لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عيد رد الاعتبار للسادات.. ''روميل المصرى'' يا أصدقائى

عيد رد الاعتبار للسادات.. ''روميل المصرى'' يا أصدقائى

01:04 ص الثلاثاء 15 أكتوبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - إبراهيم البحراوي:
قال لى صديق مرموق إن رؤيته لحرب أكتوبر تختلف عن رؤيتى التى تظهر فى مقالاتى وأحاديثى التليفزيونية. سألته: كيف تفضل بالشرح، وسأنصت لك. قال الصديق: أولاً أنت تركز على أيام الحرب وبطولاتها وتنقب بحكم تخصصك كأستاذ للدراسات العبرية وكمشارك فى المجهود الحربى عن الوثائق الإسرائيلية لتلتقط منها المعلومات الدالة على حقيقة النصر المصرى وعلى الارتباك الذى وقع فى صفوف القيادة الإسرائيلية، وعلى مدى النجاح الساحق لخطة الخداع الاستراتيجى المصرية التى طبقها السادات بنفسه مع ضباطه كقائد أعلى للقوات المسلحة.

وأضاف الصديق فى حضرة أصدقاء بعضهم ناصرى وبعضهم معارض للناصرية: أما رؤيتى لحرب أكتوبر فتقوم على اعتبارها حرباً متفقاً عليها قبل أن تبدأ بين السادات وهنرى كيسنجر. وأضاف الصديق أنه التقى بصفته الصحفية مع حافظ إسماعيل، مستشار الأمن القومى المصرى فى عهد السادات، وكان اللقاء بعد الحرب ليسأله عن صحة المعلومات التى تناثرت آنذاك والتى تفيد بأن مستشار الأمن القومى الأمريكى هنرى كيسنجر قال لحافظ إسماعيل إن أمريكا لا تستطيع التعامل مع قضية جامدة هامدة، وإن مصر إذا أرادت أن تضع قضية الاحتلال الإسرائيلى لسيناء فى بؤرة الاهتمام فإن عليها أن تحرك الموقف، وهو ما يعنى القيام بعملية عسكرية. قلت للصديق وماذا قال لك حافظ إسماعيل؟ أجاب بأن حافظ إسماعيل أكد له حصول هذا الحديث بينه وبين كيسنجر وأنه عاد وأبلغ الأمر للسادات.

سألت الصديق: وهل تعتبر هذا الكلام من كيسنجر اتفاقاً مع السادات على شن الهجوم. قال الصديق نعم. قلت ولماذا لا تعتبر كلام كيسنجر نوعاً من تسفيه الطلب المصرى قبل الحرب بتحريك الجهود الدبلوماسية لتحقيق الانسحاب الإسرائيلى من سيناء. لماذا يا صديقى وأنت تعلم مدى انحياز كيسنجر لإسرائيل لا تعتبر كلامه لحافظ إسماعيل نوعاً من التعجيز، خاصة أن تصوراته لمصر كانت هى نفسها تصورات إسرائيل، ومفادها أن مصر غير قادرة على شن الحرب، وأن السادات لن يجرؤ على إصدار قرار بهذا لعلمه أنه سيهزم فى الحرب، لأن أمريكا لن تسمح بانتصار السلاح السوفيتى فى يد الجيش المصرى على السلاح الأمريكى فى يد الإسرائيليين، وبالتالى يصبح معنى كلام كيسنجر ''اتلهوا على عينكم''.

صمت الصديق وقال إن رؤيتى لحرب أكتوبر فى سياق التاريخ الاجتماعى والاقتصادى المصرى وفى سياق مسار الاستقلال الوطنى تقوم على أننا بعد الحرب عدلنا السياسات الاقتصادية الاجتماعية الناصرية القائمة على العدالة الاجتماعية، وتم تطبيق سياسات الانفتاح التى أدت إلى إفقار ملايين المصريين. وأضاف أن هذه السياسات مكنت أمريكا من السيطرة على القرار المصرى السياسى وأفقدت مصر استقلالها.

قلت للصديق: دعنى أقُل لك إننى أنتمى فكرياً إلى مدرسة الوطنية المصرية غير المتحزبة لطرف على حساب الآخر. وهنا أقول لك إنك محق فى هذه النقطة وإن واجبنا اليوم بعد ثورة 25 يناير أن نعيد صياغة استراتيجيتنا ورؤيتنا الاقتصادية على أساس يجمع بين إطلاق قوى التنمية وبين تطبيق معايير العدالة الاجتماعية. نعم اعترف لك يا صديقى - هكذا قلت - بأن توقعات جماهير الشعب العريضة التى ضحت بالدم والمال من أجل تحرير سيناء قد خذلتها سياسة الانفتاح التى هشَّمت الطبقة الوسطى التى قامت بالدور الأساسى فى المعركة وأفقرت أبناءها من ضباط وأساتذة جامعات ومهندسين وأطباء وإداريين وغيرهم، وفتحت الباب للكسب الاقتصادى لوظائف من نوع آخر فى السياق الرأسمالى وأطلقت حرية الثراء لطبقة جديدة وسحقت عظام ملايين المصريين.

أضفت قائلاً: نعم أتفق مع الناصريين وأدعمهم فى المطالبة بضرورة استرداد استقلال القرار الوطنى والتخلص من التبعية لأمريكا. ثم استطردت قائلاً: غير أن دعمى لكم فى هذه المسألة لا يعنى بأى حال استعدادى لطمس حقيقة انتصار أكتوبر لمجرد عدم رضائى ورضائكم عن السياسات الاقتصادية الاجتماعية والوطنية للسادات بعد الحرب.

ختمت قولى: أيها الأصدقاء، أرجوكم أن تشاركونى جهود الاحتفال الموضوعى بانتصار أكتوبر وأن تعطوا السادات حقه باعتباره ''روميل المصرى'' الذى خدع كلاً من أمريكا وإسرائيل معاً وأقنعهما بأنه لا يفكر قط فى إصدار قرار الحرب، خوفاً من قوتهما المجتمعة. نعم علينا أيها الأصدقاء أن نحتفل بعيد انتصار الشعب المصرى فى أكتوبر 1973 على قوة إسرائيل وأمريكا، وأن نرد الاعتبار فى هذا العيد للسادات لدوره فى الحرب والعبور، فشعبنا فى حاجة إلى شحن معنوياته بذكريات الانتصار وتجاربه البطولية بقدر ما هو فى حاجة إلى تصحيح سياسات السادات الخاطئة اقتصادياً واجتماعياً. مطلوب أن تكون لدينا رؤية متوازنة لحفظ مصالح مصر العليا.

إعلان