إعلان

'' انتبهوا قبل انفجار'' القنابل الموقوتة - (مقال)

'' انتبهوا قبل انفجار'' القنابل الموقوتة - (مقال)

05:48 م الخميس 17 أكتوبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد الشيخ:

ما قام به مؤخرا شباب ''أولتراس أهلاوي'' من قطع طريق المطار، لا يجب أن يتم التعامل مع هذا الشباب بمنظور أمني فقط، فغالبية روابط الأولتراس في مصر ينتمون للفئة العمرية بين 16 و35 عاما و70% منهم لا يرتبطون بعمل دائم بمعني أن غالبيتهم ''عاطلين''، وبالتالي فإن هذه الروابط هو المتنفس الوحيد المتبقي لهم ليخرجوا طاقاتهم التي أهملها الوطن، كما أهمل أو تناسي احلامهم في الحصول على وظيفه أو فرصه عمل تضمن لهم حياه كريمة وتحقيق احلامهم، كما أن لهذه الروابط بعد اقتصادي فيما يتعلق بنقل هؤلاء الشباب أو الملابس أو أدوات التشجيع وهي ''سبوبة'' للعديد من الشباب، وخاصة أولئك الذين تتركز احلامهم في الحصول على فرصة عمل بعد مرور 3 أعوام على مصر شهدت فيها ثورتين، وكان المشهد الرئيسي فيهما الشباب، الذين يحاولون تذكيرنا بأنهم موجودون، ومازال الفوز بفرصه عمل بالنسبة لهؤلاء الشباب مجرد حلم صعب المنال في ظل الأوضاع التي يشهدها الاقتصاد المصري.

وإذا عدنا بالذاكرة لعام 1995 فقد قدر التقرير الاقتصادي العربي، الذي يصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي بجامعة الدول العربية، احتياجات المنطقة من فرص العمل الجديدة بحوالي 20 مليون وظيفة جديدة حتى عام 2010 حتي يتم استيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل العربي، ولكن يبدو أن القائمين على إدارة الحياة السياسية بالمنطقة لم ينظروا إلي أهمية الأرقام وإلي حجم كرة الثلج ''البطالة'' التي تضخمت مع مرور السنين وانفجرت في وجه السياسيين العرب وحكوماتهم فى 17ديسمبر عام 2010 حينما أضرم محمد البوعزيزي النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد، احتجاجا علي مصادرة السلطات البلدية في تونس لعربه كان يبيع عليها الخضار والفاكهة لكسب رزقة، وكان ذلك سببا في اشتعال الثورة التونسية يوم 18ديسمبر والإطاحة بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي هرب إلي السعودية فى 14يناير 2012.

وبعد ذلك اضرم 27 مواطنا عربيا على الأقل النار في أنفسهم، لأسباب اجتماعية متشابهة وأغلبها يتعلق بالبطالة أو عدم القدرة علي إيجاد فرصة عمل كريمة، تقليدا لاحتجاج البوعزيزي، وكانت سببا في انتشار الثورات العربية كما تنتشر النار في الهشيم، رغم نفي كل الزعماء العرب فى مؤتمرهم العربي بشرم الشيخ يناير 2011 أن دولهم ليست تونس، وان كل دولة عربية لها خصائصها المتفردة عن باقي الدول، ولكن الشعوب ردت بسرعة وقسوة حيث امتدت رياح التغيير إلى مصر ثم ليبيا ثم اليمن ثم سوريا والبحرين، وكلها طالبت بالعدالة الاجتماعية والتي لا تتحقق إلا عن طريق خلق فرص عمل، تضمن الحياة الكريمة لفقراء هذه الشعوب وشبابها الذين يشكلون 70%من العاطلين فى الدول العربية.

واذا تابعنا معدلات البطالة فى الدول العربية وخاصة تلك الدول التي نجحت في التغيير أو تلك التي مازالت تسعي للتغيير نجد أنها من أعلي المعدلات عالميا، ففي تونس تبلغ معدلات البطالة 18.3% ومصر 13.2%وليبيا 15%وهو الأعلى بين دول المغرب العربي وسوريا 14.8% واليمن 40% والسعودية 10% و الإمارات6.3% و البحرين3.4% و الكويت3%، وبحسبه بسيطة لهذه النسب فإنه وفقا لهذه التقديرات الرسمية التي يشكك فيها الخبراء فإن عدد العاطلين العرب يتجاوزال20مليون عاطل الذي توقعه تقرير الاقتصاد العربي منذ 17عاما.

واذا كان الشباب العربي الذي قام بالثورات العربية وجزء من أحلامه هو الحصول على فرص عمل وهو مالم يتحقق بعد مرور أكثر من عامين ونصف على هذه الثورات، بدليل ارتفاع نسب البطالة التي ظهرت في الربع الأول من 2012، وهو ما يعني أن كره الثلج التي كبرت وأطاحت بعدد من أقدم الأنظمة العربية مازالت تكبر فى ظل تراجع معدلات التشغيل بسبب عدم الاستقرار الذي يسود في المنطقة، وتبقي المعضلة قائمة وتهدد بكارثة جديدة في المنطقة اذا أستمر الحال على ما هو عليه.

وحل هذه المعضلة لا يحتاج إلى اختراع العجلة من جديد، ويحضرني هنا قصه صغيرة منذ عام 2003 حينما أجريت حوارا مع الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق، وكان يشغل آنذاك المدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصادية، بعد أن عاد من جنيف حيث كان يشغل مستشار رئيس منظمة العمل الدولية ونجح في علاج مشكلة البطالة في ماليزيا وجنوب أفريقيا، وألتقي وقتها بالدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق وطرح عليه حلمه في علاج مشكله البطالة في مصر، بإنشاء صندوق التشغيل وهو يقوم بإعادة تأهيل الشباب لتتوافق قدراته مع سوق العمل، ووافق وقتها الدكتور عبيد وقام الدكتور سمير رضوان بعمل الهيكل التنظيمي للصندوق ولكن للسف لم يكتمل المشروع بسبب التمويل والذي كان يبلغ وقتها 500 مليون جنيه، وبالطبع يمكن تجديد هذا المشروع وصاحبه مازال على قيد الحياة ولديه تجارب ناجحة ويمكن أن نستفيد به في إيقاف نمو كرة الثلج والتي بلغت وفقا لأخر تقدير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى 3.6 مليون شاب متعطل '' ويمكن لهذه التقديرات أن تكون 3 اضعاف هذا الرقم إذا أخذنا ما يشهده سوق العمل من ركود.

والمطلوب من كل المسئولين والسياسيين المصريين والعرب، أن يركزوا جهودهم في كارثة البطالة، التي باتت تهدد استقرار المنطقة، وليس عليهم إعادة صنع العجلة من جديد، بل المطلوب منهم الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا وتغلبت علي هذه الكارثة قبل ان تصل إلي ما وصلنا إليه الآن، مثل تجارب جنوب أفريقيا وتركيا وماليزيا وإندونيسيا، فهل هناك من يأخذ بزمام المبادرة من الساسة المصريين ويحاول الاستفادة من هذه التجارب قبل أن نندم من جديد وقت لا ينفع الندم؟، حينما ينفجر في وجوهنا جميعا أكثر من 9 مليون عاطل فقدوا الأمل في هذا الوطن.

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك ... اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان