هذه مِزواجة ضالة، وهذا منحرف رجيم.

هل يضايقك اهتمام من حولك بها؟ هل تتمنين لو حصلتِ على نفس قدر الجمال؟ الاهتمام؟ المال؟ الفرصة؟ الشهرة... فتسارعين بتناقل صورها قبل وبعد لإثبات ماذا؟ هل سألتِ نفسك ماذا يوقظ ما تمتلكه/ يمتلكه من مال أو حسن أو ما شابه داخلك؟ هل تشعر بأن ما حدث له لا يعني أن العدل تحقق؟ وحين تتشفى في سقطاته تشعر بأن العدل من وجهة نظرك قد تحقق؟

سواءً كان ما حققه نتاج مجهود بذله أو تنازلات قدمها، فإن ما مُنحه هذا الشخص هو من الخالق ليس من سواه، فلا العطاء من علامات الرضا ولا المنع من أمارات الغضب.

الحسد أو الغيرة شعور إنساني نمر به جميعًا في وقت من الأوقات، والفائز من يعمل على إصلاح نفسه، أما أن تنجرف في طريق مظلم فتتشفّى وتسخر من سقطات غيرك أيها "الشادنفرويده السادي" فعلى إنسانيتك السلام إن لم ترجع!

 

إعلان

إعلان

إعلان