لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محمد إبراهيم طعيمة يكتب: سامية جمال المفترى عليها

محمد إبراهيم طعيمة يكتب: سامية جمال المفترى عليها

09:26 ص الثلاثاء 01 ديسمبر 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أهديت منذ أيام نسخة من كتابي الأخير "عفريتة هانم" لإحدى زميلاتي في العمل التي قامت بتصوير غلاف الكتاب عبر هاتفها المحمول ورفعه على فيسبوك مع كلمة شكر لطيفة لي، وطلب الرحمة للفنانة سامية جمال التي تعشقها وتموت في ضحكتها ورقتها – حسب قولها-.

حتى الآن لا توجد أدنى مشكلة، ولكن ما حدث بعد ذلك كان هو المشكلة.. شاب من المتابعين لصديقتي يدخل ليعلق على الصورة بقوله:
- راحت ولا جات حتة رقاصة.. متستاهلش الضجة اللي اتعملت دي كلها.. ومتستحقش الرحمة

استفزني تعليقه جداً، فهل معنى أنها "رقاصة" أنها لا تستحق أن ندعو لها بالرحمة.. وهل لأنها "رقاصة" لا تستحق أن يكتب عنها، وأخذت أشرح للشاب كيف أن الله وحده هو من سيحاسب الناس على أعمالهم وسلوكهم، كما أننا لا يمكننا الحكم على الناس من خلال ملابسهم أو شكلهم، فهناك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه "رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره" فربما تكون هي عند الله أفضل مني ومنك، كما أنها فازت بحسن الخاتمة التي نتمنى جميعاً أن نفوز بها.

ويبدو أن كلامي لم يعجب الشاب الذي ثار وأنكر أن استشهد بأحاديث الرسول وآيات القرآن الكريم للدفاع عن "الرقاصة" حسب ما وصفها، وربما يكون هذا هو لُب الموضوع.. فالحكاية ليست سامية جمال ولا أنها فنانة أو رقاصة، ولكن الحكاية هي كيف نقيم الأشياء؟ وكيف نحكم على الآخرين؟، ودعوني أرصد لكم بعض المواقف للراحلة سامية جمال الإنسانة التي عاشت تحلم بالحب والحنان الذي حرمت منه فعوّضت به غيرها.

ولدت سامية في بيئة غريبة بمحافظة بني سويف وسط عدد كبير من الأخوة والأخوات الأشقاء وغير الأشقاء فقد كان الأب متزوج من سيدتين، وقرر أن ينزح بهما إلى القاهرة حيث سعة الرزق فماتت الأم ولحق بها الأب وعمرها لم يتجاوز ثماني سنوات، لتُعامل سامية على أنها خادمة في البيت وليست صاحبته فتقرر الهرب وترك المنزل.
تذهب سامية إلى بيت شقيقتها التي تزوجت في السيدة زينب فتعامل كخادمة أيضاً تشتري متطلبات المنزل.. تغسل وتكنس وتعمل في أحد مشاغل الملابس، وعندما تأخرت ذات يوم ضربها زوج شقيقتها "علقة ساخنة" كما يقولون فهربت من المنزل مرة أخرى إلى الشارع.

أحبت سامية فريد الأطرش وكانت سنداً له في أزماته والمحن التي مر بها، ولعل وقفتها معه في حادث وفاة شقيقته أسمهان خير دليل على ذلك، ولكنه لم يتزوج بها رغم أنه يحبها خوفاً من ضياع المعجبات، فتتزوج رشدي أباظة الذي كان يخونها كل يوم تقريباً ومع هذا حافظت عليه واعتزلت من أجله، واعتنت بابنته "قسمت" وربتها بعدما تركتها أمها لتتزوج وتعيش في بيروت.

عندما قررت سامية اعتزال الفن بعد سنوات طويلة من العمل تفرغت لأعمال الخير ورعاية الأيتام فنفذت نقودها ولم تجد ما تنفق به على نفسها، فتقرر أن تعود من جديد للرقص وهي قد تعدت الستين من العمر، لا لشيء سوى لأنها ترفض أن تحصل على أي هدايا أو أموال لم تتعب فيها، رغم وجود عرض من أحد أمراء الخليج بالإقامة في فندق وأن يتحمل مصاريفها.

اختتمت سامية حياتها بالسفر إلى بيت الله الحرام وآداء العمرة وبعد عودتها دأبت على فعل الخير وقراءة القرآن حتى وافتها المنية في 1 ديسمبر عام 1994.
- ارحموا سامية وعاملوها كإنسانة.. لا تحكموا على الناس من خلال أشكالهم أو ملابسهم وتذكروا كلام الله "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم"، وحديث الرسول الكريم "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم"

إعلان