- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
دويتشه فيله:
بعد صدور كتابه، "آخر كلام: شهادة أمل في ثورة مصر"، يسري فوده يتحدث في هذا المقال لأول مرة عما لم يستطع نشره في الكتاب.
عندما حل علينا صيف عام 2014، أدركنا أخيرًا - زملائي في برنامج "آخر كلام" وأنا - أن ما تبقّى من الخيط المهني/ الأخلاقي، الذي تشبّثنا به لأكثر من عام بين أصحاب الصدمة وأصحاب الهيستيريا، لم يعد يتحملنا. شيء من اثنين، لا ثالث لهما، كان لابد من أن يحدث: إما السقوط أو الخروج.
خرجنا، ومنذ خروجنا في سبتمبر من ذلك العام، وأنا أعكف على توثيق تجربة إعلامية نادرة وقعت في قلب ثورة لم يسبق لها مثيل. استغرق الأمر عامًا كاملًا قبل أن أبعث بمسودة الكتاب إلى دار الشروق. أرسلته عمدًا عن طريق البريد الإليكتروني الذي أعلم أنه مراقب، اختصارًا للوقت.
في اليوم التالي جمعني لقاء برئيس مجلس إدارتها، المهندس إبراهيم المعلم، الذي أضعه دائمًا في منزلة الوالد والصديق. ولأنني أعلم كم تعرضت دار الشروق، وكم تعرض هو شخصيًّا، إلى ضغوط ظالمة من قبْل الثورة ومن بعدها، فقد منحته حقًّا مطلقًا في الامتناع عن النشر في أي لحظة دون أن يكون حتى مضطرًا إلى شرح الأسباب.
كان حرصي دائمًا على خروج المسودة بين دفتي كتاب من داخل مصر، لكنني كنت أعلم أيضًا أن "هم" يعلمون أن لديّ بدائل أخرى، داخل مصر وخارجها، أبسطها أن أتيحه على موقع إليكتروني أو حتى على فيسبوك. و"هم" أيضًا كانوا يعلمون أنني أعلم أنهم يعلمون. كان رهاني على ذلك، وكان من ضمن الحسابات في ذهني أن دولة الرقابة، من الخمسينات حتى الآن، رتبت أولوياتها من حيث الغلظة في ما تسمح بوصوله إلى الناس هكذا بشكل عام: التليفزيون - الراديو - السينما - المسرح - الجريدة - المجلة - الكتاب.
على الأقل بناءً على تجربة سابقة حديثة مع دار الشروق، تستغرق عملية نشر الكتاب عادة من شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأكثر. لكنّ "آخر كلام" لم يكن كتابًا عاديًّا في ظروف عادية. كان عليّ إذًا أن أتحلى بالصبر، ثم بكثير من الصبر، ثم بأطنان من الصبر. وحتى هذا لم يكن ليكفي.
نظرًا لحساسية ما ورد في الكتاب أمام نظام لا يؤمن بأهمية الكلمة الحرة في بناء مجتمع صحيح البنية فحسب، بل إنه أثبت استعدادًا فوريًّا للعصف بأصحابها بالقانون أو بغيره، اجتمع على مراجعة الكتاب ثلاثة مستشارين قانونيين محترمين، اثنان من طرف دار الشروق وواحد من طرفي. فضلًا عن مراجعات الناشر النمطية المعتادة، كان لهم جميعًا أن يقيسوا كل كلمة على هذه المستويات: مستوى الدقة في نقل الحقائق، مستوى الالتزام بالقوانين، مستوى "المناخ" السياسي و"المزاج" العام.
التزمت بمسؤوليتي عن المستويين الأولين؛ فهو في صالحي شخصيًّا على أية حال، رغم اختلافنا على تفسير بعض القوانين. غير أن الاختلاف الأكبر كان حول تعريف دقيق للمستوى الثالث، وهو ما أخّر ظهور الكتاب لأكثر من ثلاثة أضعاف المدة المعتادة في مثل هذه الأمور.
لم يمسس أحد في دار الشروق ولا بين المستشارين القانونيين رأيي أو رؤيتي إلا حين نشأ إحساس باصطدام أي منهما بأي من المستويات المذكورة.
وبرغم كل الإرهاق الذهني والعصبي الذي أصابنا جميعًا على مدى تسعة أشهر، سأحتفظ دائمًا باحترامي وتقديري لدار الشروق التي أقبلت على عمل يبدو عاديًّا كنشر كتاب وإن كان أقرب إلى عمل انتحاري في ظل ذلك "المناخ" السياسي و"المزاج" العام.
حين بلغ الإحباط مني مبلغه طلبت فسخ العقد رسميًّا خمس مرات في مواضع مختلفة كي أستطيع البحث عن طريقة أخرى للنشر. وفي كل مرة كانت دار الشروق تتمسك بالكتاب وكان ما يجمعنا من ود واحترام يعيدني إلى تفكير مشترك يبحث في حلول خلاقة محتملة.
وجدت نفسي في نهاية المطاف أمام طريق من اثنين: فإما أن أضحي بحرصي على نشر هذه الوثيقة بين دفتي كتاب من داخل مصر في سبيل أن يصل إلى الناس كل حرف كما كتبت، أو أن "أتنازل" قليلًا أمام "نصائح" المستشارين القانونيين في سبيل أن يكون له مكان في مكتبة هذا الجيل والأجيال القادمة.
كانت الملاحظة الأولى تتعلق بالتسريبات التي قيل إنها خرجت من مكتب وزير الدفاع وقتها، عبد الفتاح السيسي. وكانت النصيحة أن أضيف إليها دائمًا كلمة "المزعومة".
لم أعترض؛ فهذا مصطلح قانوني بحت يمكن أن يشكل فارقًا كبيرًا في أي تحقيق محتمل.
كان أمام المستشارين قرار من النائب العام يجرّم الحديث إعلاميًّا عن التسريبات "المزعومة"، وهذه تكرر ذكرها في مواضع مختلفة من الكتاب، وكان بعضها دائنًا مُدينًا لمسؤولين لا يزالون على قمة السلطة. ومن ثم اضطررت إلى حذفها وفي حلقي غُصة.
هذا تحدٍّ كبير ومواجهة ضخمة لا يُطلبان من أحد ولا يُزايَد بهما على أحد، ولا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها. المكان الوحيد الذي ينبغي أن يبقى دائمًا في بقعة الضوء هو المكتب الذي خرجت منه التسريبات "المزعومة".
لا يعنيني في هذا المقام أن طرفًا آخر يحاول توظيف الأمر في إطار صراع على السلطة، وإنما يعنيني، كمواطن مصري يؤمن بضرورة خضوع الحاكم لرقابة الشعب، ألا يستهزئ الحاكم بحق الشعب فيتجاهل الأمر تمامًا إلا في استصدار قرار من النائب العام بتجريم الحديث فيه، أو في غيره من أمور كما حدث بعد ذلك.
سيبقى السؤال على طاولة السيسي: لماذا - إذا كانت التسريبات "المزعومة" مفبركة - قدمتَ اعتذارًا لأمير قطر عن إهانة والدته التي أتت في سياق أحد تلك التسريبات "المزعومة"؟
الملاحظة الثانية كانت في وصف ما حدث يوم 14 أغسطس 2013 بأنه "مذبحة" كما ورد في مسودة الكتاب. إذا كان الأمر يتعلق بالكم فإن أقل التقديرات - وقد جاءت من مجلس تابع للدولة - تعدت ستمائة قتيل في غضون ساعات قليلة.
وإذا كان الأمر يتعلق بالكيف فإن أحدًا لم يتحمل المسؤولية بعد في الإجابة على هذه الأسئلة: هل كان ثمة من سبيل آخر للتعامل مع جانب من شعب مصر اعتصم في ميدان عام أو ميدانين دون قتل؟ ولماذا؟ ماذا كانت الخطة؟ وكم كانت التقديرات النظرية للخسائر في الأرواح؟ ومن اتخذ القرار؟ ما طبيعة العتاد والسلاح الذي نزل به الجنود والضباط؟ وماذا كانت قواعد الاشتباك الموكلة إليهم؟
ثم كم لترًا من الدم تمامًا كافية لتسويغ استخدام هذا المصطلح؟ ولا يصح أخلاقيًّا ربط الإجابة على هذه الأسئلة الحاسمة بأن جانبًا من المعتصمين، أو حتى كلهم، كان يحرّض بالكلمة على أعمال عنف. عنف المواطن سيئ و له في القانون ما يقابله، وعنف الدولة أسوأ ولا ينبغي أن يمر دون حساب، وإلا فليرحمنا الله جميعًا.
الملاحظة الثالثة كانت تتعلق بحساسية مفرطة كلما أتى ذكر القوات المسلحة أو أي من قادتها. ورغم أننا قضّينا سنوات طويلة منذ بداية الثورة نحاول أن نشرح للناس أن احترامنا لجيش بلادنا لا يتناقض مع انتقادنا للدور السياسي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بل إنه جزء لا يتجزأ منه، فإن عجز البعض عن قبول هذا المبدأ - خاصةً في قمة السلطة - خلق أجواءً من شأنها إرهاب التفكير الحر.
على سبيل المثال، في الفصل الذي يحمل عنوان "فجأة .. انتهى شهر العسل"، قادني تقييمي لتطور المنهج الإعلامي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة - وقد كان يدير شؤون البلاد - أمام حال الثورة إلى هذه الفقرة:
"إذا اعتبرنا أن تلك كانت أولى مراحل الأوجه المختلفة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في تطور اشتباكه مع الحياة المدنية في العام الأول للثورة، فلابد أن المرحلة الثانية كانت مرحلة عتمان/شاهين (مرحلة المدخل)، ولا بد أن المرحلة الثالثة كانت مرحلة العصار/حجازي (مرحلة الاستيعاب)، ولا بد أن المرحلة الرابعة كانت مرحلة الفنجري/الرويني (مرحلة الإصبع)، و لا بد أن المرحلة الخامسة كانت مرحلة "مفيش/مفيش" (مرحلة العزوف)".
وكانت النصيحة أن تبقى الفكرة على أن يتم الفصل بين أسماء الأشخاص وأسماء المراحل، إما هذه أو تلك. هذا مثال واحد - حتى في مسألة تبدو بسيطة كهذه - يدين الأجواء التي خُلقت عمدًا لخلط مفهوم الحاكم بمفهوم الوطن، وخلط مفهوم الحكومة بمفهوم الدولة، وخلط مفهوم المجلس الأعلى في دوره السياسي بمفهوم الجيش في دوره المهني. الهدف واضح: من ينتقد ليس وطنيًّا.
و للحديث بقية في الأسبوع القادم.
إعلان