لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الأيدولوجيا المُعتّقة

الأيدولوجيا المُعتّقة

04:56 م السبت 13 يوليو 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كتب- هاني عزالدين:

هي أفكار نحللها بعقولنا وتتفهمها قلوبنا، تستفتى فتصطحب القرار الذي يسوقنا في الاتجاه الذي نختاره، وما بين براثن كل فكرة ننزوي عبر سنوات ، تقتلنا التجربة، والأدلة الدامغة، من نصدقهم بحسب مقادير معرفتنا وثقافتنا ورؤيتنا، وقبل الكل ثقتنا النفسية بما يقولون.

كثير من الناس يرفضون تصفح الجرائد الرسمية أو الحكومية على مدار سنوات، رغم الاتفاق المسبق على وجود قامات فكرية لها ثقلها تدون على جدران هذه الصفحات.

وإن كانت حقيقة أن التخوين وفلسفة الأقصاء وغيرها من مصطلحات العصر، التي يستخدمها طرف سياسي على حساب منافسه أو عدوه أو غريمه على حسب الموقف والفكرة، باتت مرفوضة فهي كامنة في الجميع ولكنها تظهر فقط عند الحاجة.

إذا قمت بعمل مناظرة بين أحد أتباع التيار السلفي أو الإسلام السياسي وآخر ناصري، وقمت بسرد ما تعرض له الشيخ الغزالي في عهد الزعيم خالد الذكر وسخرية الصحافة الحكومية وحملتها عليه بشأن قضية الإخوان المسلمون على سبيل المثال.

ستروى القصة من كل طرف على حدة بفلسفة مغايرة وخاصة، وكل سيقوم بتحليل عيوب ونقاط ضعف سيده أو فكرته، والكلمتان مترادفتان هنا: يرميان على من يسوق العقل في كلتا الحالتين.

بعد مرور سنوات، ستروى العديد من القصص والحكايات عن نظام الحكم السياسي في مصر بعد اندلاع الثورة قبل عامين ونصف العام، ستكتب قصص عن: أحداث محمد محمود، مجلس الوزراء، انتخابات الرئاسة ، الدستور، وانتهاءً بمذبحة الفجر.

للأسف سترى كل يحلل من رؤيته الخاصة وزاويته المنفصلة تماماً، وأيدولوجيته التي تعتقت لسنوات وسنوات بالفكر الذي اختاره طوعاً، الغريب أنك ترى نفس الحدث بعين واحدة، ولكن بقصص مختلفة، هدفها التي تعتمد عليه أولا هو كيفية إيصال وجهة النظر بدون إظهار منطق أو عقل حقيقيين فيما تروي.

إن تجارب كل فصيل سياسي تأثرت بالتجربة التي عاصرها على مدار سنين الصراع في عهد حكم الدولة البوليسية لحسني مبارك، ومن نالوا النصيب الأكبر من الظلم في عهده كانوا بحسب التناسب بين الفعل ورده، هم الأكثر عداوة وانتقامية.

أما الإشكالية الأكبر والأكثر إيلاما هو الاتفاق غير المعلن والمفهوم ضمنياً بضياع حقوق شهداء الثورة وما تلاها من أحداث أرهقت أرواحاً ثورية في سبيل الحق، والسعي الآن ليس من أجل هذه الأرواح والبحث عن القصاص لها، كونه بات صراعاً جزئياً منفصلاً وقديماً، ولكن القصة كلها تحولت للعبة السياسة بما تحويه من قصص وألعاب وسياسات داخلية وخارجية، تتعلق بمصر ودورها وأهميتها وصراع أمريكا - روسيا الأبدي.

هناك أكثر من مذبحة حدثت بعد الثورة كان لها أبطال بأعينهم، واتفقت جميعاً على مبدأ الغدر من قبل القاتل، ما بين ماسبيرو ومحمد محمود ومذبحة الفجر، وما بين طرفة عين وانتباهتها يبدل الله حال إلى حال.

من استقوى بالشيطان يوماً، ولم يراع حرمة الأموات، باغت عليه الدوائر، فبات الضحية، وهنا أتحدث بالطبع عن التيار، وليس عن الشهداء، فالشهداء منزلتهم واحدة منزوعة من كل عوامل الشماتة أو الاعتداء على حرمة المقدس، متوهما أنه فقط من سيظل يحيك خيوط اللعبة السياسية.

عندما يهاجم مفكر إسلامي يدعو إلى قراءة الدين بصورة أكثر عمقاً ومعاصرة بحسب ما تقتضيه البيئة المحيطة والسياق الزمني المعاصر، يثور على كل أفكار الرجعية والسلفية والتكفيرية وغير من مصطلحات داعياً للتعايش المجتمعي، سيقوم بمعاداة أفكار الإخوان الأساسية، برجعيتها وصداميتها ونفعيتها وأي فكر مقترن بها في ظل المشهد السياسي، في هذا السياق ربما تغيب النظرة الموضوعية عن الحكم على تجربة الفصيل الآخر.

وعلى نفس الوتيرة سيكون الخلاف الإخواني - الناصري والإخواني - الاشتراكيـ والإخواني - المصري.. وللمصريين طبيعة خاصة للغاية من حيث إرثهم الحضاري وخصوصيتهم التاريخية، ولكل فصيل مما سبق تجربته وأفكاره المضادة على طول الخط، ومن ثم سيكون الحكم عند مداولة قضية الحكم للفصيل المعادي جائراً في لحظات عدة، ناهيك عن أخطاء وسلبيات لا حصر لها في التجربة نفسها.

عندما يقوم شخص ما بمشاركة موضوع أو فيديو عبر فيسبوك يبرهن على موقفه واتجاهه، من مصدر هو نفسه غير متيقن من حقيقته يكون ذلك أمراً نفعياً برجماتيًا، الهدف منه فقط إثبات رأيه بأي وسيلة.

الأمر مشابه بلعبة السياسة، التي بات الجميع يعرفها ويؤمن بها ويعبد منطقها، ويطبقها بحرفية أيضاً، كان من الضروري إذن بعض الصمت المتعمد والإجباري بعد أقل من أسبوع من تحالف، ثوري - شرطي - عسكري، على مذبحة الفجر.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يمثل موقع مصراوي

إعلان