إعلان

إلى الأمان: الدعاة.. والخطاب الديني

إلى الأمان: الدعاة.. والخطاب الديني

04:21 م السبت 19 سبتمبر 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - اللواء الدكتور محسن الفحام:

تمر البلاد حالياً بسلسلة من الأحداث والأزمات التي تجعلنا جميعاً في حالة من الترقب معظم الوقت والتوتر بعض الوقت خوفاً على وطننا الذي تم انتشاله من فترة ظلامية حادة نحمد الله انها لم تستغرق اكثر من عام واحد إلا اننا ما زلنا نعاني مما حدث خلاله حتي يومنا هذا.

ولعل مشكلة الدعاة ودورهم في تنوير الفكر ومحاربة الجهل و التطرف الديني من أهم و اصعب تلك الازمات حيث يتوقف على هذا الدور مساهمة فعالة ومؤثرة بشكل كبير في مواجهة هذا الفكر المتطرف الذي تطور في غضون اعوام قليلة إلي افكار إرهابية تتبناها فئة استطاعت بذكاء و خبرة ان تؤثر على قطاع ملموس من الشباب خاصة في المحافظات الحدودية مثل سيناء ومرسى مطروح و تغيير افكارهم و معتقداتهم مستغلين في ذلك حالة الفقر الفكري و المادي و البطالة و تساندهم مخابرات عدة دول عربية و اجنبية بهدف زعزعة استقرار و امن البلاد و تقسيمها بعد ان فشلت في إحداث فتنة طائفية بين نسيج الوطن الواحد فراحت تؤثر وتسيطر علي افكار هؤلاء الشباب بأحلام وهمية وأموال تدفع لهم طبقاً لما يحققونه من اعمال إرهابية و تخريبية داخل وطنهم .

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد نادى منذ توليه المسؤولية بضرورة الاهتمام بتجديد الخطاب الديني حتي يتوائم مع طبيعة العصر و المرحلة .. وقامت الدنيا حينها و لم تقعد من مؤتمرات وندوات وتوصيات والنتيجة حتي الان مازالت غير مرضية .

وفي حديث لنا مع أحد الدعاة من الشباب حول هذا الموضوع رأيته يتكلم في موضوعات هامة اعتقد انها لم تكن محل اهتمام كبير ممن كانوا يدعون إلى ما دعا إليه الرئيس و كان من اهم ما نادى به ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري من الدعاة و ذلك من منطلق ان " فاقد الشيء لا يعطيه" .. .

وهنا نتساءل.. ماذا فعلت الدولة للدعاة من ابناء المحافظات والاقاليم المختلفة تحديداً بعيداً عن محافظات القاهرة الكبرى و الإسكندرية؟.. هل تعلمون ان مكافأة خطبة يوم الجمعة تتراوح ما بين عشرون إلى خمسين جنيهاً فقط ؟.. أين الاهتمام بمظهر الداعية الخارجي وبثقافته العامة وتدريبه على مهارات التواصل الفعال مع الحاضرين مع المترددين على المساجد خاصة من الشباب لكي يستطيع ان يؤثر على معتقداتهم و افكارهم و العودة بها إلي جادة الصواب و الاعتدال ؟.. هل تعلمون ان اول من اطلق فكرة إعداد المتحدث المتمكن كي يؤثر في الحاضرين كان الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو عام 1971 " في كتابه نظام الخطاب " ولم يكن أحد من علماء الازهر او الدين الاسلامي الحنيف؟.. اذاً لابد من الاهتمام بهؤلاء الدعاة مادياً و نفسياً و ثقافياً لكي يتمكنوا من تحقيق الهدف الذي نتمناه جميعاً و هو وقوفهم جنباً إلى جنب مع رجال القوات المسلحة و الشرطة لمواجهة هؤلاء المتطرفين بالفكر اولاً ثم بالقوة ثانياً .

يحضرني في هذا المجال تجربة يقوم بها حالياً بعض الشباب من الائمة بمحافظة بني سويف حيث يقومون بتدريب انفسهم بمبادرات فردية بالشكل الذي يحقق لهم قدراً من التطور في الفكر و في تصحيح المفاهيم الدينية وفي قدرتهم للتأثير على المتلقي.. كما يقوم ايضاً الدكتور علي جمعة مفتي الديار السابق بذات المجهود الشخصي من خلال اكاديمية ثم انشاؤها خصيصاً لهذا الغرض بمجهودات ذاتية باسم اكاديمية الداعية المعاصر بمدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة.

نحن يا سادة في حاجة إلي خلق كوادر دعوية شابة و مثقفة و مقبولة شكلاً و موضوعاً و في هذا الاطار ادعوا رجال الاعمال الشرفاء ان يتبنوا تلك المبادرة التي تهدف في النهاية إلي صالح البلاد و العباد على ان يشرف عليها رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه في الدعوة الصادقة أمثال الدكتور/ أحمد عمر هاشم وأسامة الازهري وفضيلة المفتي ووزير الاوقاف تحت رعاية الأزهر الشريف حتي يتحقق لنا جميعاً ما نصبو إليه من تحقيق ذلك التوازن و الوسطية و الاعتدال الذي ننشده بين شبابنا الذين هم عماد المرحلة القادمة و ان نسارع في إنقاذ هؤلاء الذين تأثروا بتلك الافكار الهدامة المتطرفة التي تحولت بأفعالهم إلي نيران تحرق الاوطان و هم انفسهم اول من يتعرضون لتلك النيران .

حماكي الله يا بلادي من الارهاب والتطرف .. وتحيا مصر .

إعلان

إعلان

إعلان