إعلان

''النكبة'' ليست حدثاً.. ''النكبة'' شرخ في مسار الزمن

النكبة

''النكبة'' ليست حدثاً.. ''النكبة'' شرخ في مسار الزمن

11:05 ص الخميس 15 مايو 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم- أسماء إبراهيم:

النكبة لم تكن يوما حدثاً تاريخياً، هي شرخ في المسار الطبيعي للزمن، النكبة كانت وستظل ندبة في مسار الأيام، هي ليست من الماضي، بل كل الحاضر، ندفع ثمنها كل يوم، وتكبر بنا وفي دواخلنا كل عام.

لا يمكن لنا كفلسطينيين أن ننسى ذكرى ذلك اليوم، ولا يمكن أيضا أن يمر علينا مرور الكرام؛ فالمفتاح يذكرنا بحلم العودة التي لا نراها مجرد حلم، بل هي يقين للكثيرين ممن تشردوا في أسقاع العالم.

أذكر يوما أنني في حديثي مع رجل تسعيني يقيم في مخيم للاجئين سألته وأنا التي لم تغادر أرضها أبدا ولم تعرف معنى أن يُسلب الإنسان منزله ومكان أمنه الوحيد، هل توقن يا عم فعلا بأنكم عائدون؟ فالطرف الآخر قد استقر على الأرض ومحى كل آثاركم وحول قراكم البسيطة إلى مدن على الطراز الأوروبي وحقولكم صارت حدائق عامة يرتادها من لا يعرف معنى الأرض، ولا يشم عبق التاريخ وعرق الفلاحين الذين مات بعضهم وهو يحمل معولا وفأسا ينكشها صباح مساء حتى أصبحت على ما هي عليه، وهم جاءوا من كل مكان ليدوسوا على هذا التعب بأرجلهم العفنة؟

الرجل باستهجان: هي أرضنا، وسنعود، مهما طال الغياب، فستين عاما أو أكثر أو أقل لا يعني بأن الأرض صارت لهم، وهذي المظاهر التي غيروها لم تغير حقيقة ملكية الأرض الحقيقية، فهم بأنفسهم يعلمون أننا لن نتنازل، ويدركون بأن الحق لا بد عائد لأهله، لذلك تجدينهم كل يوم يذكرون العالم أو يطلبون منه أن يعترف بدولتهم اللقيطة، ففي قرارة أنفسهم يعلمون أنها مسألة وقت وأن الأرض والشعب الفلسطيني ملتحمان ولا بد لهما من أن يلتقيا في نهاية المطاف، الأرض يا ابنتي ترفضهم وتلعنهم، فالأرض تحن لساكنيها الأوائل، وتناديهم، تحتضن جثث من ماتوا منهم في الدفاع عنها وتلفظ تلك التي أهانت كرامة الإنسانية جمعاء عندما دخلت البلاد عنوة وفعلت ما فعلت لتستقر بأمن لن تشعر به حتى نهاية الزمان.

النكبة حرج نازف لا يمكننا الشفاء منه، فكل عام وفي هذا التاريخ بالتحديد نصاب كلنا ''فلسطينيون وعرب'' بحمى تفتح الجرح الذي ما زال ينزف منذ أربعينيات القرن الماضي، النكبة يا أعزائي صراخ مكتوم داخلنا يجعلنا نعتصر ألما كلما رأينا من لا يستحق يتبختر في ساحات المسجد الاقصى ونحن محرومون من الصلاة إلا بإذن منهم، وهم يأتون بأطفالهم يلعبون ويلهون في المكان وكأنه لهم منذ فجر الزمن، ونحن لا نعرفه إلا من خلال صور تعلق هنا وهناك.

النبكة وجع، توهان دائم ، خوف، جوع، هم وغم ومرض، النكبة شيء لا يمكن أن يعرفه إلا من جربه أو ذاق طعمه أو شاهده في عيون الآخرين، وصراخ الأطفال وملامحهم التي اختفت من شدة الرعب، فأن تجد نفسك دون مأوى وأرض وبيت كان لك كل الأمان، يعني أنك فقدت كل شيء على الإطلاق وأن عليك أن تعيد ترتيب أوراقك مرة أخرى، وحياتك ومشاعرك وهمومك وحتى صور ذاكرتك، فالأمس قد يدمر ما تبقى منك، ومنها عليك أن تقوم مرة أخرى كطائر الفينيق لتحلق وقتا من الزمن لكي تتناسى وتستمر في الحياة إلى أن يحين وقت العودة.

النكبة لمن لا يعرفها شر من شرور الشيطان، قطع  ودمر كل الأحلام الوردية التي كانت تسكن العرائس والأميرات الصغيرات اللواتي كن يتراقصن فرحا بين أشجار برتقال يافا، ويختبئن من الفراشات، قبل تغير طعم القبل على جباه الصغار المولودين حديثا على حافة الوطن، فامتزجت بالدموع الحارقة، النكبة صدأ تراكم في عقول المتاجرين بالقضية، لابد له من علاج علنا نعود الى ا لسبيل المنشود.

النكبة ليست حدثاً.. النكبة جرح لا يمكن أن يلتئم.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان