لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عيد ميلاد عبد الوهاب وسر فتور الإعلام!!

عيد ميلاد عبد الوهاب وسر فتور الإعلام!!

01:57 م الأحد 10 مارس 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - طارق الشناوي:

الأربعاء القادم يبلغ الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب 112 عاماً، سوف تمر الذكرى في هدوء رغم أنه في حياته لم يكن يطيق أبداً الهدوء وكان يعتبره هو والموت سواء ولهذا ظل دائماً وحتى اللحظة الأخيرة من عمره داخل بؤرة الإعلام الصاخبة.. عبد الوهاب واحد من ثلاثة أصوات شكلت مذاق الأغنية المصرية.. الاثنان الآخران هما أم كلثوم وعبد الحليم ولعبد الوهاب ميزة أخرى لا تتوفر لكل من أم كلثوم وعبد الحليم أنه ملحن مجدد واستثنائي وصاحب لقب موسيقار الأجيال فهو ملحن الملحنين وعلى مدى أكثر من 60 عاماً ظل هو الألفة بين كل الملحنين باعترافهم ومبيعاتهم له.

ما هو سر الفتور الذي يقابل به الإعلام المصري والعربي ذكرى عبد الوهاب؟!، بينما لو أنك تذكرت ما الذي تعده الميديا سنوياً للاحتفال بعيد ميلاد أو رحيل عبد الحليم أو أم كلثوم، لاكتشفت أن عبد الوهاب يبدو وكأنه يتيم بلا نصير ولا حزب ولا مريدين.

رغم أن الوهابيين - أقصد بالطبع عشاق عبد الوهاب - هؤلاء الوهابيون على العهد بل إنهم لا يزالوا يتناحرون حباً وعشقاً وهياماً وبعضهم من عشاق عبد الوهاب القديم ويعتبرون أن الطقاطيق والأدوار التي كان يرددها متمسكاً بالمذاق القديم في العشرينيات والثلاثينيات هي قمة الإبداع مثل "يا ترى يا نسمة" التي ردد فيها كلمة يا ترى أكثر من 40 مرة بقدر لا ينكر من الرتابة التي يراها أتباع المذهب الغنائي الوهابي القديم هي الإبداع كما ينبغي أن يكون وهناك أيضاً عشاق عبد الوهاب الحديث الذين لا يعترفون سوى بالألحان المودرن العصرية غنى بعضها بصوته وبتوزيع أندريا رايدر مثل "أنا والعذاب وهواك".

اشتعل هذا الصراع بين- الوهابيين- في حياة عبد الوهاب ولا يزال مشتعلاً بعد رحيله.. ولكن لماذا خفت التواجد الإعلامي لمحمد عبد الوهاب الذي كان يعتبره في حياته هو نبض الحياة ولم يكن يسمح بأن يبتعد عنه الوهج الإعلامي ولو لحظات حتى أنه عندما مرت موجة بين المطربين والمطربات لإعادة أغنياته القديمة.

واعتقد بعض مريديه أن هذا يغضبه قال إنه سعيد بأن يعيد المطربون والمطربات تقديم بعض أغنياته القديمة لأنهم لو أجادوا غناءها أفضل منه سوف يتذكر المستمعون الأغنية القديمة وربما أعادوا سماعها بصوته كنوع من المقارنة أو حتى الوفاء وإذا أخفق المطربون في غنائها فإن المستمعين سوف يترحمون على صوته ويزدادون تعلقاً به.. وبعد أن أصبح عبد الوهاب غير قادر على الغناء في الحفلات انسحب منذ منتصف الخمسينيات واكتفى بتسجيل أغنياته في الاستديو وطرحها على اسطوانات ثم أشرطة وبعد أن وهن صوته لجأ إلى حيلة "من غير ليه" التي سجلها بصوته على العود وهو يجرى بروفات مع عبد الحليم على الأغنية في مطلع عام 1977 وقدمها عام 1989 وكأنه يغنيها في نفس العام بعد أن استعان بتكنولوجيا مزج الأصوات.

وقدم التليفزيون المصري وقتها تمثيلية دعائية قادها مفيد فوزي من خلال برنامجه "حديث المدينة" في عز قوة التليفزيون الأرضي وانفراده بالمشاهدين، وكأن عبد الوهاب يقدم الأغنية بصوته كل ذلك من أجل أن يظل عبد الوهاب حاضراً ليس فقط في التاريخ ولكن في اللحظة الراهنة، حيث إنه قبل رحيله ببضعة أسابيع في 4 مايو 1991 كان قد لحن لنجاة قصيدة "أسألك الرحيلا "وعبد الوهاب وقتها كان قد أكمل التسعين من عمره فهو من مواليد 13 مارس 1901.

نعم يوجد لعبد الوهاب عشاق ومريدون وجمعية تحمل اسمه ولكن كان بين عبد الوهاب ورجل الشارع إحساس بأنه فنان ارستقراطي غير قابل للمس رغم أنه نشأ في حي شعبي- سيدي الشعراني - وكان في حياته ابن نكتة ساخراً وساخناً ولكن كانت هناك مسافة ما تبعده عن رجل الشارع.. وهذا ليس له علاقة بثراء عبد الوهاب لأن يوسف وهبي سليل الباشاوات والذي كان يحمل البكاوية أطلق عليه الناس لقب فنان الشعب بينما عبد الوهاب ظل في الوجدان الشعبي فناناً عظيماً مبدعاً لكنه ليس ابن البلد.. الناس دائماً ترسم صورة ذهنية للفنان وتتناقلها عبر الأجيال ولا تُصدق غيرها.

عبد الوهاب فنان عظيم تحبه لكنك لا تأخذه بالأحضان لأنه فنان تغلفه أوراق السوليفان.. غير قابل للمس.. ولهذا سيمر عيد ميلاه بهدوء، لكن ألحانه ستظل لها كل الحضور والوهج والحياة!!.

إعلان