إعلان

طارق الشناوي يكتب: ''اليهود في مصر'' مغامرة في دور العرض!!

طارق الشناوي يكتب: ''اليهود في مصر'' مغامرة في دور العرض!!

01:37 م الأربعاء 06 مارس 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - طارق الشناوي:

الفيلم مغامرة لأنه يسير على الأشواك وعرضه تجارياً مغامرة أخرى فلم يتعود الجمهور المصري أن يقطع تذكرة السينما إلا فقط للنجوم والفيلم التسجيلي لا يقدم سوى بشر عاديين فما بالكم لو كان العدد الأكبر منهم يهوداً.
 
خيط شائك أن تدافع عن حق اليهود الذين عاشوا في مصر في التواجد على أرضها مجدداً بعد أن غادروا أرضها بغير رجعة بعد أن تم إجبارهم بالتنازل عن الجنسية المصرية مقابل السماح لهم بالهجرة ولكن لا يعني ذلك من قريب أو بعيد أن الفيلم يتضمن دعوة للتطبيع مع إسرائيل.
 هل كانوا مصريين يهود أم يهود مصريون؟ من الذي يسبق الآخر الهوية الدينية أم الوطنية.. المخرج أمير رمسيس طرح في فيلمه التسجيلي الطويل ''عن اليهود في مصر'' جانباً واحداً فقط من  الصورة وهم اليهود الذين تمسكوا بمصريتهم.
 
تاريخياً كانت مصر هي مرفأ الأمان لليهود وبمراجعة الأسماء التي نجحت في مصر على المستوي الثقافي والفني فقط في الزمن المعاصر تدرك أن مصر فتحت ذراعيها للجميع يعقوب صنوع في الصحافة والمسرح وتوجو مزراحي في السينما وعائلة مراد في الموسيقي والغناء الأب زكي وابنيه ليلي ومنير وقبلهم الموسيقار داود حسني ولدينا في التمثيل راقية إبراهيم ونجوى سالم وسامية رشدي ونجمة إبراهيم وعرفت مصر وزراء يهود وتجار كبار ولا تزال المحلات الكبرى تحمل أسمائهم ''بنزايون'' و ''شيكوريل'' و ''صيدناوي'' وغيرها.
 
عدد اليهود في مصر تجاوز قبل عام 48 رقم 900 ألف يهودي ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا في مجتمع متسامح.. ثُلث هذا العدد عاش في مدينة الإسكندرية التي كانت واحدة من أشهر مدن ''الكوزموبوليتان'' في العالم حيث تتعدد فيها الأعراق والأجناس والأديان.
 
توترت العلاقة مع بداية الأطماع الإسرائيلية في فلسطين وبدأنا نحصي عدد اليهود ونفتش عن ولائهم.. يوسف درويش وهارون شحاته وهنري كورنيل وغيرها أسماء ترددت كثيراً في فيلم أمير رمسيس كان ولائهم المصري ليس محل شك.

العلاقة بين ثورة يوليو واليهود حملت قدراً من التوجس.. من الواضح أن اللواء محمد نجيب كانت لديه نظرة سياسية ثاقبة وذكر الفيلم أنه عندما احترق الدقيق الذي يستخدم في المعابد اليهودية لصناعة الخبز كطقس ديني كان حريصاً كأول رئيس لمصر على الحفاظ على هذه الشعيرة اليهودية باعتبارهم جزء من نسيج الوطن بل إنه طبقاً لما ذكره الفيلم طلب من الشيخ الباقوري أن يتراجع عن تصريح له يحمل شيء من البغضاء لليهودية كديانة.
 
عبد الناصر أيضاً كان منحازاً إلى مبدأ المواطنة برغم أنه في حرب 56 انقسم اليهود في مصر حول طبيعة الولاء لمصر أم لإسرائيل.

لم يتعرض الفيلم إلي أرقام تؤكد أسباب الهجرة هل كانت بسبب الخوف من الاضطهاد أم أن اليهود فضلوا ومع سبق الإصرار الهجرة إلى إسرائيل.. هناك مجموعة من اليهود ارتبطوا بالمنظمات الشيوعية واليسارية في مصر ولائهم المصري واضح ولكن هؤلاء شريحة ضئيلة لا تعبر عن كل اليهود إلا أن السؤال عن موقف اليهودي الذي يعيش على أرض مصر وليس منخرطاً أو مغموساً في السياسة ما هي مشاعرهم الحقيقية تجاه مصر؟!
 المعروف أن هناك أيادي إسرائيلية أشارت إليها الأجهزة المصرية تدين عدداً من الشخصيات كانت تريد الخراب لمصر وألمح الفيلم إلى أن الجيش عادة كان لا يرحب بتجنيد اليهود داخل القوات المسلحة وهو ما يعني الشك في الولاء للوطن.

عدد من اليهود أشهروا إسلامهم ومن الواضح أن الأمر هنا متعلقاً بالخوف أكثر مما هو قناعة بالدين كما أن جزء ممن أسلموا الدين بالنسبة لهم لم يكن يشكل قيم روحية.. ولكن اليساري الشهير شحاته هارون مثلاً من الواضح أن موقفه ثابت فهو قد ظل على يهوديته ورفض أن يقرأ الطقوس على جثمانه قبل دفنه حاخام من إسرائيل لأنه ضد هذا الكيان الاستيطاني حياً وميتاً وطلب في وصيته استقدام حاخام غير إسرائيلي.
 
لا نعادي اليهودية كديانة.. رسالة مهمة أن تصل للعالم ولكن ليس كل يهودي عاش على أرض مصر أحب مصر ومن أحبها هل توقن أن أبنائه وأحفاده أيضاً أحبوها؟! قد يجد البعض في عرض هذا الفيلم في هذا التوقيت نوع من المؤازرة لدعوة التعويض لليهود الذي أعلنها قبل نحو شهر القيادي الإخواني عصام العريان برغم أن الفارق شاسع حيث إن أمير يتناول شريحة محددة من يهود أحبوا مصر ولم يفكروا يوما في لعبة التعويضات الفيلم في عمقه يرفض التمييز الديني أو بأي لون آخر قضيته هي المساواة بين كل المصريين.
 
ويبقى السؤال هل من الممكن أن يقبل الجمهور على فيلم تسجيلي وأبطاله يهود؟

إعلان

إعلان

إعلان