لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رف السينما - "ولاد رزق" يحافظون على الهوية الأجنبية!

ممدوح صلاح

رف السينما - "ولاد رزق" يحافظون على الهوية الأجنبية!

10:55 م الأحد 26 يوليو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - ممدوح صلاح :

أثار فيلم (ولاد رزق) للمخرج (طارق العريان) من بداية نزوله المعارك المعتادة اللى بقت تيجي مع النوع ده من الأفلام في مصر.. و "النوع" ده أقصد بيه الأفلام اللى بتدور في عالم الجريمة والمخدرات والدعارة، اللى بقت مؤخراً موصومة بصفة شائعة وهي "الرخص". وبقى يتم نسبها تلقائياً لخلطة إنتاجية تتنافس على شباك التذاكر بإستخدام مفردات البلطجة والرقص والأغاني الشعبية، اللى بقت المزيج الأسهل لاقتناص النجاح التجاري.

لكن اللى هيشوف الفيلم بعين منصفة هيلاقى إن محتواه الفني أكبر بكتير من الصفة دي، وبيحاول يستخدم إطار شائع في السينما الأمريكية والمصرية لحكاية قصة غنية بالتفاصيل ومتعددة الأبعاد، وفيها ملامح واضحة من الأفلام السابقة لنفس المخرج، وتحديداً فيلم (تيتو) اللى بيتكلم تقريباً عن عناصر مشابهة: البطل اليتيم اللى دفعته الظروف لحياة الإجرام وبيحاول ينتهز أقرب فرصة للتوبة - فساد بعض عناصر الداخلية – الرعاية اللى بيقدمها البطل لأفراد أصغر منه بشكل أبوي وبيحاول يخليهم مايقعوش في نفس أخطائه.

المرة دي من خلال سيناريو وحوار للكاتب (صلاح الجهيني) اللى ماتعرضش ليه غير عمل سابق واحد وهو الفيلم الكوميدي (30 فبراير).. وبيحاول (طارق العريان) جاهداً أنه ينفي عن نفسه الاتهامات الجاهزة دي فى الشريط السينمائي نفسه، من خلال تأكيده على الهوية الأجنبية للفيلم .. وكأن لسان حاله بيقول إن استخدامه للقالب الممتلئ بالألفاظ والإيحاءات الجنسية هو وسيلة ضرورية ومشروعة للتعبير عن العالم الفيلمي وخلفية الأبطال ومسار القصة. وبينجح في ده.

المحاولات بتمتد لتشمل الديكورات وتصميم المناظر المعتمد بقوة على المرجعية الأجنبية، تحديداً في مشاهد بيت الدعارة اللى بيحاول الإخوة رزق إنهم يسرقوه، الاجتهاد في رفع سقف الألفاظ المسموح بعبورها من مقص الرقيب ووضعها في سياق مناسب ومنطقي، وتصوير الأبطال في مشاهد كوميدية – حسية برضه – اتكررت في أعمال أجنبية لكن جديدة على المشاهد المصري، وغياب الحكم الأخلاقي المطلق المفسد للدراما، وأخيراً في الحبكة البوليسية الملتوية والسرد بطريقة غير خطية ف بعض الأحيان.
3rf

والفيلم هنا بمحاولات مخرجه هو شكل جديد ومختلف لعالم (الجريمة الشعبية) بالطريقة اللى تمنيت حدوثها في مقال سابق.

وعتابي هنا على الشكل الخارجي وتقديم الفيلم ممكن تلخيصه ف نقطتين، قبل التفرغ للكلام عن المحتوى.

النقطة الأولى هي إن الفيلم معروض بتصريح (تحت رقابة أسرية)، وأنا ماعرفش إن كان ده تحذير تطوعي قام بيه صناع الفيلم، ولا تصريح ممنوح من جهة رقابية .. لكن في كل الأحوال هو مش مناسب للفيلم بالمرة، وأنا ماعرفش ايه هي الأفلام اللى ممكن تبقى (للكبار فقط) لو ماكنش الفيلم ده منها!! .. وأعتقد إن عرضه للكبار فقط كان هيوفر جزء كبير من المعارك الجانبية وسوء الفهم، وهيضمن مسئولية المشاهد في اختيار اللى هو عايز يشوفه.

النقطة الثانية هي وجود نقطة محورية في السرد مستوحاة من فيلم أمريكي معروف (مش هاقول اسمه عشان ماحرقش الفيلمين)، والإختيار ده خلى مشاهدين الفيلم الأجنبي عندهم قدر كبير من التوقع للإلتواء أو الـ (Plot twist) الموجود قرب النهاية بشكل بيقلل تأثير المفاجأة .. مش اعتراضاً على التأثر بأفلام سابقة خالص، لكنه اعتراض على إن التأثر ده يحرق عليا نهاية الفيلم من البداية.

بخلاف الاعتراضات الشكلية دي، المحتوى الفيلمي في القصة وتنفيذها كان على جانب كبير من الإتقان والإمتاع، من كل مجموعة العمل اللى اجتهدت ف تقديم أحسن ما عندها. وفي تفاصيل الشخصيات وتباينها والأداء التمثيلي اللى بعضه يستحق الإشادة زي (محمد ممدوح) المتألق في دور الظابط نافذ الصبر، و(أحمد داوود) الأخ الأوسط اللى المخدرات بتخليه دايماً مش في وعيه ودايماً بيتعامل ببساطة وعدم اهتمام مع اللى حواليه. و (محمد لطفي) اللى أثبت بدوره الصغير المفاجئ انه ممثل مجتهد صاحب نية دايمة في الاختلاف وترك أثر، واستدعى لذهني أدوار تانية برع فيها زي أدواره في فيلم (كباريه) وفيلم (رسايل البحر)، اللى كلها تنويعات على دور البلطجي المحترف وكلها مختلفة عن بعض بشدة.

باستثناء بعض ثغرات القصة اللى ممكن تؤرق محبي الأفلام البوليسية (زي إن المعلم اختار مكانه الثابت لتسليم المخدرات مع إن ده بيتنافى مع حذره وخطورته، أو زي انه ماكنش بيراقب الإخوة في وقت كان لازم يراقبهم فيه) كان الفيلم بقى من علامات سينما الإثارة ذات الحبكة المحكمة، لكن لا يزال عنده فرصه قوية في تثبيت أقدامه مع الوقت كفيلم بيتعامل مع موضوعات فرضها واقع الخريطة السينمائية المصرية بطريقة جديدة لا تفقد فيها بصمة المخرج وهويته، حتى لو الهوية دي مستمدة من ثقافة أجنبية واضحة.


اقرأ أيضا:

رف السينما - سكورسيزى الكينج

إعلان